التربص بالمهنة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 11:36 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التربص بالمهنة

نشر فى : الإثنين 30 مايو 2016 - 10:05 م | آخر تحديث : الإثنين 30 مايو 2016 - 10:05 م

عندى تقديرات متشائمة تقول إن قطاع الإعلام والصحافة والحريات بصفة عامة سوف يشهد فى الفترة المقبلة المزيد من التضييق والتراجعات، وسيكون السلاح الأساسى لتحقيق هذا الهدف هو بعض الممارسات الإعلامية المشينة والبذيئة.


كتبت أكثر من مرة فى هذا المكان عن تداعيات الأزمة الاقتصادية الخانقة على مستقبل الإعلام والإعلاميين، وكتبت عقب أزمة اقتحام قوات الأمن لمقر نقابة الصحفيين عن الفخ الذى تم نصبه بعناية فائقة للنقابة وللأسف وقعت فيه بمنتهى السذاجة.


اليوم أكتب عن جانب جديد لنفس القضية وهو ما يعزز تقديراتى المتشائمة التى أرجو مخلصا أن تخيب.


هذا الجانب هو أن الجناح المتربص بحرية الصحافة داخل الحكومة وأجهزتها سوف يستخدم الأخطاء الفادحة التى يقع فيها بعض الإعلاميين كمصيدة لتقييد حرية الإعلاميين عموما من خلال الصور والوقائع والاحداث المتتالية التى يبدو أن بعض الإعلاميين يقدمونها للحكومة بحسن أو بسوء نية هدية على طبق من الماس والزمرد والياقوت.


تصوروا أننا بدأنا معركة للدفاع عن كرامة المهنة وطالبنا باعتذارات من كل المسئولين، وانتهى بنا الحال إلى احتجاز نقيب الصحفيين واثنين من أعضاء مجلسه على ذمة قضية "التستر على زميلين مطلوبين أمام النيابة" وصدور أمر بدفع كفالة مالية قدرها عشرة الآف جنيه، ووصل الأمر إلى مطالبات البعض بأن يعتذر الصحفيون لوزارة الداخلية وللمجتمع جراء ما فعلوه!!!.



الآن وبالتوازى مع هذا الملف نرى كوارث مهنية بالجملة وأبطالها أحيانا من نجوم الصحافة والإعلام.


غالبية الإعلاميين لا ينظرون للأسف للموضوع إلا من زاوية نسب المشاهدة والتشيير واليوتيوب، وكل ما سبق مهم، لكنه فى بعض الأحيان تكون خسائره فادحة وفاضحة للمجتمع بأكمله.


سمعنا وشاهدنا فى الشهور الماضية نماذج متنوعة لهذا الإسفاف، الذى جعل العديد من المواطنين يخجلون من فتح التلفاز على قنوات معينة. شاهدنا سبًا، قذفا بالأم والأب وكذلك بألفاظ نابية لا تقال فى علب الليل، شاهدنا معارك واشتباكات، وكأننا فى فيلم وليس برامج جادة ورصينة. شاهدنا اغتيالا معنويا للكثير من الشخصيات العامة، وللأسف صمتت عنه الحكومة فى البداية لأنه كان يخدمها والآن تحاول القضاء عليهم. لأنهم صحفيون.


استغلت أجهزة الحكومة بمهارة ما هو منسوب لأحد الصحفيين المتدربين وليس عضوا بالنقابة ويقال إنه كتب على صفحته ضد الدولة والجيش والشرطة بما يسىء إلى كل الصحفيين.


سيقول قائل أو يرد بأن غالبية المسيئين للمهنة والمشوهين لقواعدها وأخلاقياتها وأدبياتها هم من القريبين من الحكومة أو المتعاطفين معها، أو غير المدافعين بالأساس عن حرية التعبير، بل المعادين لها فى الجوهر، وكل ما يشغلهم هو أنفسهم وفقط وليس المبادئ أو القيم أو القواعد المعمول بها فى كل إعلام العالم.
صحيح لكن المهم فى هذا الأمر هو القدرة على إقناع البسطاء والعامة بأن كل الكوارث والمصائب تأتى من الصحفيين. وقتها سوف يختلط الحابل بالنابل. وينسى كثيرون التفاصيل ولا يشغلهم أن معظم من ارتكب جرائم مهنية سواء كان فردا أو مؤسسة هم من الذين دمروا قواعد المهنة من الأساس.


الخلاصة أن كل جريمة مهنية تقع، من دون حساب رادع للمخطئين هى نقطة سوف تستخدمها بعض أجهزة الحكومة قريبا، للعصف بجزء كبير من حريات التعبير. والسؤال الجوهرى: هل نتعظ وندير الأمور بهدؤء وحكمة بدلا من البلطجة حينا والصراخ أحيانا أو حتى العاطفة التى لا ترى الوقائع والحقائق على الأرض؟!!!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي