أمة «اقرأ» فى ذيل الأمم القارئة - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 7:23 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أمة «اقرأ» فى ذيل الأمم القارئة

نشر فى : الأربعاء 29 مارس 2017 - 9:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 29 مارس 2017 - 9:20 م
خاض القائمون على تقرير المعرفة العربى تحديا كبيرا وشاقا لتغيير الصورة النمطية التى سرت كالنار فى الهشيم والتى تفيد بأن متوسط القراءة عربيا لا يتجاوز ربع صفحة للفرد سنويا، أى بمعدل 6 دقائق سنويا، وفق ما كان أعلنه تقرير التنمية البشرية عام 2011، الصادر عن «مؤسسة الفكر العربى».

وبعد الكشف عن الحقيقة، ثبت أن متوسط عدد ساعات القراءة للإنسان العربى يبلغ سنويا 35 ساعة تقريبا، تقسم كالتالى: 15 ساعة للمجالات ذات الصلة بالدراسة أو العمل، و20 ساعة خارج الدراسة أو العمل. أما المتوسط العربى لعدد الكتب المقروءة سنويا فيصل إلى 16 كتابا منها 7 كتب تقريبا ذات صلة بالدراسة، أو العمل، وتسعة كتب فى مجالات خارج الدراسة أو العمل.

ولو شاء المرء أن يغلب التفاؤل على النزعة العدمية، فإنه سيرضى بهذه الأرقام الجديدة، لكنه لن يسلم بها تسليما مطلقا، فثمة نازع للسؤال: ماذا يقرأ العربى، وما هى طبيعة الكتب التسعة التى يقرأها؟

***

لو أن المرء دقق قليلا فى طبيعة الكتب المقروءة، فسيجد أنها تشتمل على كتب الطبخ والأبراج والألعاب، والكتب المساعدة فى صيانة الموبايل، وتنظيم الحديقة المنزلية، وسواها. كما ستشتمل على الكتب الدينية ذات الصلة بعذاب القبر، وغيرها من الكتب المتصلة بفقه المحرمات.

ولو أن المرء أراد أن يعتدل فى آرائه فيوافق على أن العربى يقرأ تسعة كتب سنويا فى أرقى حقول الثقافة والعلم والسياسة والفلسفة والأدب، فإن سؤال المخرجات سيكون له فى المرصاد.

وبما أن المعرفة، فى الأساس، فعل تغيير، وتحسين لشروط العيش، وارتقاء فى فهم أحوال الكائن وأحزانه وتطلعاته، ودفع للحياة كى تكون منصة للخير والعدل، فإن ما يحيط بالعالم العربى من كوارث، لا ينجو منها سوى بلدين أو ثلاثة، تدعو إلى التشكيك فى مدخلات تلك المعرفة، وفى قدرتها على البناء.

فإما أننا لا نقرأ، وهذا وارد إلى حد بعيد، أو أننا لا نعرف ما نقرأ، وبالتالى نفشل فى الاختيار، ونجنى سوء ذلك الفشل حروبا وكراهية وانقسامات وتفخيخا للعالم كما يفعل دعاة الإرهاب ممن يختبئون وراء راية التنظيمات الجهادية التى تنشد إقامة شرع الله بحد السيف.

ولا ضرورة للتذكير بحصص الأفراد فى أمم العالم من الكتب، ومقارنتها بحصصنا، فأى بحث بسيط على «الإنترنت» سيفضى إلى الإعياء من النتائج المخيبة للأمل. ومع ذلك ينهض من يذكرك، كما لو أنك نسيت، بأنك من «أمة اقرأ»، لكنه لا يبصر ماذا أصاب هذه الأمة، التى لم تعد مشغولة لا بالقراءة ولا بالبحث ولا بالاكتشافات ولا بخلق المواهب والمبدعين، بل بالقتل فى مستوييه: قتل الذات وقتل الآخر، فى عملية انتحار يائسة يود المرء لو يجد لها فى آخر النفق، ولو ضوء شمعة.

***

لعل من السأم أن نظل نذكِر بأهمية المعرفة فى النهضة والتغيير. فلا أحد يُصغى إلى هذه البداهات التى تستدعى إعمال العقل، والإصغاء العميق لتحولات الكينونة، والانخراط فى الورشة العالمية المفتوحة من أجل تحسين شروط العيش والقضاء على الأمراض والفقر والأمية. وكلها فى متناول التحقيق إن صدقت الإرادة، وأخلصت النوايا.

ولأن الكاتب المحمول على بقية من تفاؤل، لا يرضى بأن يسبقه سيف العدم، فإنه سيذهب إلى مواجهة الأقدار، كما فعل «سيزيف» الذى أدرك عبث ما يقوم به، لكنه ظل على عناده، مواصلا بإباء وشمم رفع صخرته إلى أعلى التل، وهو يعلم أنها ستتدحرج، بعدئذ، إلى أسفل الوادي!

 

التعليقات