لا تخلطوا حبيب مع ريجينى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 10:39 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا تخلطوا حبيب مع ريجينى

نشر فى : الجمعة 29 أبريل 2016 - 9:20 م | آخر تحديث : الجمعة 29 أبريل 2016 - 9:20 م
جيد جدا أن يكون هناك اهتمام رسمى وشعبى بقضية مقتل الشاب المصرى عادل حبيب ميخائيل محروقا فى جراج أحد مبانى العاصمة البريطانية لندن فى الأسبوع الماضى. وجيد جدا الاهتمام الإعلامى الواسع بهذه القضية، لكن أتمنى ونحن نعالج هذا الموضوع المأساوى ألا ننجرف وننزلق إلى منحدرات ومعالجات ومواقف قد نندم عليها لاحقا، وتضعنا فى «مواقف بايخة ومحرجة»، والملاحظات فى هذا الصدد عديدة.

أولى هذه الملاحظات، أن البعض يصر على التعامل مع قضية عادل حبيب باعتباره «ريجينى المصرى»، قبل أن نعرف تفاصيل ما حدث، وهل هو حادث جنائى أم سياسى؟.

والملاحظة الثانية: أن هذا البعض اندفع بحسن نية أو جهل إلى مطالبة بريطانيا بسرعة حل لغز الجريمة حتى قبل أن يتم تشريح الجثمان ناهيك عن دفنه واستكمال التحقيقات.

الملاحظة الثالثة: أن البعض حاول إدانة بريطانيا وكل أوروبا لمجرد وقوع الجريمة، وكأنه يريد أن يقول لهم «واحدة بواحدة، وكده نبقى متعادلين وتنتهى المباراة ويذهب كل منا إلى حال سبيلة!!!.

الملاحظة الرابعة: هى لماذا لم يفكر هؤلاء المندفعون، ويسألوا أنفسهم سؤالا بسيطا وهو: بعد هذا التسخين الكبير والسريع.. ماذا لو أعلنت السلطات البريطانية التوصل إلى فك لغز الجريمة والقبض على القاتل خلال الأيام القليلة المقبلة؟.

هل فى هذه الحالة يصبح من حق إيطاليا والغرب كله أن يقول لنا «لقد حللنا لغز الجريمة بسرعة.. فلماذا لم تحلوا لغز مقتل ريجينى حتى الآن؟!».

الملاحظة الخامسة: ألا يعطى الاندفاع المصرى فى قضية حبيب الإيطاليين الحق والعذر فى الإلحاح على ضرورة فك لغز مقتل ريجينى؟

نحن بدأنا حملتنا للتضامن مع شريف حبيب منذ اليوم الأول لمقتله، فى حين أن الإيطاليين انتظروا أكثر من شهر ونصف أو شهرين قبل تدشين حملات التضامن.

بعض المصريين الذين سارعوا بالتضامن مع حبيب ــ ولهم كل الحق ــ هم أنفسهم الذين يلومون على أسرة ريجينى وبعض الإيطاليين والأوروبيين أن يتضامنوا مع قضية ابنهم لمعرفة حقيقة ما حدث.

الملاحظة السادسة: أن هناك خطأ قاتلا فى الربط بين القضيتين، وأظن أن هذا هو هدف من لا يريد الخير لمصر. ذلك أننى اشم رائحة جرنا إلى فخ ومصيدة لنقع فيها، ويتم توريطنا أكثر، أو على الأقل إظهار مصر وحكومتها بمظهر الطرف السطحى الذى ينفعل على أى قضية، من دون أن يعرف اولا تفاصيلها وأسرارها.

مرة أخرى من المهم جدا أن تهتم الحكومة عبر وزارة الخارجية وكذلك أن يصدر بيان من مؤسسة الرئاسة، وأن يهتم الإعلام، لكن الاخطر هو محاولة إقناع المصريين البسطاء بأن التسخين فى قضية حبيب قد يهدئ من قضية ريجينى، هذا التصور قد يؤدى إلى عواقب وخيمة.

نحن لا نعرف حتى الآن من قتل ريجنى، وهناك تقديرات حكومية غير رسمية باحتمالات تورط إقليمى أو دولى، رغم أن هذا يتناقض مع الارتباك الأمنى الملحوظ فى القضية من البداية، وبالتالى لكى يتم مواجهة أى مؤامرة محتملة فى هذا الملف فلابد من وجود خلية أزمة حقيقية ومحترفة تتابع مثل هذه الملفات حتى «لا نخرج من نُـقرة لنقع فى دُحديرة» كما يقول المثل العامى.

للأسف الشديد مازلنا نتعامل مع العالم، خصوصا الغرب، بصورة بعيدة تماما عن الاحتراف، لدرجة أننا نخسر الكثير من القضايا والمعارك المضمونة بسبب سوء الاداء والاخراج.. ولذلك لا نملك إلا أن نخاطب أصحاب الشأن فى هذا الملف قائلين: فكروا أكثر من مرة قبل أن تتحركوا، ولبعض وسائل الإعلام نقول: نرجوكم لا تورطونا أكثر.. الأمر لا يحتمل!!!.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي