معاقبة المرتشين بأثر رجعى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:07 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

معاقبة المرتشين بأثر رجعى

نشر فى : الجمعة 26 مايو 2017 - 9:50 م | آخر تحديث : الجمعة 26 مايو 2017 - 9:50 م

جيد أن تبدأ الحكومة وسائر أجهزتها فى إزالة التعديات على أراضى الدولة تنفيذا لطلب رئيس الجمهورية بإتمام هذه المهمة فى موعد أقصاه نهاية هذا الشهر. أى متر أرض أو قيراط أو فدان كان مغتصبا ومعتدًى عليه يعود لملكية الدولة أمر طيب.
لكن ونحن نتحدث عن إعادة حقوق الدولة علينا أن نسأل بعض الأسئلة البسيطة والصعبة فى الوقت نفسه، السؤال الجوهرى هو: هل عملية الاعتداء على أرض الدولة كانت ذات اتجاه واحد أم أنها فى كثير من المرات تضمنت بجانب المعتدى والمغتصب طرفا ثانيا أصيلا هو المسهل أو المتواطئ؟!
إذا كان السؤال غامضا أسارع بالتوضيح: فى كل عملية فساد واعتداء على أراضى الدولة كان هناك طرفان الأول معتدى والثانى مسهل، وعلى سبيل المثال نحن مازلنا نتذكر القصة التى تورط فيها محافظ الجيزة الأسبق ماهر الجندى فى التسعينيات من القرن الماضى وبالطبع نتذكر أكثر القصة التى تورط فيها وزير الزراعة الأسبق صلاح هلال بتسهيل حصول رجال الأعمال أيمن الجميل على مساحات شاسعة من أرض الدولة.
إذا كانت العدالة قد تمكنت من اصطياد الجندى قبل عقود وهلال قبل شهور، فهل يمكن الوصول إلى الحيتان الكبيرة التى سهلت للصوص المال العام وأراضى الدولة، كى يتم القصاص منهم؟!
الثروات الكبرى للمصريين فى السنوات الأخيرة جاءت عبر أراضى الدولة خصوصا الصحراوية والمستصلحة. قبل ثورة يوليو ١٩٥٢ كان الإقطاع فى الأراضى الزراعية بالوادى والدلتا، الآن الإقطاع فى الأراضى الصحراوية.
لا أقصد بحق الدولة أن تصل إلى الموظف البسيط الذى حصل على عمولة أو إكرامية تبدأ من مائة جنيه وتصل إلى ألف جنيه مثلا نظير استخراج ورقة أو وضع الختم عليها!.
أتحدث عن الحيتان الكبار خصوصا فى الهيئات المختلفة بوزارة الزراعة وكل هيئة ومؤسسة رسمية ساهمت فى وضع يد الكبار على ملايين الأفدنة من أراضى الدولة والتى يقدرها البعض بثلاثة ملايين فدان، لو عاد نصفها فقط أو تم تسوية وسداد حق الدولة لتم حل معظم مشاكل مصر، ولتحققت العدالة الاجتماعية أو الجزء الأكبر منها!
قد يسأل البعض وكيف يمكن استعادة هذاالحق من الذين تواطَئُوا وسهلوا سرقة أراضى الدولة؟!
الأمر بسيط.. أولا يمكن العودة إلى التواريخ ومتى تم سرقة هذه الأراضى أو وضع اليد عليها، ومن الذى وضع توقيعه على الأوراق المضروبة، أو حتى الأوراق السليمة، لكن بأموال قليلة جدا سمحت للبعض بشراء فدان الأرض بأقل من مائة جنيه لاستصلاحها تمهيدا لزراعته، ثم جرى تحويل النشاط إلى سكنى وبيع المتر الواحد بأكثر من ألفى جنيه خصوصا على طريق مصر الإسكندرية الصحراوى.
ربما أيضا فى اللحظة التى سيضطر فيها كبار الحيتان إلى تسوية أوضاعهم أو تسديد مستحقاتهم، قد يعترفون بالذين سهلوا لهم الأمر. خصوصا أن هذه الأموال والإكراميات غير مسجلة رسميا.
قد يتهمنى البعض بعد قراءة السطور السابقة بأننى أحمل روحا انتقامية؟! الأمر ليس كذلك، على الرغم من أن هذا الموقف يتطلب روحا انتقامية من أولئك الذين ساهموا فى سرقة أراضى الدولة. الانتقام ليس سيئا دائما. لكن الهدف الرئيسى من هذا الاقتراح هو توجيه رسالة مهمة وحاسمة ورادعة لكل من يفكر فى التواطؤ على حق الدولة وحق الغلابة ويبيع أراضيها وثرواتها لكبار الفاسدين أو من دون وجه حق أو بأقل من قيمتها.
لو حدث هذا الأمر، سوف يرتدع الكثيرون، خصوصا إذا تم اصطياد ومعرفة كبار المسئولين السابقين أو الحاليين الذين تورطوا فى هذا الأمر.
إذا كانت الحكومة قد قبضت على وزير فى ميدان التحرير بعد خروجه بدقائق من مجلس الوزراء، وحبسته وحاكمته وأدانته، فما الذى يمنعها من تكرار نفس الأمر وبالقانون مع المرتشين وبأثر رجعى؟!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي