فلسطين والاتّحاد الأوروبى... شراكة إستراتيجيّة أم علاقة سياسيّة عابرة؟ - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 9:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فلسطين والاتّحاد الأوروبى... شراكة إستراتيجيّة أم علاقة سياسيّة عابرة؟

نشر فى : الثلاثاء 26 مايو 2015 - 9:35 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 26 مايو 2015 - 9:35 ص

نشر موقع المونيتور الإخبارى مقالا للكاتب أحمد ملحم يحال من خلاله تحديد شكل وطبيعة العلاقة بين السلطة الفلسطينية والاتحاد الأوروبى، مشيرا فى غير موضع إلى تصريحات المسئولين فى فلسطين ومواقف دول الاتحاد الداعمة للقضية الفلسطينية الاعتراف بفلسطين كدولة. ويبدأ ملحم حديثه بمشاركة الفلسطينيين مكتب الاتحاد الاوروبى فى فلسطين الاحتفال بيوم أوروبّا

العالمى فى 7 مايو، حيث افتتح رئيس الحكومة فعاليات الاحتفالات، التى تضمنت معرضا لمشاريع يمولها الاتحاد الاوروبى فى القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، وهى خطوة يريد منها الفلسطينيون تعزيز علاقتهم مع الاتحاد الاوروبى. وبعد أيام جاء اعتراف الفاتيكان بدولة فلسطين فى 13 مايو، ضمن توقيع السلطة الفلسطينية والفاتيكان اتفاقية «مسودة العلاقة مع الكرسى

الرسولى» والتى تتيح تنظيم الفاتيكان لأنشطة الكنيسة فى المناطق التى تسيطر عليها، وتمثّل اعترافا رسميّا بدرجة أكبر بفلسطين، ليثير النقاش حول طبيعة العلاقة القائمة بين فلسطين والاتّحاد الأوروبيّ.

وفى هذا السياق بيّن ملحم ما قاله رئيس الوزراء الفلسطينيّ رامى الحمد الله فى احتفال بيوم أوروبّا العالميّ فى 7 مايو فى رام الله، حيث وصف العلاقة مع الاتّحاد الأوروبيّ بـ«التاريخيّة»، مشيرا إلى«إنّه شريكنا الاستراتيجيّ والأساسيّ فى مسيرتنا نحو الحريّة والاستقلال وإقامة الدولة»، وأنّ «الفلسطينيّين يتطلّعون إلى المزيد من الاعترافات بدولة فلسطين المستقلّة من دول أوروبّا».

•••

ويوضح ملحم أن المفوضية الأوروبية افتتحت مكتبها فى الضفة الغربية وقطاع غزة فى العام 1994 عقب توقيع اتّفاقيّة أوسلو والتى شملت دعم الاتّحاد للسلطة ماليّا، وبعد ذلك دوره السياسيّ فى ملف عملية السلام كعضو فى الرباعيّة الدوليّة، لم يغفلها ممثّل الاتّحاد الأوروبيّ فى فلسطين جون جات روتر الذى أكّد أنّ«الاتّحاد الأوروبيّ الشريك والداعم الأكبر

لفلسطين، سيتسمرّ فى دعمه الشعب الفلسطينيّ فى مختلف المجالات، وعلى رأسها إقامة الدولة الفلسطينيّة فى إطار حلّ الدولتين، وعبر المفاوضات المباشرة بين فلسطين واسرائيل».

وعلى الرغم من إصرار الاتّحاد الأوروبيّ على أن تكون المفاوضات المباشرة هى الطريق لتجسيد حلّ الدولتين، واشتراطه اعترافه بالدولة الفلسطينيّة، باعتراف كلّ دولة عضو فيه فى شكل فرديّ، إلّا أنّ السلطة تسعى إلى الحصول على موقف متطوّر من الدول الأعضاء كاعتراف السويد بدولة فلسطين فى 30 أكتوبر الماضى.

ويكشف ملحم عن تصريح لمصدر فى وزارة الخارجيّة الفلسطينيّة بأن «هناك تطوّر فى الموقف الأوروبّى تجاه فلسطين، ونطمح أن يزداد إيجابيّة»، متوقّعا أن تشهد الأسابيع المقبلة «مواقف وقرارات أوروبيّة ضدّ إسرائيل على الصعيدين الدبلوماسيّ والاقتصاديّ، وكذلك ضدّ الاستيطان».

من جانبه، قال رئيس دائرة العلاقات الدوليّة فى منظّمة التحرير غسّان الشكعة إنّ«المواقف الأوروبيّة تجاه الفلسطينيّين ناتجة عن تغيّر النظرة الأوروبيّة إليهم بسبب عمل الدبلوماسيّة الفلسطينيّة، وإطّلاع الأوروبيّين على ما ترتكبه إسرائيل من انتهاكات خاصّة فى مجالى الاستيطان، والعدوان على غزّة». مضيفا «نحن لا نطلب من الأوروبيّين الانحياز إلينا، وإنّما الانحياز

إلى القيم التى يؤمن بها الاتّحاد الأوروبّى، والتى ترجمت فى اعتراف بعض البرلمانات الأوروبيّة بدولة فلسطين، ومقاطعة منتجات المستوطنات».

وأن«الفلسطينيّين يقيّمون اعتراف البرلمانات الأوروبيّة كـ«تغيّر نوعيّ يحتاج إلى دعم عبر حثّ البرلمانات حكوماتها على تنفيذ اعترافها بدولة فلسطين، التى قد تحدث فى الزمن القريب».

وتأتى التقديرات الفلسطينيّة، بعد أيّام من قرار الحكومة الهولنديّة بـ«وقف دفع مخصّصات اليهود الناجين من النازيّة ويسكنون فى المستوطنات» فى 11 مايو الحالى، فى حين ذكرت صحيفة معاريف الإسرائيليّة فى 15 مايو الحالى أنّ «الاتّحاد الأوروبّى سيتّخذ الشهر المقبل قرارات حاسمة حول الصراع الإسرائيليّ ــ الفلسطينيّ»، من بينها سحب الجنسيّات الأوروبيّة

من ساكنى مستوطنات الضفّة الغربيّة، فى وقت تزداد الخلافات الفرنسيّة الإسرائيليّة حول مبادرة باريس المتعلّقة بالقضيّة الفلسطينيّة.

من جهة أخرى يشير ملحم إلى ما اقترحه وزير الخارجية الفرنسية هذه المبادرة وينوى تقديمها لمجلس الأمن لكنها لا زالت فى مراحلها الاولى، تتضمن مبادئ لحل الصراع الفلسطينى الاسرائيلى، على أساس حدود الرابع من يونيو 1967، مع تبادل أراض، وجعل القدس عاصمة للدولتين، وصياغة معينة للاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، وتحديد جدول زمنى لإنهاء

المفاوضات، وتشكيل لجنة سلام دولية.

ويبين أحد المصادر فى مكتب الاتّحاد الأوروبّى أنّ «الاتّحاد الأوروبّى ليس لديه الصلاحية للاعتراف بالدولة الفلسطينيّة، لأنّه يطبّق ما تتّفق عليه الدول الأعضاء بالإجماع، ممّا يعنى أنّ الخطوة الأولى يجب أن تكون اعتراف كلّ الدول الأعضاء فى الاتّحاد الأوروبّى بدولة فلسطين فى شكل فرديّ كما فعلت السويد».

وحول الموقف المستقبليّ للاتّحاد من فلسطين واستمرار الدعم لها، يشير ملحم إلى ما جاء على لسان أحد مسئولى مكتب الاتحاد بأن «هناك مجموعة خطوط حمراء لدى الاتّحاد الأوروبّى، قائمة على دعم الاتّحاد مبدأ حلّ الدولتين، لكن إذا واصلت إسرائيل سياستها بما يمنع عمليّا إمكان حلّ الدولتين، فإنّ الاتّحاد سيتّخذ مواقف حاسمة، فى ظلّ ارتفاع وتيرة النقاش بين

السياسيّين والبرلمانيّين ودافعى الضرائب الأوروبيّة، حول جدوى استمرار الاستثمار بدعم بناء مؤسّسات الدولة الفلسطينيّة التى لن ترى النور، وهذه أيضا رسالة إلى إسرائيل».

•••

ويكشف ملحم عن تشكيك المحلّلون فى جديّة الاتّحاد الأوروبّى وقدرته على اتّخاذ قرارات مهمّة فى الملفّ الفلسطينيّ، إذ قال المدير الإقليميّ السابق لمجلس العلاقات الأوروبيّة الفلسطينيّة رامى عبده أنه «لا يمكن وصف العلاقة بين فلسطين والاتّحاد الأوروبيّ بالاستراتيجيّة، نظرا إلى الانسجام والعلاقة القويّة اللذين يربطان الاتّحاد ودولة إسرائيل، ويصلان أحيانا إلى

التغطية على جرائمها ضدّ الفلسطينيّين».

وأضاف عبده الذى يرأس حاليّا مركز الأورومتوسّطيّ لحقوق الإنسان، ومقرّه جنيف:«اتّخذ الاتّحاد الأوروبيّ مواقف إجابيّة فى الفترة الأخيرة، لكنّ سببها لا يعود إلى تغيّر سياسته، بل ربّما إلى فظاعة الجرائم الإسرائيليّة ضدّ الفلسطينيّين من جهّة، ومن جهّة أخرى غضبه من إسرائيل التى أدارت ظهرها إلى المبادرة الأوروبيّة لإطلاق عمليّة السلام، وتبنّت مبادرة وزير

الخارجيّة الأمريكيّ جون كيرى، ممّا أفشل جهودها فى أن تكون لاعبا سياسيّا فى الملفّ الفلسطينيّ».

وأشار عبده إلى أنّ«موقف الاتّحاد الأوروبّى حتّى اللحظة لا يرقى إلى تطلّعات الشعب الفلسطينيّ الذى يأمل منه لعب دور محايد لا ينحاز إلى طرف على آخر، بل ينحاز إلى قيم العدالة والحقّ، والتوقّف عن تبنّى سياسة ناعمة تجاه الاحتلال وانتهاكاته، والذى يتجسّد من خلال صمت الاتّحاد الأوروبّى عن تدمير إسرائيل عشرات المشاريع الاقتصاديّة التى يموّلها فى

مناطق ج».

وفى السياق نفسه، قال أستاذ العلوم السياسيّة فى جامعة بيرزيت ومدير المركز الفلسطينيّ لدراسات الديمقراطيّة جورج جقمان إنّ «مقدرة الدول الأوروبيّة على إحداث فارق جوهريّ فى الصراع الفلسطينيّ ــ الإسرائيليّ فى اتّجاه الحلّ محدودة جدّا، بعدما تمّ احتكار هذا الأمر من قبل أمريكا وإسرائيل التى ترفض أيّ دور فاعل للدول الأوروبيّة». مضيفا: «لا توجد

مؤشّرات إلى علاقة استراتيجيّة بين فلسطين والاتّحاد الأوروبّى، لأنّ المساعدات الماليّة التى يقدّمها الاتّحاد الأوروبّى هى لأسباب سياسيّة، حيث تبقى السلطة الفلسطينيّة غير مفلسة من ناحية ماليّة، لكنّه فى المقابل يفتقد إلى قدرات فى الضغط على إسرائيل».

وأوضح جقمان أنّ «دول الاتّحاد الأوروبّى تجد صعوبة فى الاتّفاق على سياسة خارجيّة واحدة، فى ظلّ وجود نفوذ لإسرائيل على بعضها واختراق لأخرى، إلى جانب وجود اللوبيات اليهوديّة فى أوروبّا التى تمارس الضغوط على السياسيّين والبرلمانيّين ووسائل الإعلام».

ويختتم ملحم مقاله بأن السلطة الفلسطينية تولى أهمية كبرى لعلاقتها بدول الاتحاد وتراهن على الاتحاد الأوروبى لتحقيق إنجازات سواء فى استكمال بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية من خلال المساعدات المالية المقدمة لها، أو على المستوى الدبلوماسى والسياسى الذى يعطى زخما لفلسطين وهذا يتمثل فى اعتراف البرلمانات الاوروبية لدولة فلسطين وكذلك استمرار

مقاطعة منتجات المستوطنات فى دول اوروبا.

التعليقات