150 دقيقة فى وسط البلد - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:19 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

150 دقيقة فى وسط البلد

نشر فى : الثلاثاء 26 أبريل 2016 - 9:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 26 أبريل 2016 - 9:50 م
فى الرابعة عصر الاثنين كنت فى جريدة «الشروق» أتابع مع زملائى تجهيز الطبعة الأولى من الجريدة، وقتها جاءنا اتصال بأن الزميلين فى الجريدة أحمد البردينى ومحمد مجدى قد تم إلقاء القبض عليهما أثناء قيامهما بواجب التغطية الصحفية للتظاهرات التى دعا لها بعض النشطاء، احتجاجا على الاتفاق الذى تخلت بموجبه مصر عن جزيرتى تيران وصنافير للسعودية.

حاولت الاتصال بإدارة العلاقات العامة بوزارة الداخلية، لكن معظم الهواتف مغلقة أو لا ترد. الزميل الذى أخبرنا بالنبأ، قال لنا: إنهما محتجزان فى مدخل عمارة قرب ميدان طلعت حرب، نزلت من الجريدة فى جاردن سيتى سيرا على الأقدام بصحبة أربعة من الزملاء.

طوال الطريق كان يمكن بسهولة اكتشاف أن الشرطة تسيطر على كل شىء فى الشوارع، هناك شرطة ظاهرة بالزى الرسمى، وأخرى كثيرة يمكنك أن تتعرف عليها بسهولة من أول نظرات الأعين، ونهاية بالملابس المدنية، التى تم ارتداؤها على عجل.

لم يتم السماح لنا بدخول شارع طلعت حرب من ميدان التحرير، وأجبرنا على المرور من حوارى كثيرة متفرعة من شارع محمد محمود باتجاه شارع التحرير، ومنه إلى شارع فرعى يقود إلى شارع طلعت حرب.

وصلنا الميدان وقابلنا لواء ومعه عميد وعقيد بابتسامات ودودة ونفوا تماما معرفة أى شىء، مؤكدين أن التعليمات لديهم عدم القبض على أى صحفى أو محامٍ.

عبرنا الميدان باتجاه شارع عبدالخالق ثروت، الذى تم إغلاقه من بدايته فى شارع رمسيس وحتى تقاطعه مع شارع شامبليون، لمنع وصول أى متظاهر إلى نقابة الصحفيين.

سألنا الضباط هناك فنفوا معرفتهم بأى شىء، وعندما عرفنا أن عملية القبض تمت أمام أحد محلات الحلويات الشهيرة بطلعت حرب، عدنا مرة أخرى، فلم نجد أحدا.

فى رحلة البحث عن الزميلين كان يمكن رؤية العشرات من الراغبين فى التظاهر، لكنهم يخشون القبض عليهم. كانت هناك «سيدة مستبيعة» تهتف ضد الشرطة والجيش والحكومة والرئيس، عجبت لأمرها، فقال لى أحد الزملاء: «ربما كان لها ابن أو زوج مقبوض عليه أو قتل فى حوادث السنوات الماضية». كانت هناك فتاة أخرى تهتف ضد الرئيس، وعندما اقترب منها أفراد الشرطة قلبت الهتاف فورا إلى «سيسى.. سيسى» مستخدمة مبدأ التقية من أجل أن تنجو بنفسها!!

فجأة رأيت أكثر من مائة شخص كانوا يتفرجون فى الشارع يتحولون إلى متظاهرين محترفين، يهتفون «عيش.. حرية.. الجزر دى مصرية».

ظلوا يهتفون بحماس وبحرقة، إلا أن ظهرت طلائع الشرطة، وزئير سياراتها، فتفرق الجميع بنفس الحماس فى ممرات وحوارى وسط البلد.

ونحن نبحث عن الزميلين كنا نقابل عشرات الناشطين الباحثين عن «خرم إبرة» يتظاهرون منه، دون جدوى. قابلت معارف كثيرين أو شبابا تعرفوا علىَّ، وسألونى بحسرة: هل يجوز ذلك، هل يسمح لفئة أن تهتف بأن الجزر غير مصرية، ولا يسمح لنا أن نعبر عن رأينا بسلمية؟!

الأمن سيطر باقتدار على منطقة وسط البلد، والمتظاهرون نزلوا بالفعل، لكنهم لم يتمكنوا من التجمع إلا لدقائق خاطفة، والكثير من الناس كانوا يتفرجون أو غير مكترثين، وبعد ساعتين ونصف الساعة من اللف والدوران فى شوارع وحوارى وسط البلد، وسؤال الجميع من عساكر إشارات المرور إلى لواءات الشرطة الكبار، والتواصل مع ضباط الشرطة ونقابة الصحفيين، تم الإفراج عن الزميلين، لكن بعد أن تم تعطيلهما عن أداء عملهما، وفقد أحدهما، وهو أحمد البردينى هاتفه المحمول، الذى صادرته الشرطة فى البداية، ولم يجده إلا بعد ساعات.

غادرت وزملائى المنطقة تماما.. لكن المشاعر المحتقنة فى صدور بعض الشباب ستجد طريقها للتنفيس.. والأفضل أن يكون ذلك بصورة سلمية.. فهل من طريق لذلك؟!
عماد الدين حسين  كاتب صحفي