حقوق السادة الخنازير - وائل قنديل - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 9:55 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حقوق السادة الخنازير

نشر فى : السبت 25 أبريل 2009 - 9:19 م | آخر تحديث : السبت 25 أبريل 2009 - 9:19 م

 عرفت مصر فى تسعينيات القرن الماضى مصطلح «الضرب فى سويداء القلب» الذى صكته وزارة الداخلية وهى تخوض معركتها ضد قوى التطرف، وفق استراتيجية توسيع نطاق الضربات مع الإفراط فى استخدام القوة فى سبيل تطهير المجتمع مما اعتبرته بؤر الإرهاب تطبيقا لمواد قانون الطوارئ الوديع اللطيف.

والآن نحن فى مواجهة إرهاب أشد خطورة وفتكا حصد حتى الآن 26 مواطنا ويهدد بتحول فيروس إنفلونزا الطيور إلى وباء وفى عبارة أخرى «جائحة».

وإلى هذه اللحظة لم يختلف فقهاء الصحة كثيرا حول مفهوم الوباء والجائحة، إلا أن الثابت أن ثمة إجماعا على أن أخطر عناصر التهديد بتحول إنفلونزا الطيور إلى «جائحة» وفى قول آخر «وباء» هو وجود أكثر من 300 ألف خنزير فى بر مصر يبدو والله أعلم أنها تتمتع بحصانة لا تمتلك ربعها فئات أخرى عديدة من النخب المصرية، فما بالنا بالعوام من الشعب.

وأدلة حصانة السادة الخنازير فى مصر لا تحصى، غير أن ابتسامتها الواثقة أمام دعوات تخرج من هنا وهناك تلتمس من عظمتها التحرك قليلا خارج النطاق العمرانى، هذه الابتسامة تنم عن إحساس متضخم بالتميز والفوقية وكأنها على يقين بأن حقوقها مصونة ومحترمة أكثر بمراحل من احترام المنظمات الدولية لحقوق الإنسان «العربى».

ويبدو أيضا أن حكومتنا الجسورة الهصورة فى مواجهة احتجاجات شرائح من العمال والموظفين تطالب بأبسط حقوقها فى الحياة، هى ذاتها الحكومة التى تتصرف كـ«نعامة» أمام المطالبات المتعددة بالتصرف فى مزارع الخنازير.

وإذا كان المتاح من المعلومات يشير إلى أن منطقة منشية ناصر المنكوبة بالانهيار الصخرى تستحوذ على 60 ألف خنزير وحدها، فإننا نذكر الحكومة بما فعلته مع سكان المنطقة الذين أجلتهم قسرا وتركتهم أياما وليال فى عراء الشتاء القارس بذريعة الحفاظ على حياتهم ونسألها هل تجرؤ على تطهير المنطقة من هذه الخنازير؟

وإذا كانت تقارير منظمة الصحة العالمية تؤكد أن انتشار مزارع الخنازير يهدد بتوطن فيروس إنفلونزا الطيور بين البشر فماذا ننتظر حتى نلجأ لقانون الطوارئ وسياسة الضرب فى سويداء القلب لحماية المجتمع من إرهاب الخنازير؟

أخشى أن تكون حكومتنا قد أصيبت بفيروس الكيل بمكيالين والمعايير المزدوجة بحيث صارت تتعامل مع ثنائية البشر والخنازير بالمنطق ذاته الذى استخدمته أمريكا فى غزو العراق فقد قتلت القوات الغازية نحو 700 ألف مواطن عراقى لكى تسود مفاهيم الديمقراطية على طريقة جورج بوش وترجمتها العربية الصحيحة «الاستحواذ على أضخم مخزون للنفط فى العالم»، وأخشى أن يكون المنطق هنا «26 وفاة بإنفلونزا الطيور لا تهم مادامت الخنازير بخير».

وائل قنديل كاتب صحفي