الجزر المنعزلة.. والصراعات الداخلية - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:16 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الجزر المنعزلة.. والصراعات الداخلية

نشر فى : الإثنين 27 مارس 2017 - 10:35 م | آخر تحديث : الإثنين 27 مارس 2017 - 10:35 م
داخل هيئات ومؤسسات وقطاعات كثيرة تسمع هذه الأيام عبارة تتردد باستمرار وهى «الجزر المنعزلة» والتى تتطور أحيانا إلى صراعات مستعرة.

هناك ايضا ملاسنات بين بعض المسئولين، صحيح أن التعديل الوزارى الأخير قضى على جزء كبير منها، بعد خروج بعض الوزراء، لكن الظاهرة لم تنته بالكامل حتى هذه اللحظة.

الهمس واللمز والغمز ما يزال مستمرا.. والسبب هو وجود بيئة تسمح بنمو هذه الظواهر السلبية.

يفترض انه لا يصح أن يتصارع وزيران فى حكومة واحدة أو مسئولان فى بلد واحد. الصراع ليس مكشوفا ولن يكون، لكن تتم إدارته احيانا عبر وكلاء، وعبر تسريبات فى وسائل الإعلام التقليدية وغير التقليدية.

تباين الاراء بل والاختلاف بين المسئولين على معالجة بعض القضايا ليس عيبا، بل قد يكون علامة صحية، طالما كان فى إطار موضوعى وصحى. لكن للأسف هناك حكايات كثيرة نتمنى أن تكون غير صحيحة حول خلافات معظمها يقال انه «شخصى أو شللى».

خلافات معظمها يدور حول «استضراف هذا لذاك» أو عدم تقبل هذا لذاك. وفى الطريق نسمع لماذا يستمر هذا المسئول فى منصبه، ولماذا خرج المسئول الآخر، ولماذا يكون هذا الشخص مسئولا عن أكثر من جهة ومؤسسة؟!!.

أما الأخطر من الخلافات بين بعض المسئولين، فهو ما يقال عن خلافات بين وزارات وهيئات ومؤسسات وأجهزة. وبدلا من أن تتكامل هذه الجهات معا فإنها تدخل فى صراعات، بحسن أو بسوء نية، لكن النتيجة للاسف واحدة.

نسمع عن تعطيل مصالح ووقف حال، بسبب تنافس بين هذه الجهة وتلك. جهة ترشح هذا الشخص فى مهمة ما، فتعرقلها جهة أو وزارة أخرى. مسئول يلمع فى هذه المؤسسة، فيتم حرقه بسرعة، حتى لا يتحول إلى مرشح محتمل فى هذه الوزارة أو الجهة.

المنطقى أن المؤسسات والوزارات تتكامل وتنسق فيما بينها، وإذا كان هذا أمرا طبيعيا فى الأوقات العادية، فإنه فى الظروف الاستثنائية التى تعيشها مصر، يصبح التنسيق والتكامل أمرا واجبا بصورة لا تحتمل اللبس. وبالتالى فعندما تحتدم الصراعات والخناقات والضرب من تحت الحزام، يصبح هناك شىء خاطئ كبير يقترب من «جريمة الخيانة العظمى».

ذات يوم شكا رئيس الجمهورية من الصراعات بين الأجهزة، خصوصا فى البيانات المختلفة التى تأتى اليه منها كل على حدة ومن دون تنسيق.

وكان المعتقد أن هذه الشكوى ستكون جرس إنذار وتنبيها للجميع بضرورة التنسيق، لكن المؤكد أن هذا المرض استشرى وانتقل إلى أماكن وجهات أخرى مختلفة ونراه بوضوح فى وزارات وهيئات ومؤسسات وجامعات.

وقبل أيام سمعت قصصا يشيب لها الولدان داخل إحدى المؤسسات. رئيسها مستعد أن يفعل أى شىء مقابل أن يستمر فى منصبه، حتى لو كان الثمن تخريب المؤسسة نفسها وإهدار كل القواعد والقيم والأصول والكذب والافتراء، حتى يرضى عنه من يعتقد هو انهم أولى الأمر. وكل ما أتمناه أن تكون كل هذه القصص غير صحيحة أو دقيقة.

مرة أخرى من حسن الحظ أن هناك بعض الهيئات الرقابية ماتزال تتقى الله والوطن فى عملها. لكن ما يجعل المرء يشعر بالخوف والقلق أن الفاسدين كثيرون، ومتحالفون ومتماسكون ومتجذرون فى الأرض بفعل تراكم الفساد والتكلس لعقود طويلة.

الإرهاب والتطرف لن يجد أفضل من هذه البيئة لكى ينتشر بل ويكسب تعاطف كثيرين. وبالتالى فالقاعدة الجوهرية هى أننا لن نستطيع أن نكسب المعركة ضد الإرهاب والتطرف والمتاجرة بالدين قبل أن نكسب المعركة ضد الفساد والنفاق والصراعات القائمة على الشلل «جمع شلة»!!.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي