هامش للديمقراطية.. الاستخفاف بالمواطن - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 7:02 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هامش للديمقراطية.. الاستخفاف بالمواطن

نشر فى : الأربعاء 27 نوفمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 27 نوفمبر 2013 - 8:00 ص

إذا كان التنظيم الديمقراطى للدولة وللمجتمع يستند إلى صناعة متجددة للتوافق الشعبى بشأن الأطر الدستورية والقانونية والسياسات العامة وأنماط تخصيص الموارد على نحو يضمن مشاركة القوى الاجتماعية والسياسية والنقابات العمالية والمهنية والمنظمات المدنية وشبكات المصالح الاقتصادية والمالية والبيروقراطية ويحمى حقوق وحريات المواطن ويمنحه كلمة القبول أو الرفض الأخيرة عبر أدوات سيادة القانون وإجراء الانتخابات الدورية وتداول السلطة ــ فإن النظم الشمولية والسلطوية والنظم المسخ تعتمد فى إدارتها للدول وللمجتمعات على الفرض القسرى لإرادة نخب حكمها والترويج لها كتعبير «حقيقى» عن توافق شعبى وصالح عام يدركان من قبل الحاكم الديكتاتور ــ الحزب الواحد ــ المؤسسة العسكرية ــ المكون العسكرى الأمنى ولا تفهمهما جموع المواطنات والمواطنين «غير المؤهلة» و«محدودة المعرفة» و«المحتاجة دوما إلى يد الحاكم الحكيمة» لكى تدفع الشعب باتجاه التقدم والرخاء والأمن والاستقرار.

لذلك، يندر أن يغيب عن الشموليات والسلطويات والنظم المسخ ظواهر كثيرة تفضح استخفافهم بالشعوب أو بالمواطنات والمواطنين الذين تلغى هوياتهم الفردية ويضمون جميعا إلى الحشود والجماهير. فمن جهة أولى، وكما يدلل الواقع المصرى الراهن، تحجب المعلومات بشأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية عن المواطن الذى يطالب بتفهم إما «السرية» وإما «الحساسية» أو «المصالح العليا» أو «النظام العام» إلى آخر مفردات رطانة منع التداول الحر للمعلومة المعهودة.

ومن جهة ثانية، يشوه وعى المواطن ويصنع له صورا نمطية إيجابية عن سياسات النخبة الفاشلة والتى جرب بعضها فى مراحل سابقة وثبت عجزها على ما تشير إليه وضعية مصر اليوم مع الحلول الأمنية خارج إطار سيادة القانون التى ليس لها إلا أن ترتب انتهاكات حقوق الإنسان والانتقاص من الحريات والإطاحة بالعدل.

ومن جهة ثالثة، يسوق عبر المساحة العامة (الإعلامية) التى تسيطر عليها النظم الشمولية والسلطوية والنظم المسخ لانطباعات زائفة عن نخب الحكم التى يقترح حذقها البالغ وحسمها الكامل واستراتيجياتها الصائبة وسياساتها الجديدة ورؤيتها المستقبلية وحيويتها مقارنة «بالنخب القديمة البالية»، والحقيقة هى أن النخب هذه جل هدفها هو البقاء فى الحكم وإدارة دول ذات مؤسسات ضعيفة ومجتمعات لا عدالة بها ولا تنمية وتفعل ذلك بكل الاستراتيجيات والسياسات التى نفذتها النخب القديمة، ولننظر فى مصر اليوم إلى الممارسات القمعية والقوانين القمعية كالقانون المعروف شعبيا بقانون التظاهر والنصوص الدستورية القمعية كالتى تسمح بمحاكمة المدنيين عسكريا لندرك انتفاء الاختلافات وزيف الانطباعات التى تصنع ويروج لها فى الإعلام المسيطر عليه.

جوهر الاستخفاف، إذن، بالمواطن هو الاستعلاء عليه ونهايته هو نزع أهليته وحقه فى الاختيار ومن ثم التهميش الكامل للإرادة الشعبية ولو تم استدعاؤها دوما لتبرير ما لا ينبغى أن يبرر أو احتكارها لتمرير ما لا يجب تمريره.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات