سماء القاهرة.. وسماء فرانكفورت - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 5:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سماء القاهرة.. وسماء فرانكفورت

نشر فى : الجمعة 26 يونيو 2015 - 11:20 ص | آخر تحديث : الجمعة 26 يونيو 2015 - 11:20 ص

فى العاشرة إلا عشر دقائق من صباح الأحد الماضى أقلعت طائرة شركة مصر للطيران من مطار القاهرة فى طريقها إلى مدينة فرانكفورت الألمانية. بمجرد الارتفاع قليلا يمكن للراكب ان يرى صورة بانورامية. للقاهرة أو جزءا معتبرا منها. فماذا رأيت فى هذا الصباح؟.

الصورة العامة مكفهرة وعابسة، غابة الأسمنت تحجب ما بقى من جمال فى هذه المدينة التى كان يضرب بها المثل فى يوم من الأيام، نسبة الخضرة قليلة للغاية، واللون الأصفر الكالح هو الغالب.

لا يوجد ادنى تناسق بين البيوت. لأن كل شخص كان ولا يزال قادرا على ان يفعل ما يشاء، طالما انه يستطيع الدفع أو له واسطة كبيرة فى الحى أو جهاز المدينة أو فى أى جهة ذات حيثية.

اسطح المنازل كارثة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. القمامة والمخلفات والكراكيب وفوضى اطباق الدش تغطى كل الأسطح وتصفع كل عين تبحث عن راحة أو لمحة من جمال. التنافر بين ارتفاعات المبانى يكشف عن جريمة المحليات الكبرى فى حق هذا الوطن وهى جريمة سوف نظل ندفع ثمنها عشرات السنين للأسف. نفس الأمر ينطبق على مساحات الشوارع التى تتسع حينا وتضيق فى معظم الأحيان.

فى الثانية ظهرا كانت الطائرة تجتاز الغيوم والسحب وتقترب من الهبوط فى مطار فرانكفورت.

المشهد مختلف تماما والخضرة تغطى كل جزء فى المدينة.

الشوارع منظمة ومعظمها مستقيم، الارتفاعات متساوية لأن عمدة فرانكفورت أو رئيس مجلسها المحلى لا يمكنه ان يجامل ابن اخته أو رجل الأعمال الفلانى أو حتى يجامل نفسه!!.

هبطنا فى المطار ــ الذى اعتقد انه واحد من اكبر المطارات فى العالم ــ ثم خرجنا منه فى وقت قياسى، كان مفترضا ان نستقل قطارا إلى مدينة بون فى الثالثة وتسع دقائق، وكعادة المصريين «نكتنا» وسخرنا من الألمان الذين يحسبون الأشياء بالفيمتوثانية أو «السنتوفة»، عندما وصلنا إلى الرصيف كانت الساعة الثالثة وعشر دقائق، تأخرنا دقيقة واحدة، ورأينا القطار يتحرك من امامنا واضطررنا إلى انتظار القطار التالى بعده بنحو نصف ساعة.

المسافة من فرانكفورت حتى بون يقطعها القطار فى سبع وثلاثين دقيقة كما هو مكتوب فى الإرشادات التى تلقيناها فبل السفر. على جانبى الطريق مشهد لا نهائى من الخضرة، اشجار اشكال والوان والأمطار لا تتوقف عن الانهمار، مروج رائعة، وبيوت منسقة ومطلية بألوان مبهجة تجعلك تردد سبحان الله فى كل ثانية.

وصلنا إلى بون وهى مدينة صغيرة جدا وهادئة للغاية تم اختيارها خصيصا لتكون عاصمة لألمانيا الغربية بعد التقسيم عام ١٩٤٥، كى لا تتحول إلى عاصمة دائمة وبالتالى سرعة العودة إلى العاصمة التاريخية وهو ما تحقق بعد انهيار جدار برلين عام ١٩٨٩ ثم الوحدة فى العام التالى.

الجامعة مكون اساسى فى بون، وبعد الوحدة فإن القصور الفخمة على نهر الراين، التى كانت سفارات أو بيوت للدبلوماسيين، تحولت إلى مصايف وجزء كبير منها صار مملوكا لأثرياء من الخليج.

شواطئ النهر نظيفة والمياه صافية فعلا والقصور والقلاع المبنية على الجبال الخضراء المحيطة بالنهر لا يمكن وصفها. والخضرة اللانهائية مع نهر الراين والامطار المستمرة والبيوت الملونة المتناسقة تصنع لوحة بديعة تجعلك تظن انك تعيش فى عالم من الخيال.

بطبيعة الحال لن تجد امرأة ألمانية تغسل الحلل والملابس على ضفة النهر، كما يحدث فى بعض قرى الجيزة، ولن تجد جاموسة تشرب من الراين كما يحدث فى بعض قرى بنى سويف، ولن تجد الصرف الصحى يصب فى النهر، كما يحدث فى معظم قرى الوجه البحرى عندنا.
بلاش نقارن لأن الأمر صعب والواقع شديد الاختلاف، المهم ان نتعلم من غيرنا ونبدأ فى تصحيح عيوبنا.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي