ليس بالعلماء وحدهم تسير العلوم - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 3:52 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليس بالعلماء وحدهم تسير العلوم

نشر فى : السبت 29 أبريل 2017 - 10:15 م | آخر تحديث : السبت 29 أبريل 2017 - 10:15 م
كنت أمزح عندما استجبت لطلب رئيس تحرير «ملحق العلوم» فى صحيفة «نيويورك تايمز» تقييم عملهم، الذى يعجبنى كثيرا، فكتبت أدعو محررى العلوم للاستيلاء على مكاتب وموازنات أقسام السياسة والاقتصاد، وتحرير الصحيفة علميا بالكامل. وأى تقييم أفضل لأسبوعية تنشر فى عددها الحالى مثلا مواضيع، تراوح ما بين «أجمل معادلة رياضية فى العالم» تكشف كيف تنور علوم الرياضيات أذهاننا كالفن والموسيقى، و«هل رباط حذائك ينفك دائما.. المهندسون يفسرون لماذا»، و«التمساح ابن عم الديناصور يُدهشُ علماء المتحجرات»، و«الباحثون يحذرون من أننا نسير مغمضى العيون نحو عصر جديد من الأتمتة والذكاء الاصطناعى»، و«تغير المناخ يغير اتجاه نهر فى كندا برمشة عين جيولوجية»، و«كيف ابتكر النمل الزراعة ملايين السنين قبل البشر». وملحق العلوم حافل كالعادة بمواضيع الصحة، بينها «ساعة هرولة تضيف سبع ساعات لعمرك». وسأهرول وفق رسوم الموضوع، ولقطات الفيديو المرفقة به.

وفى مواقف مفارقة يكون المزاح أكثر جدية من الجد، فأتصور مسيرات العلماء وقد استجابت لدعوتى وانطلقت يوم السبت الماضى فى سيدنى، وطوكيو، ولندن، وواشنطن، وسان فرانسيسكو، وأوكلاهوما. علماء العالم يدعون لحماية العلوم ومناخ الكرة الأرضية. وخيال العلماء جميل فتقرأ فى لافتات علماء طوكيو «حاربوا الحرب الطيبة». وفى واشنطن تحدى آلاف العلماء الأمطار وتقاليد الابتعاد عن السياسة ورفعوا لافتات مكتوبا عليها «العلم ينقذ الأرواح»، وفى سان فرانسيسكو رفعت لوحة ملونة بالأزرق تصور الكرة الأرضية باللون الأخضر، ومكتوب عليها «أحبوا أمكم الأرض». وفى بوسطن تقدم التظاهرة أطفال يرقصون، ويهزج فريق من المتظاهرين «ماذا تريدون؟» ويهتف آخرون «نريد العلوم». وفى نيويورك تعالت هتافات ساخرة من المتظاهرين عند مرورهم أمام بناية «برج ترامب» رافعين لافتة تقول «قبل أن تُنكر العلوم أيها السيد الرئيس إليك الصيغة الكيماوية لرذاذ تصفيف شعرك».

ونجم مسيرة العلوم الطبيبة العراقية الشابة «منى حنا عتيشه» التى تجمع بين عملها فى مستشفى «هارلى للأطفال»، والتدريس والبحث فى «كلية الطب»، بجامعة مشيجان. وواضح من لقبها، وملامحها المتميزة وبشرتها الداكنة أنها من عائلة مسيحية منحدرة من سكان العراق الأصليين الآشوريين أو البابليين. وتفخر الدكتورة «منى» بأصلها العراقى فى أول فقرة من سبع فقرات للتعريف بنفسها، وتذكر لو أن «دونالد ترامب» كان رئيسا «لما سُمح لى بأن أكون هنا». ولو لم تكن «منى» فى الولايات المتحدة لأصيب بالسرطان وتوفى كثير من أطفال مدينة «ديترويت»، حيث كشفت أبحاثها مستويات عالية من الرصاص فى نهر «فلنت» وأوقفت تجهيزاته للمدينة بالمياه.

وليس بالعلماء وحدهم تسير العلوم. عرفت ذلك «منى» التى اعتبرتها مجلة «تايم» واحدة من أهم 100 شخصية فى العالم فى عام 2016، وخرجت ببحثها العلمى من المختبر إلى الرأى العام وأوساط صنع القرار. فى مقالها المسهب عن اكتشافها المنشور فى «نيويورك تايمز» ذكرت أن مبلغ 220 مليون دولار، الذى ينوى الكونجرس تخصيصه لتحسين الهياكل الارتكازية لتجهيزات المياه غير كافٍ، وقالت «هذا ليس مطلبا سياسيا، بل هو إنسانى».

ويناقش الآن زعماء مسيرة العلوم كيف يصبحون حركة مفتوحة لانضمام المدرسين، والمزارعين، وعمال المصانع، وأن ينفتحوا حتى للأفكار غير العلمانية. «فالشخص يمكن أن يكون مؤمنا بالدين وعالما، أو محافظا فى السياسة ويدافع عن العلم» حسب أحد منظمى المسيرة. ومرحبا بالعلماء فى هذا الموقف، الذى قال عنه العالم الألمانى «شرودنجر» الحائز «نوبل» فى الفيزياء «وهكذا فالمهمة ليست فى رؤية ما لم يره أحد بعد، بل التفكير بما لم يفكر به أحد بعد، عما يراه كل شخص آخر».

الاتحاد ــ الإمارات
محمد عارف
التعليقات