علاء سعد يكتب: المخابرات المضادة.. كيف يفكرون - منبر الشروق - بوابة الشروق
السبت 11 مايو 2024 4:52 ص القاهرة القاهرة 24°

علاء سعد يكتب: المخابرات المضادة.. كيف يفكرون

نشر فى : الأربعاء 13 فبراير 2013 - 11:25 م | آخر تحديث : الأربعاء 13 فبراير 2013 - 11:25 م
المستند المذكور
المستند المذكور

بإمكان التحليل الحصيف أن يتتبع مصدر الخسائر, وذلك برصد المنافع التي عادت على العدو من استغلاله للمعلومات التي حصل عليها. هذا هو جوهر الاستخبارات المضادة والأساس الذي ينطلق ويستند عليه الحدس, هذا هو شعاع الضوء الذي يجب أن تتبعه الاستخبارات المضادة في ليالي العمل الاستخباري حالكة الظلام.

 

ونعود لبداية الحدث.. انتشرت منذ أيام وثيقة مسربة من مكتب رئاسة الجمهورية تحت رقم 56-122-1-2012  خ/ر/خ 159 وعنوانها "قرار بشأن توفير مسكن أمن لأسرة فخامة السيد رئيس الجمهورية", وثيقة سرعان ما أعلنت الرئاسة عن أنها زائفة.

 

وقد اطلعت على الوثيقة المنشورة على مواقع الانترنت, وتدافعت في رأسي أسئلة كثيرة على سبيل المثال.. ماجدوى تسريب هذه الوثيقة؟ وكيف تناولها مجتمع المعلومات؟ وماهي ظروف التي أحاطت بخروجها؟ وماهي المعلومات التي يمكن أن تكشف عنها الوثيقة؟ وما مدى صحتها؟ ولكن يبقى السؤال الأهم في عالم التفكير الوقائي.. ماهي الخسائر؟ وما هي المنافع؟ ماهي خسائر مصر؟ وماهي منافع أعداء مصر؟

 

إننا نحتاج إلى الكثير من الجهد حتى نصل إلى الحقائق, وخصوصا في مجتمع أصبح الصراع فيه على مستوى الكل, وأصبح تخوين كل طرف وسيلة سهلة لنهاية عملية التفكير في مشاكلنا, بل وأصبحت مبررات العمالة, وتشبيهات السوس هي المبرر الأسهل على الإطلاق لأي قرارت طائشة تحت دعاوي حماية الثورة من الثورة المضادة والفلول.

 

ونظرا لكل ما سبق, ولأن التفكير على المستوى المحلي أصبح لا يجدي, أو أصبح لا يفيد تماما كالجريمة, فما كان سهلا أبدا ما سأكتبه في السطور القادمة, فهي حقائق لايراها إلا من يدركون الحقيقة ولايسعون إلا إليها.

 

ضع نفسك مكان محلل الاستخبارات المضادة داخل السي أي إيه, أو الموساد, أو حتى إم أيه 6. تتبع مصدر المستند باستخدام البرمجيات المعقدة, أمرا سهلا وسيحدد المصدر الحقيقي على الانترنت بمنتهى السهولة مما يلقي الضوء على صحة المستند عن عدمه. فمعرفة المصدر تكفي في معظم الأحيان للتأكد من المعلومة:

 

-تحليل النمط.. فالمستند يحتوي على قرار صادر من مكتب الرئيس، ويحمل ارقاما كودية تعني (خاص رئيس الجمهورية خ/ر/ج) والموضوع ذاته يبرر الكود فهو يبحث إقامة آمنة لأسرة الرئيس.

 

-تحليل النمط وربطه بالدوافع والوقائع التاريخية, ماهي الحالة الأمنية لأسرة الرئيس؟ هل تمت محاصرة بيت الرئيس؟ وكم عدد المرات؟ وما هي كمية الحراسة ومستوى التأمين.. إلخ.

-ربط النمط بالبيئة, فالنمط دائما ما يغير البيئة المحيطة بما يتوافق معه, تعليمات لجامعي المعلومات برصد تحركات في المحافظات الهادئة تؤكد أو تنفي نقل إقامة أسرة الرئيس.

 

وأخيرا الوصول إلى السؤال الأهم على الإطلاق في مجال الاستخبارات المضادة.. هل تم تسريب هذه الوثيقة حتى تصل إلينا؟ وهذا سؤال لن نجيب عليه وسنتركه مفتوحا للموساد وغيرهم. إنهم يعملون ويجتهدون ونحن نتصارع ونتقاتل, هم ينجحون ويتقدمون ونحن نكون دوما وقودا ودرجات للصعود.

 

المستند لنا والواقع واقعنا, والمعلومات منا, والمزيف إن وجد يعيش بيننا, والحقيقة والأحداث نحن نصنعها ونقدمها على طبق من فضة، بل من ذهب لأعدائنا.

إن المستند, حتى ولو كان مزيفا، لا ينفي الواقع المرير بأن الأمن القومي في أحيان كثيرة قد تصبح كتلته تساوي وزنه, ولفهم هذه العبارة عليك بالرجوع لأستاذ فيزياء الجوامد حتى يفسر لك متى تصبح الكتلة في حالة تساوي مع الوزن.

شارك بتعليقك