ما وراء «خلية الماريوت».. «بوابة الشروق» تكشف تفاصيل جديدة في القضية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 12:38 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما وراء «خلية الماريوت».. «بوابة الشروق» تكشف تفاصيل جديدة في القضية

المتهمين في  قضية الماريوت-ارشيفية
المتهمين في قضية الماريوت-ارشيفية
تحقيق: عزة جرجس - إنفوجراف: نجم المتولي
نشر في: الجمعة 11 يوليه 2014 - 11:25 م | آخر تحديث: الإثنين 14 يوليه 2014 - 6:45 م

كان «باهر» يجلس بغرفة مكتبه، في منزله بمدينة السادس من أكتوبر، عندما تناهى إلى سمعه عواء الكلب الخاص به، ترك الغرفة متجهًا للحديقة؛ فوجد الكلب جثة هامدة وإلى جواره عدد من ضباط الشرطة، بمجرد أن رأوه ألقوا القبض عليه وقاموا بتفتيش مسكنه ثم حملوا جهاز «اللاب توب» الخاص به وتوجهوا إلى قسم الشرطة.

«أنا صحفي أعمل بالقطعة في قناة الجزيرة الإنجليزية، وعقدي ينتهي هذه الأيام»، يقول باهر حازم نصر، الذي بالرغم من أن والده قيادي في جماعة الإخوان المسلمين، فقد قال إنه ليس له علاقة بالتنظيم: «لم أنضم للجماعة يومًا واحدًا رغم محاولات أبي معي» يسرد في التحقيقات معه.

بعد ذلك علم باهر أن زميليه الصحفيين محمد فاضل فهمي وبيتر جريسته، قد تم القبض عليهما منذ يومين من غرفهما بفندق الماريوت، لتتم بعد ذلك محاكمتهم جميعًا بتهم «الانتماء لتنظيم إرهابي» و«بث أخبار كاذبة تضر بمصالح مصر»، ثم تقضي محكمة جنايات القاهرة في الثالث والعشرين من يونيو الماضي، بالسجن المشدد مدد تتراوح ما بين سبع وعشر سنوات على الصحفيين وآخرين.

في السطور التالية تكشف «بوابة الشروق» عن المضبوطات التي وجدتها الشرطة بحوزة الصحفيين، وتقرير لجنة المهندسين الإذاعيين باتحاد الإذاعة والتليفزيون التي فحصت مقاطع الفيديو وآخر فيديو للمراسل الأسترالي بيتر جريسته والذي نفى فيه ما قالته مذيعة الجزيرة بأن «الوضع في مصر يتهاوى».

الجناح رقم 2056

في الثاني والعشرين من ديسمبر 2013، تم تحرير محضر ضد الصحفيين يفيد بتردد عدد من المراسلين والإعلاميين وعناصر من جماعة الإخوان عليهم في الجناحين رقم 1756 و2056 بفندق الماريوت وأنهم "يقومون ببث أخبار كاذبة لتشويه سمعة مصر بالخارج".

الضابط «م. أ» نقيب شرطة بإدارة القاهرة قطاع الأمن الوطني، قال في تحقيقات النيابة إن وظيفته هي متابعة النشاط الإعلامي ورصد مخالفات القنوات وتوجهاتها السياسية، توجه في التاسع والعشرين من الشهر ذاته، بعد أيام من تحرير المحضر للقبض عليهما في الفندق.

وكان الجناح رقم 1756 خاليًّا تمامًا، وبالانتقال إلى الجناح رقم 2056 كان به الصحفي محمد فاضل فهمي ومعه المضبوطات التي حرزتها الشرطة.

الأحراز

 

ضباط الأمن الوطني كانوا قد اصطحبوا معهم أثناء انتقالهم لفندق الماريوت، لجنة مشكلة من ثلاثة مهندسين في الهندسة الإذاعية باتحاد الإذاعة والتليفزيون (تتحفظ بوابة الشروق على ذكر أسمائهم) لفحص مقاطع الفيديو على أجهزة الصحفيين.

ووفقًا لتقرير اللجنة والذي حصلت «بوابة الشروق» على نسخة منه فإن الفيديوهات المضبوطة «بعضها تعرض لعمليات التعديل وهو ما يعرف بالمونتاج عن طريق استخدام برنامج Final cut pro».

وهو الأمر الذي اعتبرته النيابة دليلًا على أنهم «أجروا تعديلات بالحذف والإضافة على المواد الإعلامية، وبثوها عبر قناة الجزيرة، للإيحاء للرأي العام الخارجي بأن البلاد تشهد اقتتالًا داخليًّا وحربًا أهلية».

وعلى الرغم أن اللجنة ذكرت في تقريرها أن المونتاج يتم لتغطية العيوب الفنية في التصوير والإخراج، لكنهم قالوا إن الصحفيين استخدموه «للتعبير عن وجهة نظر واحدة فقط وهي المؤيدة للإخوان».

«تقرير اللجنة يجب أن يكون فنيًّا وليس عليها أن تبدي رأيها في مهنية العمل من غيره» كما يقول المحامي شعبان سعيد، محامي الصحفيين لـ«بوابة الشروق»، مشيرًا إلى أنه استجوب أعضاء اللجنة أمام المحكمة وأكدوا أن تقريرهم فني.

فيما يشير تقرير اللجنة إلى أن قائمة الفيديوهات التي قاموا بفحصها تم تصويرها في 2012، حيث تضمنت مقاطع فيديو لمجلس الشورى المنحل ومؤتمرات جماهيرية للرئيس المعزول محمد مرسي وفيديو لمباراة كرة قدم، بالإضافة لـ«فيديو تمثيلي لرجال شرطة مع متهمين».

ولم يرد في التقرير أي حديث عن مقاطع فيديو تم تصويرها بعد 30 يونيو 2013، وبالرغم من ذلك فقد قالوا في نهاية تقريرهم إن «الفيديوهات التي تم ضبطها تنقل الأحداث الجارية في البلاد من جانب واحد متعاطف مع الإخوان المسلمين».

«الانتماء لتنظيم إرهابي»

بعد 48 ساعة من القبض على الصحفيين في الماريوت، وفي ذات اليوم الذي تم القبض فيه على الصحفي باهر نصر، تم إلقاء القبض على ثلاثة شباب، كانوا يستقلون سيارة في المقطم، وهم صهيب سعد، خالد عبد الرؤوف، وشادي عبد الحميد، وعندما ذكر الأخير أثناء التحقيق معه بقسم المقطم، أن شقيقه أحمد عبد الحميد مسجون على ذمة أحد القضايا مع أنس البلتاجي، تم ضم الاثنين الآخرين للقضية.

«بوجود كاميرات تصوير معهم، قالوا: إنهم يعملون لصالح قناة الجزيرة وتم تجميع القضيتين في قضية واحدة وأطلقوا عليها (خلية الماريوت) كما يقول محامي الصحفيين شعبان سعيد، قبل أن يضيف «على الرغم أن معظم المتهمين ما يعرفوش بعض».

لماذا «خلية»؟

كانت التهمة الأولى التي وجهت للصحفيين هي الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، وقد نفى باهر في التحقيق معه الانتماء للجماعة، رافضًا في الماضي كل محاولات أبيه لضمه لها، ونفى الصحفيان بيتر جريسته ومحمد فاضل فهمي أية صلة لهما بجماعة الإخوان. وكتب فهمي رسالة من محبسه منذ أيام تفيد بأنه يود التبرع لصندوق تحيا مصر الذي أعلن عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي.

الضابط الذي حرر المحضر ضد الصحفيين في الثاني والعشرين من ديسمبر قال في تحقيقات النيابة إنهم «ينتمون لتنظيم إرهابي». على الرغم أن توقيت تحرير المحضر كان قبل إعلان الحكومة رسميًّا أن جماعة الإخوان "جماعة إرهابية" بثلاثة أيام.

وأنها ستوقع عقوبات على من «ينضم إلى الجماعة أو التنظيم واستمر عضوًا في الجماعة أو التنظيم بعد صدور هذا البيان (بيان تصنيف الإخوان جماعة إرهابية) أو يروج لها بالقول أو الكتابة أو بأي طريقة أخرى، وكل من يمول أنشطتها»، وفقًا لبيان مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 25 ديسمبر.

وبخلاف تهمة الانتماء للجماعة جاءت التهمة الثانية «بث أخبار كاذبة عن مصر، وإدخال تعديات على مقاطع فيديو مصورة تظهر مصر وكأنها تمر بحرب أهلية».

جريسته: الوضع في مصر طبيعي

على موقع يوتيوب تظهر مقاطع فيديو للصحفي بيتر جريسته، أثناء تغطيته للأحداث في مصر في ديسمبر الماضي، منها فيديوهات لأحداث جامعة الأزهر ومظاهرات لجماعة الإخوان في مدينة نصر. وقد دار الحوار التالي بين مذيعة الجزيرة والمراسل في آخر ظهور له على القناة قبل القبض عليه.

المذيعة: ما هو الوضع الأمني الآن في مصر أعتقد أن الأمور تتهاوى؟

بيتر: سيكون من المبالغة الحديث عن أن الأمور تتهاوى. فمصر لا تزال تتعامل بصورة طبيعية، لكن ما يمكننا قوله هو تصاعد الإحساس بالفوضى وانعدام الأمن، وهناك أشخاص قلقون جدًّا فعلًا بشأن هذه النقطة، أعرف أناسًا يغيرون خططهم للاحتفال بالسنة الجديدة ويفكرون مرتين قبل اتخاذ قرار الاحتفال بالأماكن العامة خشية أي هجوم عليهم وسيكتفون بقضاء الليل مع أصدقائهم بالمنزل.

وتابع: «ما تحاول الحكومة فعلة في هذه المرحلة هو ضبط النظام لقمع ما تسميه الإرهاب، لكن يمكن أن تؤدي سياسات الحكومة إلى نتائج عكسية تجعل المواطنين أكثر رعبًا».

بيتر الذي كان قد وصل للقاهرة في السادس عشر من ديسمبر، لم يكن معه تصريحا للعمل في القاهرة، حسبما أظهر فيديو نشرته قناة التحرير أثناء القبض على الصحفيين في فندق الماريوت. حيث قال محمد فهمي إنه ليست بحوزتهم تصاريح سارية وأن معه تصريح «بس لسه مجددتهوش».

 

العقوبة: الترحيل

«أكتر حاجة ممكن تحصل مع صحفي معهوش تصريح هو الترحيل» يقول محمد الإمام، مدير المكتب الإعلامي للصحفيين الأجانب باتحاد الإذاعة والتليفزيون، قبل أن يؤكد لـ«بوابة الشروق» أن قناتي الجزيرة الإنجليزية والعربية معتمدتان في مصر، وأن لهما 35 مراسلًا معتمدًا، وأن قناة الجزيرة مباشر مصر «هي فقط التي تعمل بشكل غير قانوني».

«الإمام»، قال إن صحفيي «الماريوت» لم يحصلوا على أي تصاريح من المركز الصحفي للمراسلين الأجانب وليسوا ضمن قائمة مراسلي قناة الجزيرة الخمسة والثلاثين المعتمدين رسميًّا، مشيرًا إلى أن مصر من أكثر المناطق جذبًا للصحفيين؛ نظرًا للأحداث الجارية بها ولأهمية موقعها في الشرق الأوسط «بمجرد ما يجيلي مراسل أجنبي عايز يعمل تقرير ببعت معاه حد يساعده ويقدمله كل الخدمات»، وفقًا له.

«مصر ليست مستباحة»

السفير صلاح عبد الصادق، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات والمخولة باعتماد الصحفيين الأجانب، يقول هو أيضًا إنه لم يتلق من قناة الجزيرة أسماء الصحفيين الذين تم القبض عليهم لاستخراج تصاريح لهم.

ويضيف عبد الصادق في اتصال هاتفي مع «الشروق»، أنه لا يمكن لأي شبكة تليفزيونية أن تعمل بدون تصريح «مصر ليست مستباحة»، معتبرًا أن عدم وجود تصريح معهم ليس السبب الرئيسي في إدانتهم، وأن هناك أدلة قدمت للمحكمة جعلتها تحكم عليهم «لقد التقوا بأعضاء جماعة تم تصنيفها بأنها إرهابية»، يقول عبد الصادق.

ويرى رئيس الهيئة العامة للاستعلامات أن قناة الجزيرة، «بيورطوا الناس بتوعهم وبيلقوا بيهم كطعم فيقعوا تحت طائلة القانون وبعد كده يقولوا صحفي طيب لو صحفي جاي بصفة غير قانونية ليه؟» يتساءل قبل أن يضيف «الحمد لله، قضاؤنا شامخ ومش مسيس وتقدم له كل البراهين وهو يتعامل»، على حد قوله.

«عبد الصادق»، الذي حاول أن يشرح طبيعة الحكم على صحفيي الجزيرة للمراسلين الأجانب في القاهرة والذين أصابهم الذعر نتيجة الحكم على زملائهم قال: إن «عددًا كبيرًا منهم حزين على ما جرى لصحفيي الجزيرة لكن عندما نشرح لهم الوضع يتفهمونه».

رقابة ذاتية

في أحد مقاهي حي الزمالك وعلى بعد أمتار قليلة من فندق الماريوت، كان يجلس إسماعيل مونثون، مراسل سلسلة قنوات «ميديا سيت» الإسبانية، الصحفي العشريني الذي يتواجد في القاهرة منذ ثورة 25 يناير، رأى أن نوعًا من الرقابة الذاتية بدأ المراسلون الأجانب يفرضونه على أنفسهم «بالطبع بعد الحكم على صحفيي الجزيرة لسان حالنا يقول إذا ما تناولت الجزء الخاص بالإخوان المسلمين في التغطية الخاصة بي فقد أعرض نفسي لمشاكل ما».

ويشير مونثون في لقائه مع «بوابة الشروق»، إلى أنه ليس هناك قانون واضح يتعلق بتعامل الصحفيين مع جماعة الإخوان المسلمين «لقد سألتهم في الهيئة العامة للاستعلامات هل إذا أجريت حوارًا مع عضو بالجماعة قد أعرض نفسي للمساءلة القانونية» ولكن الرد جاءه «غير واضح المعالم».

ويرى المراسل أن قناة الجزيرة الإنجليزية «مختلفة» عن الجزيرة العربية، «مهنية ولهم معايير مختلفة في تناول الموضوعات» ولكنه لا يخفي رأيه بأنها «تقف إلى جانب الإخوان المسلمين».

المراسل الإسباني لم يكن بعيدًا عن التضييق الأمني هو وزملاؤه «كنت في المحلة أعد تقريرًا عندما تم القبض علي ولكن بعد أن قدمت لهم الكارنيه الخاص بي واتصل رئيس الهيئة العامة للاستعلامات بهم أطلقوا سراحي»، مشيرًا إلى أن زملاءه في وكالة الأنباء الإسبانية تعرضوا لتضييقات مشابهة، الأمر الذي دفع فيدرالية منظمات الصحفيين الإسبانية إلى إصدار بيان يندد بما يحدث للمراسلين في القاهرة.

«الصحافة الأجنبية تنقل الأحداث في مصر كما هي» يقول مسترسلًا: «نحن نرى الأشياء دون التفاعل معها، فنحن لسنا مصريين ولسنا جزءًا مما يحدث، إننا بعيدون عن كل أطراف النزاع في مصر؛ لذا نقوم بتغطية الأحداث دون انحياز».

الصحفي قال: إن المراسلين الأجانب سيستمرون في تغطية الأحداث في مصر «رغم كل التضييقات»، وحتى إذا تعرضوا لعراقيل في تغطية حدث ما، ستظل مواقع التواصل الاجتماعي تنقل ما يحدث و«لن يتمكن أحد من إخراسها».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك