مسلسل نهري - كمال رمزي - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 12:02 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مسلسل نهري

نشر فى : السبت 26 سبتمبر 2009 - 9:31 ص | آخر تحديث : السبت 26 سبتمبر 2009 - 9:31 ص

 بعيدا عن القتل والثأر والشخصيات الجامحة والمفاجآت والمؤامرات والمطاردات، جاء «ونيس» هادئا، عذبا، ينساب على نحو نهرى، فى جزئه السادس، وقد أصبح بطله جداً، ولكن شيخوخته مترعة بروح الشباب، يرنو لحياة آمنة مستقرة، لا يزال يتعلم وهو يعلم الآخرين، لم يفقد معالم شخصيته التى طالعنا بها، فى الأجزاء السابقة، يجمع أسرته تحت جناحيه، ازداد عددها بمنحة الأحفاد، العزاء الذى يبدو قدرا من أحزان فراق شريكة الحياة.

ميزة هذا المسلسل أنه يتحدث عن حياتنا، لذا فنحن لا نشاهده بقدر ما نتعايش معه، بطله «ونيس» محمد صبحى، يجسد رجل الطبقة الوسطى، المتمسك بتراث نبيل من قيم شريفة تتعرض للتآكل والانهيار، فهو لا يزال مؤمنا بالعلم والعمل، وعلى الرغم من أنه وقف وراء أبنائه، منذ طفولتهم لاستكمال دراستهم، ونجح فى مسعاه، فإنه لا ينسى نفسه، فها هو، بعناء وحماس، يحاول تعلم لغة أجنبية، ولا يتوانى عن الصدام مع إدارة المدرسة، التى ينخرط أحفاده فى صفوفها، حتى يجد خللا فى ممارساتها.. نجح أولاد «ونيس» فى الحصول على العمل.

لكن «ونيس» ليس المصدر الوحيد فى تربية أولاده وأحفاده، وهنا ينتبه المسلسل إلى حقيقة مهمة إن لم تكن خطيرة، فالشارع أيضا، والمناخ العام، والقيم السائدة فى المجتمع، كلها عناصر تسهم فى التربية وتتدخل فى تشكيل أفكار وسلوك الأبناء والأحفاد. «ونيس» يكتشف أن «فلذات أكباده» قرروا الهجرة إلى إسبانيا، من دون علمه، والأدهى أنهم، فى نوبة حماقة، باعوا شققهم وكل ممتلكاتهم، تمهيدا لسفرهم الذى لم يتحقق. كيف ومن أين جاءتهم فكرة الهجر.. ولماذا؟ إنها حالة انعدام الرضاء حتى بالنسبة لميسورى الحال.

عموما يصبح لزاما على «ونيس» مشاركة أولاده فى البحث عن حل للمأزق، الذى وضعوا أنفسهم فيه، متسامحا، متناسيا، أنهم كانوا سيتركونه وحيدا.

ربما دفع محمد صبحى أحفاده إلى النطق بعبارات وأفكار أكبر من مرحلتهم العمرية، وقد يعانى المسلسل من بعض الاستطراد فى خطوطه الفرعية، ومن الممكن التحفظ على «كليشهات» محمد صبحى، لكن كل هذا، وغيره، لا يقلل من القيمة التنويرية، والروحي،، لمسلسل يمس شغاف القلب، خاصة بذلك الحضور الملائكى، للغائبة الغالية، زوجة ونيس الراحلة، سعاد نصر، ليس فقط بصورتها الرقيقة المعلقة على الحائط، ولكن بأنفاسها التى تعبق المكان، وبوجودها الشفاف، فى وجدان «ونيس» حسبما يشعرنا به محمد صبحى.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات