الجبهة والرئيس والبرادعى والشفافية (٣) - وائل قنديل - بوابة الشروق
الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 3:17 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

كمشجع زملكاوي.. برأيك في الأنسب للإدارة الفنية للفريق؟

الجبهة والرئيس والبرادعى والشفافية (٣)

نشر فى : السبت 28 يوليه 2012 - 10:00 ص | آخر تحديث : السبت 28 يوليه 2012 - 10:00 ص

كانت الشفافية مبدأ ثابتا فى القواعد الحاكمة لعمل الجبهة الوطنية التى تشكلت فى الثانى والعشرين من يونيو الماضى بمشاركة الدكتور محمد مرسى ــ الرئيس مرسى ــ فيما بعد، حيث نص البند السادس من وثيقة الفيرمونت على ما يلى «الشفافية والوضوح مع الشعب فى كل ما يّستجد من متغيرات تشهدها الساحة السياسية»

 

وفى أول اجتماع مع الرئيس تجدد التأكيد على هذا الأمر وكما جاء فى البيان الصادر عن مؤسسة الرئاسة بعد ذلك الاجتماع ورد أنه «وعد الرئيس باستمرار التواصل والحرص على الشفافية مع كافة أبناء الشعب المصرى»

 

وفيما بعد وفى غالبية اجتماعات الجبهة كان هناك حضور لمندوب من مؤسسة الرئاسة يستمع ويتحدث ويناقش ويحاور وينقل الحصيلة إلى مكتب الرئيس، وكان حاضرا حينما أقرت الجبهة مجموعة من اللجان الداخلية بها، ومنها لجنة الترشيحات التى طلب منها اقتراح أسماء لمنصب رئيس الوزراء والتشكيل الحكومى وفريق مساعدى الرئيس.

 

وكانت حصيلة مناقشات لجنة الترشيحات تصل إلى مؤسسة الرئاسة بمنتهى الشفافية والوضوح من جانب الجبهة، وكان المنتظر أن تبادل الشفافية بشفافية مثلها، غير أنه مع مرور الوقت ظهر أن قيمة الشفافية تتراجع.. وعلى سبيل المثال فى الترشيحات الخاصة بمنصب رئيس الوزراء كان اسم الدكتور محمد البرادعى هو الاختيار، غير أن سيل التصريحات المتضاربة من حزب الحرية والعدالة ومكتب الإرشاد ومؤسسة الرئاسة فيما بعد كان مثيرا للانتباه وفى أحد اجتماعات الجبهة طرحت سؤالا مباشرا: هل هناك حساسية فى اسم البرادعى، فكان الرد بالنفى التام، متبوعا بتصور أن الرجل يفضل الابتعاد وعدم المشاركة.

 

ومن خلال أحاديث متعددة مع البرادعى أظهر الرجل استعدادا راقيا للمساعدة بالنصح والمشورة، وليس بالضرورة أن يكون ذلك من خلال توليه منصبا تنفيذيا، إدراكا منه بأن وضع البلد شديد الخطورة والتأزم اقتصاديا وسياسيا، وبنبل غير غريب عنه أكد حرصه على نجاح تجربة أول رئيس مدنى منتخب.. وأثق أن هذا المضمون قد وصل واضحا إلى مؤسسة الرئاسة، وأثق أيضا أن أحدا لم يفاتح البرادعى فى أى شىء حتى يقال إنه رفض أو تحفظ أو قبل.

 

ومع مرور الوقت بدأ كثيرون من أعضاء الجبهة يستشعرون أنها لا تعدو كونها إضافة جمالية، أو بلغة أهل البلاغة محسنات بديعية لخطاب النظام الجديد، حيث زادت مساحات الغموض وعدم الوضوح فيما يخص الترتيبات الخاصة بالحكومة والفريق الرئاسى، وكنموذج كان هناك فى الليلة السابقة لإعلان اسم هشام قنديل رئيسا للحكومة، وفى الاجتماع الذى حضره مندوب من الرئاسة وامتد إلى قبل السحور بقليل سأل أعضاء الجبهة عن الموقف فيما يتعلق بموعد إعلان الحكومة الجديدة فى ظل الأنباء المتضاربة بين الرئاسة والحزب، فقال المندوب إن اسم رئيس الحكومة سيعلن قبل الخميس المقبل (الاجتماع كان مساء الاثنين) وحين سأل بعض الحضور عن هويته قدم المندوب إجابة سالبة على ريقة ليس فلانا ولا فلانا دون أن يفصح، وما هى إلا ساعات قلائل حتى كان اسم رئيس الوزراء مذاعا ومعروفا للقاصى والدانى.

 

وفى تلك الليلة عبر معظم الحضور عن استياء بالغ من هذه الطريقة التى لا يفهم منها سوى أن كل ما قيل عن شراكة وشفافية وثقة يتآكل.

 

وتحدث كثيرون ومنهم كاتب هذه السطور عن أنه من المفترض أن هذه الجبهة جهة دعم ومتابعة ومحاسبة أيضا، وهذا يعنى أن علاقتها بالسيد الرئيس ليست دائما لاحقة لما يتخذه من قرارات مفاجئة وصادمة، بل إن هذه الشراكة تفترض أن يكون التواصل سابقا لاتخاذ القرار، بحيث تكون هناك مساهمة فى صياغته وطريقة إخراجه، كى لا تتكرر الأزمة الناجمة عن الإعلان المباغت عن قرار عودة البرلمان ثم التراجع عنه على نحو أحرج الجميع.

 

وغدا نواصل

 

وائل قنديل كاتب صحفي