نصدر الإرهاب والتطرف والقتل - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 8:12 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نصدر الإرهاب والتطرف والقتل

نشر فى : السبت 26 مارس 2016 - 9:50 م | آخر تحديث : السبت 26 مارس 2016 - 9:50 م
«العنف والإرهاب والتطرف» تلك هى أبرز ما نساهم به نحن العرب والمسلمين الآن فى الحضارة الإنسانية العالمية.

الإسلام دين عظيم جدا، ودين السلام والمحبة والتسامح، لكن بعض المسلمين اختطفوا هذا الدين وأساءوا إليه بصورة لا يستطيع أن يفعلها أعدى أعدائه حتى لو أنفقوا كل ما يملكون من مال وجهد.

أكتب هذه الكلمات، وأنا أتابع ردود الفعل المتوالية فى أوروبا والغرب والعالم على التفجيرات الإرهابية التى ضربت بلجيكا يوم الثلاثاء الماضى خصوصا فى مطار بروكسل ومحطة للمترو بعاصمة الاتحاد الأوروبى، وأدت إلى مقتل ٣٤ شخصا وإصابة المئات.

منذ اخترعت أمريكا حكاية «المجاهدين» فى أفغانستان عام ١٩٧٩، وهم الذين تحولوا لاحقا إلى القاعدة ثم داعش الآن، فإن صورة العرب والمسلمين ارتبطت إلى حد كبير بالعنف والإرهاب فقط.

فى ١١ سبتمبر ٢٠٠١ دمر ١٩ مسلما معظمهم من العرب خصوصا الخليج برج التجارة العالمى فى نيويورك، وهاجموا مبنى وزارة الدفاع، وبعدها حل الإسلام محل الشيوعية كعدو رسمى معتمد للغرب.

هذا الأمر روجت له إسرائيل ودوائرها فى الغرب وسعت إليه بقوة، لأنها المستفيد الأول والرئيسى منه. لكن للموضوعية فإن إسرائيل ما كانت لتستفيد من ذلك، إلا بسبب «خيبتنا الكبرى».

بعد أن نفذ المتطرفون هجمات سبتمبر صارت إجراءات السفر فى المطارات شديدة الصعوبة، وحتى «الملاعق والشوك والسكاكين» صارت فى معظمها بلاستيكية وليست حديدية خوفا أن يصاب راكب بالجنون ويقتحم قمرة القيادة ويقتل قائد الطائرة لإسقاطها.

كنا نعتقد أن ذلك هو نهاية المطاف حتى تم ضبط أحد أنصار القاعدة وهو يخبئ بودرة متفجرات فى حذائه فى أحد المطارات، ومن يومها صارت مطارات كثيرة تجبر الركاب على خلع أحذيتهم لتفتيشها. بل إن ذلك تسبب فى أزمات دبلوماسية بين الولايات المتحدة وبلدان أخرى عندما تم إجبار زوجة الرئيس التايوانى على خلع حذائها وتفتيشها ذاتيا، وكذلك وزيرة يمينية سابقة. بعدها صارت معظم السوائل ممنوعة فى حقائب السفر خوفا من تحويلها إلى تركيبات كيميائية قابلة للتفجير.

والمؤكد أن كل شخص يتعرض لمثل هذه المواقف المحرجة لا يملك إلا أن يدعو على التطرف والمتطرفين المسلمين!.

وعندما وقعت انفجارات باريس فى أواخر العام الماضى، على يد مجموعة من العرب والمسلمين المقيمين فى أوروبا، بدا البعض يتحدث عن ضرورة إسقاط الجنسية عن هؤلاء ووقف دمجهم فى المجتمعات الأوروبية، لأن كل مواطن أوروبى اصلى صار يرى فى جاره العربى أو المسلم مشروع إرهابى محتمل.
وقبل أيام وعندما وقعت تفجيرات بروكسل، بدا البعض يتحدث عن ضرورة إسقاط الجنسية عن هؤلاء العرب والمسلمين، بل وطردهم تماما.

رئيس الوزراء الأسترالى مالكولم تورنبول طالب أوروبا بإعادة النظر فى اتفاقية شينجين التى تتيح حرية التنقل بين كل بلدان أوروبا، لأنها من وجهة نظره «سمحت بالانفلات الأمنى»!. قبلها بقليل ونتيجة مشاركة بعض اللاجئين العرب فى تفجيرات باريس الماضية، بدأت البلدان الأوروبية ترفض استقبال المزيد من اللاجئين وتقول هل جزاء استقبالنا لكم هو هذه الدماء؟!

وزير الداخلية الألمانى قال عقب تفجيرات بروكسل إن المستهدف هو حرية التنقل فى أوروبا، لكن الكثير من الكتاب والمعلقين فى أوروبا قالوا إن هدف الهجمات أكبر من ذلك ويستهدف جوهر القيم الأوروبية المتمثل فى التسامح والاندماج والديمقراطية.

مرة أخرى المتطرفون يسيئون للإسلام أكثر مما يسيئون لأوروبا والعالم، وضحاياهم من العرب والمسلمين سواء بالقتل والإصابة والتشريد والتهجير بالملايين.. لكن للأسف جعلوا صورتنا فى كل العالم مرادفة للقتل والخراب والرعب.

صارت تلك هى بضاعتنا الوحيدة التى نجيد إنتاجها وتصديرها، بينما الكيان الصهيونى المتخصص فى إرهاب الدولة لا يحاسبه أحد، والآن يضع ساقا فوق ساق وهو يبتسم ويشاهد هذا القدر غير المسبوق من الغباء والتخلف والجهل والعنف والتطرف المنتشر فى معظم البلدان الإسلامية.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي