فى نظر إسرائيل أن الحرب الطاحنة التى يشهدها اليمن اليوم هى أبرز دليل على إخفاق السياسة الأمريكية ليس فى اليمن فحسب بل فى كل المنطقة. ويذكّر الإسرائيليون اليوم كيف تباهى الرئيس الأمريكى باراك أوباما العام الماضى بالنموذج الناجح الذى يشكله اليمن للحرب التى تشنها الولايات المتحدة على تنظيم «القاعدة»، ويتهمونه بأنه تعامى عن رؤية الخطر الذى يمثله تمرد الحوثيين المدعومين من إيران على استقرار اليمن، وهو ما أدى إلى سيطرتهم على هذا البلد ووصولهم حتى إلى باب المندب المضيق الاستراتيجى للملاحة العربية والدولية والطريق الأساسى لتصدير النفط.

يتهم بعض الإسرائيليين إدارة أوباما بأنها كانت تدرك حجم خطر الحوثيين المدعومين من إيران منذ البداية لكنها لم تشأ إغضاب الإيرانيين وهى فى خضم مفاوضات حساسة للتوصل إلى اتفاق معهم على برنامجهم النووى. وهم يرون أن السياسة الأمريكية سواء فى سوريا أو فى العراق تستند إلى حسابات غير صحيحة، ولم تقدر فعلا الانعكاسات السلبية لتعاظم الدور الإيرانى على الاستقرار فى جميع دول المنطقة، وها هو اليمن اليوم بعد العراق وسوريا يدفع الثمن الدموى الباهظ.

بالطبع تستغل إسرائيل مأساة الصراع اليمنى الذى يوشك أن يتحول إلى حرب إقليمية جديدة للمبالغة فى تصوير الدور الإيرانى، وتوظيف هذا كله فى الحرب التى تشنها على المساعى التى تقوم بها الولايات المتحدة للتوصل إلى إطار للاتفاق النهائى على البرنامج النووى الإيرانى.

لكن الاستغلال الإسرائيلى للفشل الأمريكى فى اليمن لا يتوقف عند الموضوع الإيرانى بل يطاول أيضا الموضوع الفلسطينى، ففى رأى عدد من الإسرائيليين أن النتائج الكارثية لسياسة إدارة أوباما فى المنطقة خلال السنوات الأخيرة تشكل سببا وجيها لرفض مطالبة هذه الإدارة الحكومة الإسرائيلية المقبلة بتطبيق حل الدولتين. والفوضى العارمة السائدة فى دول المنطقة ولا سيما منها تلك المجاورة لإسرائيل لا تشجع الحكومة الجديدة التى سيشكلها نتنياهو قريبا على الاستجابة للدعوات الأمريكية إلى انهاء الاحتلال والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة.

يتخذ الصراع الدائر فى اليمن أهمية كبيرة فى نظر الإسرائيليين لأنه دليل على تحقق الخطر الذى حذروا منه منذ سنوات أى تحول إيران قوة إقليمية تملك نفوذا كبيرا، ودولة على عتبة النووى فى حال نجاح المفاوضات معها. وهى تستغل الصراع الشيعى ــ السنى لتحقيق مصالحها التى، وإن بدت لوهلة تتقاطع مع مصالح بعض دول المنطقة، معادية هى فى جوهرها لجميع الدول العربية وليس لإيران وحدها.

رندة حيدر
النهار ــ لبنان