هل الإخوان جادون فعلًا؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:48 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل الإخوان جادون فعلًا؟

نشر فى : الجمعة 30 مارس 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 30 مارس 2012 - 8:00 ص

حتى هذه اللحظة لا يستطيع كثيرون معرفة السبب الحقيقى الذى دفع جماعة الإخوان المسلمين إلى التلويح بدفع مرشح لرئاسة الجمهورية من بين أعضائها.

 

معروف أن الجماعة تعهدت عبر بيان رسمى صدر يوم 10 فبراير قبل تنحى مبارك بيوم واحد بعدم تقديم مرشح من بين صفوفها.

 

ومعروف أيضا أن هذا البيان ــ الذى تم إصداره بالتنسيق مع القوات المسلحة وبقية أجهزة الدولة، التى كانت فاعلة وقتها كان يهدف أساسا لطمأنة الخارج خصوصا أمريكا والغرب بأن رأس الدولة بعد تنحى مبارك لن يكون «إسلاميا صرفا».

 

وبالطبع كانت هذه الخطوة فى إطار ترتيب المشهد القادم قبل أن يستقل مبارك طائرته متجها إلى شرم الشيخ.

 

ولذلك فعندما يتراجع الإخوان عن وعدهم فإنهم عمليا يحاولون تغيير المشهد المتفق عليه ربما.

 

المفارقة الأولى أن الفترة الرئاسية المقبلة ستكون صعبة للغاية وأى حكومة ستواجه تحديات خطيرة، وبالتالى فالمنطق يقول إنه لا توجد قوة سياسية واحدة تريد أن تحمل هذا الهم منفردة، وبما أن الجميع يتوقع هذه الصعوبات، فما الذى يدفع الإخوان إلى هذه المغامرة غير المحسوبة؟

 

المفارقة الثانية أن فرص نجاح رئيس الجمهورية المقبل فى فترته الرئاسية بغض النظر عن اسمه ستكون ضئيلة جدا، وسيقضى كل فترته فى التفاوض مع المعتصمين من كل القطاعات، إضافة بالطبع إلى «إزالة بوسترات الشيخ حازم من الشوارع!».

 

المفارقة الثالثة: إن حصول الإخوان على هذا المنصب قد يجعلهم فى مواجهة مفتوحة مع الغرب وأمريكا بل ومن دول الخليج خصوصا بعد الصدام مع الإمارات، فهل هم مستعدون لهذا الصدام الآن؟

 

بعد كل ذلك يصبح السؤال الجوهرى هو: هل الإخوان جادون فعلا فى طرح مرشح للرئاسة أم أنه مجرد «كارت» يتم التلويح به للحصول على «مطلب» آخر؟!

 

سألت كثيرين فى الجماعة وخارجها هذا السؤال، وجاءت الإجابات متفاوتة بطبيعة الحال، لكن معظمها أشار إلى أن الإخوان فى النهاية لن يتقدموا بمرشح، وأنهم يريدون فقط الضغط على المجلس العسكرى إما لإقالة حكومة الجنزورى أو التنسيق مع المجلس بحيث لا يأتى أى مرشح للرئاسة لا يرضى عنه الإخوان، أو على الأقل يضمنون أن يكون متعاونا معهم، وفى أسوأ الأحوال لا يكون عدوهم.

 

قلة ممن سألتهم خصوصا من داخل الجماعة يقولون إن الإخوان لم يناوروا ولم يغيروا مبادئهم لكن الذى حدث من وجهة نظرهم أن هدف حكومة الجنزورى صار هو حرق الأرض تحت أرجلهم عندما يشكلون الحكومة حتى يتم إفشالهم، وأن أى رئيس غير إخوانى أو غير محسوب على التيار الإسلامى سيتصادم إن آجلا أو عاجلا معهم، وبالتالى فإن كل ما حصلوا عليه من أغلبية فى البرلمان وحتى لو شكلوا حكومة، فإن ذلك لن يكون ذا جدوى إذا ظل لرئيس الجمهورية غير الإخوانى صلاحيات كثيرة فى الدستور.

 

وبالنظر إلى كل هذه الظروف قرروا أن يفكروا فى حكاية المرشح الإخوانى أو على الأقل مرشح ذى خلفية إسلامية.

 

إذن هناك خياران يشغلان الإخوان فى حكاية المرشح الرئاسى: إما أن يدفعوا به حتى لو ظهروا فى صورة من لا يلتزم بوعده.. أو يتركوا المنصب تماما فى ظل أن كثيرين قالوا لهم بوضوح إن الحصول على البرلمان بمجلسيه والحكومة ثم رئاسة الجمهورية يشبه قيام شخص بالتهام أكثر مما يحتاجه جسده من طعام بخمسة أضعاف.

 

فى هذه الحالة سيصاب بعسر هضم وتلبك معوى وعدم قدرة على الحركة وربما بما هو أخطر من أمراض.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي