مائة عام من الانبهار - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 7:21 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مائة عام من الانبهار

نشر فى : الأربعاء 27 مايو 2015 - 10:05 ص | آخر تحديث : الأربعاء 27 مايو 2015 - 10:05 ص

•• الخيال والابتكار من أدوات التقدم والنهضة.. الفكرة لا تكلف. الفكرة قد تكون لحظة اهتمام.. لحظة إبداع. الفكرة مثل الأخلاق لا يجوز أن تحجبها الإمكانات الناقصة.. وسوف أواصل دهشتى وتعجبى الأزلى من عدم قدرتنا على تنظيم حفل أو حتى عزاء.. أفراحنا فوضى. وأحزاننا فوضى. والمدهش أكثر أننا نستطيع حين نريد. المهم أن نريد. هكذا كانت دورة الألعاب الإفريقية عام 1991. إقبال جماهيرى رائع. السباحة يتابعها آلاف. التنس آلاف. ألعاب القوى آلاف. كرة القدم آلاف. وهكذا كانت كأس الأمم الإفريقية 2006. حضور جماهيرى ونظام دخول وخروج ممتاز إلى الملاعب. وهكذا كان المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ.. كان تنظيمه منظما ومبهجا وعلميا وعمليا.. إذن نستطيع حين نريد لكن متى نريد؟!

•• التحديات تفرض علينا الإرادة. ومن اسوأ الموروثات أننا جعلنا المصرى أسيرا لفكرة التحدى، بتلك الجملة التى صنعت تنبلة: «معدن المصريين يظهر فى وقت الشدة». وهى صنعت التنبلة لأننا أصبحنا ننتظر التحديات الواضحة والصارخة والمخيفة والمدمرة لنواجهها ونهزمها، وهى قوة شعب، لكن ألا ترون أن الحياة اليومية وأهدافنا من التنمية والنهضة والنهوض شدة يومية تفرض الاستيقاظ المبكر. والعمل الجاد.

•• أشياء بسيطة نتوقف عندها ونراها مبهرة، هى ليست محاولات العالم الآخر لاكتشاف الحياة فى الكواكب الأخرى لأن كوكبنا لن يصلح بعد ألف عام للحياة كما يقول العلماء. الأشياء التى تبهرنا أبسط كثيرا جدا من ذلك. ومنها سماعة تزين إذن حكم مباراة. دخول الجمهور وخروجه من الملاعب. حل معضلة البث الفضائى التى أصبحت كنافة متشابكة الخيوط. إصدار قانون الإستثمار الموحد. توزيع الجوائز فى حفل. تعامل وسائل الإعلام مع سرادقات العزاء كأنهم فى حفل زواج.

•• لقد شاهدنا احتفال تشيلسى بفوزه بالدورى الإنجليزى. مضى الفريق فى موكب بسيارات بلون النادى. واصطف أنصار ه على جانبى الطريق فى حراسة مجموعة من رجال الشرطة تسير على الأقدام. لم يعكر المشهد ولم يفسده مشجع يرغب فى صورة مع الأتوبيس أو صورة مع الكأس.. الإعلاميون والمصورون، والفضوليون، والمشتاقون، لم يقتحموا لحظات الفرح التى يعيشها اللاعبون.. والأمر نفسه تكرر فى احتفال آخر. . إنه احتفال نوريتش سيتى بالصعود إلى الدورى الممتاز. البطل يحتفل. الصاعد يحتفل.. الثانى يعترف بأنه الثانى.. ويعترف بالأول. والهابط يقبل بالهبوط. ولا يطالب بتغيير اللوائح من أجل أن يبقى.. القواعد تحترم. العقود تحترم. ولا تخترق. والإطار العام للصورة جميل. كيف نظل مائة عام فى حالة انبهار بالأشياء البسيطة.. كيف يعلق مسئول سوء التنظيم. أو سوء التفكير. أو سوء الرؤية بنقص الإمكانات. ما معنى ذلك؟

•• الانبهار بالأشياء البسيطة عمره مائة عام. اقرأوا الصحف فى مطلع القرن العشرين. إنها توثق لهذا الانبهار.. عمرنا ضاع فى الانبهار وعمرنا ضاع أيضا فى طرح البديهيات، ومناقشة البديهيات، وفى اختراع خزعبلات وجدل ودجل كى يضيع المزيد من العمر الحاضر والقادم!

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.