الخيط الرفيع بين الصحافة والتكسب والتجسس - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 13 أغسطس 2025 11:50 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

الخيط الرفيع بين الصحافة والتكسب والتجسس

نشر فى : الإثنين 22 يونيو 2015 - 11:15 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 23 يونيو 2015 - 6:32 ص

هناك خيط فى غاية الهشاشة يفصل ما بين مهن الصحافة والتجسس والتكسب وربما مهن أخرى لا يصح أن نذكرها فى هذا المكان.

الصحفى بحكم عمله يفترض أن يقابل العاملين فى كل المهن ومنهم الدبلوماسيون ويحتم عليه عمله أن يذهب إلى السفارات أحيانا لحضور احتفالات أو إجراء مقابلات تتعلق بعمله.

بالنسبة لى فأنا ألتقى دبلوماسيين عرب وأجانب بصفة مستمرة على هامش مؤتمرات تنظمها الحكومة المصرية أو بعض المؤسسات أو فى حفلات الأعياد الوطنية للدول أو بدعوات خاصة أحيانا. وعلى سبيل المثال فإنه خلال الأسبوعين الماضيين حضرت احتفال الولايات المتحدة بعيد الاستقلال واليوم الوطنى للمملكة الأردنية واحتفال عيد ميلاد ملكة انجلترا. فى هذه اللقاءات يقابل المرء عشرات الدبلوماسيين من كل الدول تقريبا.

جزء اساسى من عمل الدبلوماسى هو الحصول على كل المعلومات المتاحة فى البلد الذى يخدم فيه وأحد الوسائل الأساسية لذلك هو الإعلام والإعلاميون.

يدردش معك الدبلوماسى ويبدأ بالسؤال التقليدى: «ايه الاخبار»، وينتهى الأمر بالبعض إلى السؤال المباشر عن نقطة محددة فى موضوع معين. هو يريد ان يحصل على المعلومة بكل الطرق ويظل احيانا يلف ويدور لتحقيق الهدف. هو يبتسم فى وجوه الجميع ويعتقد كل شخص ان هذا السفير أو ذاك الدبلوماسى يعامله معاملة خاصة.

شخصيا دربت نفسى وعودتها على التحفظ بقدر المستطاع فى هذه الأحاديث الدبلوماسية خصوصا عندما عرفت ان اجهزة المخابرات وجمع المعلومات العالمية صارت تعتمد على ما تنشره وسائل الإعلام بنسب متفاوتة تصل احيانا إلى تسعين فى المائة. سألت خبراء واصدقاء وانتهيت إلى حل مريح هو ان ما اقوله لأى شخص سواء كان دبلوماسيا أو يعمل فى أى مهنة اخرى هو ما يمكن ان اكتبه فى هذا المكان وربما اقل.

كل ما تقوله كصحفى لدبلوماسى اجنبى يتحول بعد دقائق قليلة إلى تقرير يرسله هذا السفير أو القنصل إلى دولته، وتتحول انت كصحفى إلى مصدر لهذا التقرير وبالتالى فرب كلمة بسيطة تتفوه بها لا تدرك ما معناها أو مدى خطورتها قد توردك موارد التهلكة وتضر بدولتك بصورة لا تتوقعها.

كل ما سبق يتعلق بالصحفى حسن النية الذى قد لا يفرق بين قيمة المعلومات واهميتها.
الآن وبفضل التسريبات التى قادها جوليان اسانج والقدرة على احتراق الأرشيف السرى لبعض السفارات صار بإمكاننا ان نعرف ما الذى حدث فى الغرف السرية واللقاءات الخاصة ومن الذى تكسب ومن الذى باع نفسه رخيصا؟!.

الآن وبعد ما نسمعه ونقرأه وبعد تسريبات اسانج وادوارد سنودن والجيوش الإلكترونية صار مهما وحيويا لكل صحفى ان يدقق مليون مرة وهو يتحدث مع أى شخص خصوصا اذا كان دبلوماسيا، عليه ان يتذكر ان كل كلمة يقولها محسوبة عليه ومهما كانت درجة سريتها فقد يأتى يوم ما وتصبح هذه المعلومة السرية متاحة للجميع «وعلى عينك يا تاجر» بفضل قرصان متمرس أو جهاز مخابرات دولة اخرى قرر ان يصفى حساباته مع هذه الدولة.

أيها الصحفيون احترسوا، لم يعد فى قاموس الإعلام كلمة اسمها سرية.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي