كرم.. الكنج - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 7:42 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كرم.. الكنج

نشر فى : السبت 25 أبريل 2015 - 8:55 ص | آخر تحديث : السبت 25 أبريل 2015 - 8:55 ص
  • وصلنا، فى عمود سابق، إلى أن «النبطشى»، ليس مهنة الرجل المهياص فى حفلات الزواج وحسب، بل أسلوب حياة يعتمد على الضجيج والمغالاة، والواضح أن النزعة النبطشية انتقلت إلى الأفلام السينمائية، فبعد الظهور اللافت، الخلاب، لماجد الكدوانى، مجسدا تلك الشخصية، فى «الفرح»، أعاد محمود عبدالمغنى، بمهارة، تقديمها فى «النبطشى»، حيث أصبح بطلاً مطلقاً.. ومع «كرم الكنج»، بدا واضحا أن النبطشية باتت تهيمن على لغة الفيلم، جملة وتفصيلاً.

 

مع اللحظات الأولى، حتى النهاية، ينطلق علينا وابل من الموسيقى الصاخبة العالية، وضعها، أو اختارها إن شئت الدقة، صاحب اسم جديد ــ غاندى ــ لا علاقة له بخصال الزعيم الهندى الكبير، المهاتما، المشهود له بالتقشف، والهدوء، فهنا، طوفان الموسيقى يغرق صالة العرض، تمتزج بالصراخ والعويل، تصاحب بدقات طبولها اللكمات والشلاليت، ترتفع مع راقصات الشوارع والملاهى الليلية، وهى فى هذا تستلهم دور «النبطشى»، المنوط به تسخين أجواء الأفراح، وعدم ترك فرصة التقاط الأنفاس عند الحاضرين.

يأتى أداء معظم الممثلين، مشابها لتورم الموسيقى، فبعد عدة لقطات جيدة، تستقبل فيها الكاميرا، من موقع منخفض، بطلنا، محمود عبدالمغنى، بوجهه الشعبى، طويلا، نحيلا، أقرب للفهد، يندلع الصراع بينه وتاجر المخدرات العتيد، منذر رياحنة، بسبب التنافس على فاتنة الحارة، ريهام حجاج.. فى فرح سوقى، من النوع الذى أصبحت أفلامنا تهيم به، وفى حضور رياحنة، يعتلى عبدالمغنى خشبة المسرح البدائية، بين العازفين، والمغنى الشعبى والراقصات، ليطلق عقيدته بموجات متلاحقة من الكلام، ولا تفوته بعض الحنجلة، كأنه يذكرنا بدور «النبطشى»، فى الفيلم المسمى بذات الوصف، ويتعمد توجيه إهانات مبطنة لغريمه الذى تصله الرسالة، ينهض، يعتلى خشبة المسرح ليقوم بدور النبطشى الضد، والطريف، أن مخرجنا، حازم فودة، المستسلم لتقاليد «الفيديو كليب»، يدفع بطلته، مع قريبتها، للرقص فى الشرفة، باندماج كامل، لا يقطعه إلا عندما يقع نظر عبدالمغنى عليها، بين الحين، والحين.

الغريمان، فى مدخل الحارة، تدور بينهما معركة بدنية، كأنها بين فيل ونمر، يكاد ينتصر فيها الفيل، الأضخم، والأثقل، رياحنة، لكن النمر، الأسرع، يعاجله بضربة مدوية، فى وجهه، تلقيه جريحا، وليس قتيلا، وها هو المضروب، فى موقف غير مسبوق، يقوم بخياطة خده المشقوق، بنفسه.

منذر رياحنة، صاحب حضور قوى، بوجهه المحدد القسمات، الأميل إلى البياض، وشعره الناعم، وصوته الواضح النبرات.. شاء فى هذه المرة، مع صناع الفيلم، أن يجسد شخصية شديدة المحلية: صعيدى، لم يغير لهجته، برغم حياته الطويلة فى المدينة.. لكن المشكلة تكمن فى التناقض بين إيغال لهجته فى جنوبيتها، وملامحه التى تؤكد أنه من أبناء المدن.

فيما يشبه الحلقات المتصلة، المنفصلة، يتابع كاتب السيناريو، ياسر عبدالباسط، جولات المطاردات بين القطبين، منذر وعبدالمغنى، وفى كل حلقة، تدخل عناصر جديدة: الصداقة الحميمة بين عبدالمغنى واثنين من خلصائه، عمله فى ملهى ليلى، وهى فرصة تقديم رقصة مع أغنية شعبية، ولأنه أصلاً خبير مخدرات حشيش، يعرف من شمة واحدة وقضمة فتفوتة ما هى مكوناتها، ومن أين جاءت، لذا يصبح مستشارا لمدير الملهى، بعد أن كان الذواقة عند منذر رياحنة.. وفى حلقة أخرى، أو جزء تالٍ يستدعيه ضابط مباحث نزيه طالبا التعامل معه، ثم يعثر على أوراق خطيرة لأحد المسئولين الكبار، يطلب مليون جنيه مقابل تسليمها. وبرغم انغماسه فى هذه الشرور، يثأر منذر رياحنة لطهارته، ويظل على بكارته من أجل حبيبته، ريهام حجاج، الرافضة، وبينما الجثة مطروحة أرضا، ينطلق بطلنا فى وصلة نبطشية يعاتب ويؤنب أهل الحارة على الخصال السلبية، الذين عليهم أن يقفوا فى وجه الأشرار. وبينما ينضم البعض له، يواصل ملء الأجواء بالكلام لينتهى الفيلم.. «كرم الكنج» ينتمى لمدرسة «النبطشية».

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات