متى نتعلم الدرس؟ - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 4:50 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

متى نتعلم الدرس؟

نشر فى : الإثنين 30 مارس 2015 - 9:45 ص | آخر تحديث : الإثنين 30 مارس 2015 - 9:45 ص

فى سبعينيات القرن العشرين وإذا ما استثنينا عرب آسيا وإيران وأفغانستان وباكستان، توقفت شعوب القارة الآسيوية عن التورط فى حروب أو صراعات عسكرية ونزاعات مسلحة واسعة النطاق.

هزت الحروب آسيا فى أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية (1939 ــ 1945)، من حرب الكوريتين إلى حرب فيتنام. غير أن شعوب القارة الأكثر كثافة سكانية فى العالم بدت منذ سبعينيات القرن الماضى وقد تعلمت درسا وجوديا فى أولوية السلم والعمل على إنهاء النزاعات تفاوضيا لكى تنجح فى تحقيق معدلات تنموية جيدة، وامتنعت من ثم عن التورط فى الحروب ولم تسمح للقوى الخارجية بجرها إليها، هذا إذا ما استثنينا عرب آسيا وإيران وأفغانستان وباكستان. والحصيلة الآسيوية هى تنمية مستديمة غيرت للأفضل واقع الشعوب، واستقرار ديمقراطى فى بعض الدول الآسيوية الكبرى.

تعلمت شعوب القارة الآسيوية الدرس.

خلال السنوات الماضية، وإذا ما استثنينا عرب إفريقيا فى الشمال وفى القرن الإفريقى وبعض المناطق فى وسط القارة السمراء، توقفت الحروب بين الدول والحروب الأهلية والصراعات العسكرية والنزاعات المسلحة فى إفريقيا بعد أن شهدت طوال الفترة الممتدة بين انتزاع التحرر الوطنى من قوى الاستعمار القديم فى ستينيات القرن العشرين وبين المذبحة المروعة فى رواندا فى تسعينيات القرن العشرين استنزافا مستمرا للدماء وللقدرات الاقتصادية والاجتماعية المحدودة.

لم تعد إفريقيا خلال السنوات الماضية قارة المذابح والجرائم ضد الإنسانية، ولا قارة المجاعات والكوارث المتكررة والنزوح الجماعى للسكان ومخيمات اللاجئين. تعلمت شعوب القارة الإفريقية أيضا درس الترابط العضوى بين السلم والعمل على الوصول إلى حلول تفاوضية للنزاعات وبين الشروع فى عمليات تنمية مستديمة حقيقية وإنجاز استقرار اقتصادى واجتماعى وسياسى يمكن من النظر إلى المستقبل بإيجابية.

إذا ما استثنينا عرب إفريقيا وبعض المناطق فى الوسط، تعلمت شعوب القارة السمراء أيضا الدرس.

بين سبعينيات القرن العشرين والسنوات الماضية، توقفت حروب الدول والحروب الأهلية فى أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية وتمكنت بعض الدول كالبرازيل وشيلى من تقديم نماذج ملهمة للتنمية المستديمة والتحول الديمقراطى وتطبيق نظم العدالة الانتقالية لإغلاق ملفات الماضى فيما خص انتهاكات الحقوق والحريات. بين سبعينيات القرن العشرين والسنوات الماضية، نجحت العديد من شعوب أوروبا الشرقية والوسطى وإقليم البلقان من دفع إجراءات التحول الديمقراطى قدما ورفع معدلات الأداء الاقتصادى والاجتماعى للحاق بعضوية الاتحاد الأوروبى، ولم تتكرر الخبرة الدامية لحروب تفتيت يوغسلافيا السابقة والحرب الأهلية فى البوسنة والهرسك التى هزت أوروبا فى تسعينيات القرن العشرين ــ طبعا، إذا ما استثنينا الأوضاع الراهنة فى أوكرانيا وهى أقرب إلى الصراع المنضبط بين روسيا وبين الغرب فى ساحة لا يريد أحد دفعها إلى حرب مفتوحة. بين سبعينيات القرن العشرين والسنوات الماضية، تواصل استقرار الغرب فى أمريكا الشمالية وأوروبا ولم تتورط جيوش الغرب فى حروب أو صراعات عسكرية أو نزاعات مسلحة سوى فى بلاد العرب وجوارها الشرقى حول إيران وأفغانستان وباكستان.

متى نتعلم نحن العرب درس الترابط العضوى بين السلم والعمل على الوصول إلى حلول تفاوضية للنزاعات وبين الشروع فى عمليات تنمية مستديمة حقيقية وإنجاز استقرار اقتصادى واجتماعى وسياسى؟ متى ندرك أن الغرب والقوى الخارجية الأخرى والإقليمية الطامعة كإيران وتركيا وإسرائيل تفيد من حروبنا ومن الحروب الأهلية المدفوعة بجنون الطائفية والمذهبية والقبلية؟ متى ندرك أن عصابات الإرهاب تعتاش على تواصل حروبنا ودينامية تفتت المجتمعات والدول؟

غدا.. هامش جديد للديمقراطية فى مصر.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات