افتتاحيات السور - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 12:17 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

افتتاحيات السور

نشر فى : الأربعاء 31 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 31 يوليه 2013 - 8:00 ص

أ- افتتاحيات مفهومة

  افتتاحية كل بيان تنطق بما فيه وتشير إلى ما وراءها، لذلك اهتم البشر بالافتتاحيات لأنها تجذب الأنظار للبيان أو تصرفها عنه، وجميع سور القرآن قد تنوعت فيها الافتتاحيات تنوعا عجيبا، واليوم ننظر فى الافتتاحيات التى تعلن مباشرة عن الله، فهى افتتاحيات تدل على الذات الإلهية وما يجب لها من حمد وتسبيح، وافتتاحيات أخرى توضح تودد الله لجميع عباده، إذ يناديهم على كافة تنوعاتهم، فها هى خمس سور تفتتح كل سورة منها بشعيرة «الحمد لله» وهى:

الفاتحة ((الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ))، الأنعام((الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض))، الكهف ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا))، سبأ ((‏الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى لَهُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِى الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ))، فاطر((الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِى أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ))، فشعيرة «الحمد لله» شعيرة التوحيد والإيمان والرضا والحب، فمن يقل «الحمد لله» يعلن إيمانه بإله واحد كما يعلن حبه وشكره لهذا الإله الواحد، وقد تنوعت أسباب الحمد كما نراها هنا إلى خمسة أسباب:

فالفاتحة «الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ «خالق جميع العوالم ومربيها» «رَبِّ الْعَالَمِينَ».

والأنعام «الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض» نحمده على خلق السماوات والأرض والليل والنهار.

والكهف «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا» نحمده على إنزال الكتاب هداية للناس.

وسبأ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى لَهُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ» نحمده على تحكمه فى السماوات والأرض فلا نخاف منهما، أما

فاطر «الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِى أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ» فنحمده على أنه جعل للسماوات والأرض وظائف متكاملة.

وأمامنا سبعة سور أخرى تفتتح بصيغة من صيغ «تسبيح الله»، فتسبيح أزلى منذ القدم فى ثلاثة سور (الحديد والحشر والصف)، فالحشر والصف بصيغة واحدة «سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ وهو الْعَزِيز الْحَكِيم..»، أما سورة الحديد فجاءت «سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ وهو الْعَزِيز الْحَكِيم».

 هكذا للفعل سبح بصيغة الماضى، أما سورتا التغابن والجمعة فجاء التسبيح بصيغة المضارع والمستقبل ففى التغابن والجمعة «يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الْأَرْض..»، أما سورة الأعلى فجاء التسبيح فيها بصيغة فعل الأمر «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى»، أما سورة الإسراء فجاء التسبيح فيها بصيغة أخرى «سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا..». هكذا فافتتاحيات «الحمد» وافتتاحيات التسبيح صيغتان لعلاقة العبد بربه تسبيحا وحمدا.

وها هى عشر سور أخرى تفتتح بنداء إلهى وهى إفتتاحيات سور (النساء/ المائدة/ الحج/ الأحزاب/ الحجرات/ الممتحنة/ الطلاق/ التحريم/ المدثر/ المزمل).

فسورتا النساء والحج تبدآن بـ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ..».

ففى النساء «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ..» نداء لجميع الخلق لطاعة الله الذى جعلهم جميعا سواسية وجعلهم إخوة، أما فى سورة الحج فيجىء النداء «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ» أى استعدوا لزلزلة الساعة.

أما فى سورة الأحزاب فالنداء للنبى يأمره بالتقوى كما أمر الناس من قبل «يا أَيُّها النَبِيُّ اِتَّقِ الله..»، وكذلك سورتا الطلاق والتحريم، وفى المدثر والمزمل جاء النداء للنبى أيضا «يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ»، «يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ»، وأما فى سورة المائدة «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ..»، وكذلك سورة الممتحنة «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ..»،، وفى سورة الحجرات «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ..» هكذا تعددت وتنوعت افتتاحيات سور القرآن بصيغ معهودة قريبة التشابه مع أسلوب البشر، لكن هناك افتتاحيات أخرى جاءت بشكل غير معهود نشير إليها غدا.

يتبع.

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات