لأول مرة.. أخشى على مستقبل الصهيونية - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 4:25 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لأول مرة.. أخشى على مستقبل الصهيونية

نشر فى : السبت 29 نوفمبر 2014 - 8:10 ص | آخر تحديث : السبت 29 نوفمبر 2014 - 8:10 ص

كتب شبتاى شافيت، رئيس جهاز الموساد السابق، مقالا بجريدة هاآرتس الإسرائيلية يحذر فيه من انهيار المشروع الصهيونى بفعل السياسات التى تتبعها إسرائيل.

استهل شافيت المقال بقوله إنه منذ بداية الصهيونية فى أواخر القرن الـ19، والأمة اليهودية فى أرض إسرائيل تزداد قوة من حيث التركيبة السكانية والأراضى، على الرغم من الصراع الدائر مع الفلسطينيين. لقد نجحنا فى القيام بذلك لأننا تصرفنا بحكمة وحيلة بدلا من الانخراط فى محاولة حمقاء لإقناع خصومنا أننا كنا على حق.

ويضيف شافيت قائلا: « للمرة الأولى منذ أن بدأت تشكيل آرائى الخاصة، أشعر بالقلق حقا بشأن مستقبل المشروع الصهيونى. أشعر بالقلق إزاء كمّ التهديدات ضدنا من جهة، والعمى الحكومى والشلل السياسى والاستراتيجى من جهة أخرى. فعلى الرغم من أن دولة إسرائيل تعتمد على الولايات المتحدة، تراجعت العلاقة بين البلدين إلى مستوى غير مسبوق. وتزايد ضجر أوروبا أكبر أسواقنا حتى إنها تتجه نحو فرض عقوبات علينا. وبالنسبة للصين، فهى تعتبر إسرائيل مشروعا جذابا للتكنولوجيا العالية، ونحن نبيع لها أصولنا الوطنية من أجل الربح. وتتحول روسيا ضدنا تدريجيا، وتقوم بدعم ومساعدة أعدائنا».

وأوضح شافيت أن معاداة السامية وكراهية إسرائيل بلغت أبعادا لم تكن معروفة منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية. ويضيف بقوله «لقد منينا بفشل ذريع فى الدبلوماسية والعلاقات العامة، فى حين يحقق الفلسطينيون العديد من الإنجازات الدبلوماسية المهمة فى العالم. وبينما تعتبر الجامعات فى الغرب، خاصة فى الولايات المتحدة، حاضنات للقيادة المستقبلية لبلدانها، نخسر معركة الحصول على دعم لاسرائيل فى العالم الأكاديمى. كما يتباعد عدد متزايد من الطلاب اليهود عن إسرائيل. وتتنامى الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات ضدها، والتى تعمل من أجل نزع الشرعية عن إسرائيل، وانضم إليها عدد غير قليل من اليهود».

•••

ويعود فيقول «نحن لا نستخدم كل ما لدينا من قوة فى هذا العصر الذى يتسم بالحرب غير المتكافئة، مع ما لهذا من تأثير ضار على قوتنا الرادعة».

ويوضح شافيت قائلا: «إن الجدل الدائر حول أسعار الوجبات الخفيفة والحلوى والتركيز عليه فى الخطاب العام، يوضح تآكل التضامن الذى هو شرط ضرورى لاستمرار وجودنا هنا. ويشير اندفاع الإسرائيليين للحصول على جواز سفر أجنبى، إلى أن شعور الناس بالأمن بدأت يتلاشى».

ويعرب عن قلقه بقوله «يساورنى القلق عندما أرى التكبر والغطرسة، جنبا إلى جنب مع قدر غير قليل من التفكير اليهودى المسيحى الذى يندفع لتحويل الصراع إلى حرب مقدسة. وإذا كان هذا، حتى الآن، صراعا سياسيا محليا تخوضه أمتان صغيرتان بشأن قطعة صغيرة ومحددة من الأراضى، فإن القوى الرئيسية فى الحركة الصهيونية الدينية تفعل بحماقة كل ما بوسعها لتحويلها إلى أكثر الحروب فظاعة، حيث سيقف العالم الاسلامى كله ضدنا. وأرى أيضا أن هذا اليمين يدفع دولة إسرائيل بغباء وبلا تبصر، إلى موقف غير مشرف».

ويضيف شافيت: «أشعر بالقلق لأننى أرى التاريخ يعيد نفسه. حيث تركض أمة إسرائيل بلا تبصر عبر نفق الزمن إلى عصر بار كوخبا وحربه على الإمبراطورية الرومانية. وكانت نتيجة هذا الصراع عدة قرون من الوجود القومى فى أرض إسرائيل، تلاها ألفا سنة من المنفى».

وكما أننى قلق لأن المنفى حسب فهمى للأمور مخيف حقا فقط لقطاع الدولة العلمانى، الذى تقع رؤيته السياسية للعالم فى الوسط واليسار. وهو القطاع العاقل والليبرالى الذى يعلم أن المنفى يمثل تدمير الشعب اليهودى. حيث يعيش قطاع الحريديم فى إسرائيل لكونها مكانا مناسبا فحسب. فمن حيث الأرض تعتبر إسرائيل مثلها مثل أى مكان آخر بالنسبة لهم؛ وسوف يواصلون العيش كيهود فى المنفى، والانتظار بصبر لوصول المسيح.

وبالمقارنة، تعتبر الحركة الصهيونية الدينية، أن اليهود هم «شعب الله المختار» وهذه الحركة، التى تقدس الأرض أكثر من أى قيمة أخرى، مستعدة للتضحية بكل شيء. وإذا حدث الدمار سوف يفسرون ذلك إيمانيا بأن فشلنا بسبب «أننا أخطأنا فى حق الرب»، ولذلك، سوف يقولون، انها ليست نهاية العالم. سنذهب إلى المنفى، ونحافظ على يهوديتنا ونننظر فى صبر الفرصة التالية.

ويتحدث عن مناحيم بيجن، بوصفه أحد آباء فكرة إسرائيل الكبرى. وعاش طوال حياته لتحقيق هذا الحلم. وبعد ذلك، عندما فتحت البوابة للسلام مع مصر، أكبر أعدائنا، تخلى عن سيناء الأرض المصرية التى تزيد ثلاث مرات عن أراضى إسرائيل داخل الخط الأخضر من أجل السلام. وبعبارة أخرى، فإن بعض القيم مثل السلام الذى هو مقدسة أكثر من الأرض. السلام، الذى هو حياة وروح الديمقراطية الحقيقية أكثر أهمية من الأرض.

ويضيف قائلا «أنا قلق، لأن شريحة كبير من أمة إسرائيل نسيت الفكرة الأصلية للصهيونية: إقامة دولة يهودية وديمقراطية للشعب اليهودى فى أرض إسرائيل. ولم تحدد هذه الرؤية أى حدود، بينما تعمل السياسة الحالية ضدها».

ويتساءل شافيت عن الذى يمكن ويجب القيام به؟ ويجيب قائلا «نحن بحاجة إلى خلق رافعة أرشميدس لوقف التدهور الحالى. وأقترح خلق رافعة باستخدام اقتراح جامعة الدول العربية عام 2002، الذى ساهمت المملكة العربية السعودية فى إقراره. يجب على الحكومة اتخاذ قرار بأن الاقتراح سيكون أساس المحادثات مع الدول العربية المعتدلة، بقيادة المملكة العربية السعودية ومصر».

وشدد شافيت على أن الحكومة عليها القيام بثلاثة أمور قبل هذا الإعلان: 1) يجب أن تحدد استراتيجية تفاوضية مستقبلية لنفسها، إلى جانب موقفها من كل موضوع من المواضيع المدرجة فى اقتراح الجامعة العربية. 2) يجب فتح قناة حوار سرية مع الولايات المتحدة لدراسة الفكرة، والاتفاق مسبقا بشأن خطوطنا الحمراء وحول ما يمكن أن تساهم به الولايات المتحدة فى مثل هذه العملية. 3) ينبغى فتح قناة أمريكية إسرائيلية للحوار سرا مع السعودية بهدف التوصل إلى اتفاقات معها مسبقا، بشأن حدود الموضوعات التى ستطرح فى المحادثات وتنسيق التوقعات. وبمجرد الانتهاء من العمليات السرية، تعلن إسرائيل على الملأ أنها مستعدة لبدء محادثات على أساس وثيقة الجامعة العربية.

•••

ويستطرد شافيت قائلا إنه «ليس لدى أى شك فى أن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ولكل منهما أسبابه الخاصة، سوف تستجيبان للمبادرة الإسرائيلية، بما سيؤدى إلى تغيير جذرى فى الوضع. فمع كل ما لدى من انتقادات لعملية أوسلو، لا يمكننى أن أنكر أنه للمرة الأولى فى تاريخ الصراع، بدأ كل بلد عربى تقريبا بعد التوقيع على اتفاقات أوسلو يتحدث معنا، ويفتح أبوابه لنا، وبدأ الانخراط فى مشروعات تعاون غير مسبوقة فى المجالات الاقتصادية وغيرها.

ويضيف قائلا «على الرغم من أننى لست من السذاجة بحيث أظن أن مثل هذه العملية ستجلب سلاما طال انتظاره، لكننى على يقين بأن مثل هذه العملية، الطويلة والمضنية، يمكن أن تسفر عن تدابير بناء الثقة فى البداية و فى وقت لاحق اتفاقات أمنى، بحيث يكون كل من جانبى الصراع على استعداد للعيش معا. وبطبيعة الحال، سوف يكون تقدم المحادثات، مشروطا بالهدوء فى المجال الأمنى، الذى سيلتزم كلا الجانبين بالحفاظ عليه. وقد يحدث مع تقدم الأمور، أن يتفق الجانبان على النظر فى تنازلات متبادلة من شأنها تعزيز فكرة التعايش جنبا إلى جنب. وإذا تطورت الثقة المتبادلة ــ وفرص حدوث ذلك برعاية المملكة العربية السعودية والأمريكية مرتفعة إلى حد ما ــ سيكون من الممكن بدء محادثات تسوية كاملة للصراع، أيضا».

ويرى شافيت أن مبادرة من هذا النوع تتطلب قيادة حقيقية وشجاعة، يصعب تحديدها فى الوقت الراهن. ولكن إذا استوعب رئيس الوزراء خطورة التهديدات ضدنا فى هذا الوقت، وحماقة السياسة الحالية، وحقيقة أن واضعى هذه السياسة عناصر مهمة فى الحركة الصهيونية الدينية من اليمين المتطرف، وأدرك النتائج المدمرة ــ التى تصل إلى تدمير الفكرة الصهيونية ــ ربما يجد الشجاعة والعزم لتنفيذ الإجراء المقترح.

ويختتم شافيت المقال بقوله «لقد كتبت ما سبق لأننى أشعر بأننى مدين به إلى والدى اللذين كرسا حياتهما لتحقيق الفكرة الصهيونية ولأولادى، وأحفادى ودولة إسرائيل التى خدمتها عشرات السنين».

التعليقات