«الشروق» تشاهد تجربة تحويل زيت الطعام إلى وقود - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 8:19 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى مركز الاستزراع المائى.. هنا يصنعون «من الفسيخ شربات»

«الشروق» تشاهد تجربة تحويل زيت الطعام إلى وقود

تحقيق: أحمد عدلى - تصوير: أميرة مرتضى
نشر في: الثلاثاء 16 ديسمبر 2014 - 1:03 م | آخر تحديث: الثلاثاء 16 ديسمبر 2014 - 2:04 م

«الشروق» فى مركز الاستزراع المائى لمشاهدة تجارب تحويل زيت الطعام إلى وقود

الدكتور عبدالمولى: تكلفة الجهاز 7 آلاف جنيه ونسعى لوضعه فى كل بيت مصرى

الجهاز يحول زيت الطعام إلى «بيو ديزل» أنقى من السولار ويستخدم لسيارات النقل

من بين عدة حلول مبتكرة لعدد من المشكلات الرئيسية التى تواجه المجتمع المصرى، اختارت وزارة التموين تطبيق تجربة الدكتور عصام عبدالمولى، عميد مركز الاستزراع المائى بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، الكائنة بمنطقة أبو قير بالإسكندرية، والتى تقوم على تحويل زيت الطعام بعد القلى به مرات عديدة إلى وقود، بدأ التطبيق الفعلى للتجربة بعدد محدود من الأجهزة التى تم تشغيلها لهذا الغرض فى محافظة بورسعيد، حيث تم اختيارها باعتبارها محافظة مغلقة على أن تنقل التجربة لمحافظات أخرى تباعا، الجهاز الذى تبنته وزارة التموين لم يكن بحاجة لأكثر من تعريف للمواطنين به، للبدء فى استغلال إمكانياته وهو نفس ما ينطبق على العديد من التجارب التى يقوم بها مركز الاستزراع المائى، ولا تحتاج سوى تبنى جهة رسمية لها حتى يمكن تطبيقها.

«الشروق» زارت المركز والتقت بباحثيه، وبصاحب الاختراع والتجربة والمشروع، ورصدت الجهاز الذى يؤكد مطوره أنه سيوفر المليارات للحكومة، وناقشته فى المشاريع الأخرى التى يتم تنفيذها.

مغامرة تنفيذ المشروع

داخل مركز الاستزارع المائى بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا يجلس الدكتور عصام عبدالمولى، عميد المركز، ليتابع معدلات تنفيذ المشروعات المختلفة التى يقومون بتنفيذها على مساحات محدودة داخل أرض الأكاديمية بمنطقة أبو قير فى الإسكندرية، بينما يشعر بسعادة غامرة وهو يشاهد مشروع حياته يرى النور بالتطبيق العملى بعدما تبنته وزارة التموين لأول مرة.. بكثير من الطموح والإحساس بالمغامرة، تحدث «عبدالمولى» عن تجاربه.

ويجرى المركز مشروعات عدة تقوم على ترشيد استهلاك الطاقة غير المتجددة وتوفير المياه فى الزراعة، وغيرها من المشروعات التى تكون فى واقع الأمر بسيطة فى التنفيذ ومربحة فى العائد، لكنها لا تجد من يتحمس لتبنيها وتنفيذها سواء من الحكومة أو الشركات الخاصة.

قبل أسابيع قليلة وقع المركز بالتعاون مع وزارة التموين اتفاقية لتطبيق تجربة استخراج «السولار» من زيوت الطعام التى تم استخدامها عبر جهاز بسيط قام الدكتور عصام بتطويره وتخفيض تكلفته الإنتاجية من 35 ألف دولار إلى نحو 7 آلاف جنيه مصرى فحسب، وبدأ تطبيق العمل به فعليا فى مدينة بورسعيد بداية الشهر الحالى.

الجهاز الجديد، بحسب الدكتور عصام، يحول جميع أنواع الزيوت النباتية إلى سولار خلال 48 ساعة فقط، ويمكن استخدامه فى المنزل حيث لا تتجاوز مساحته متر فى متر ولا يتطلب اشتراطات خاصة باستثناء عوامل الأمان مثل الابتعاد عن الغاز والمواد المشتعلة، وأتمنى أن يدخل كل بيت مصرى ويكون مشروعا مربحا للأسر.

قصة تطوير الجهاز بدأت قبل أكثر من 20 عاما، كما يقول الدكتور عصام، حيث يتم استخدام الجهاز فى الخارج منذ سبعينيات القرن الماضى، لكن مشكلة التطبيق فى مصر كانت تواجه دائما بارتفاع تكلفة الجهاز الواحد وصعوبة شراء كميات كبيرة من الأجهزة بسعر 35 ألف دولار للجهاز الواحد، وهو ما جعله يعكف على تطوير الجهاز ليتم الاستغناء عن أجزاء فيه والاستعانة بأجزاء أخرى أقل تكلفة، حتى تمكن صناعته بتكلفة 7 آلاف جنيه فقط من خلال تطبيقات عدة أجراها فى الأكاديمية على مدى أكثر من 5 سنوات.

محرر «الشروق» يتابع العمل داخل المركز

وأضاف أنه تقدم بالمشروع للحكومات المتعاقبة منذ عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك خاصة مع تطبيقه فى الأكاديمية منذ سنوات لكن لم يتحمس له سوى وزير التموين الحالى الدكتور خالد حنفى الذى تبنى تطبيقه للاستفادة من الزيوت المهدرة.

وأوضح أن إعادة الأسر لزيت الطعام بعد استخدامه فى القلى أمر لا يمكن التلاعب فيه؛ لأن قيمة لتر الزيت المستعمل 50 قرشا، ولا يوجد أى مواد يمكن إضافتها لتعطى شكل زيت الطعام بسعر أقل من ذلك للتر بما فيها زيوت السيارات التى يتم بيعها بـ4 جنيهات للتر الواحد، مشيرا إلى أن المادة السائلة الوحيدة الأرخص هى المياه ويستحيل مزجها بالزيت علميا.

وأضاف أن الجهاز يحول أى زيت نباتى الأصل وليس زيوت الطعام فحسب، ولكن يفضل استخدام الزيوت المستعملة باعتبارها أرخص فضلا عن التخلص منها بطريقة علمية، فالزيوت بعد الطهى فيها تكون مشكلة لربة المنزل فإما أن تتخلص منها بالصرف الصحى أو تقوم ببيعه لمن يقومون بإعادة استخدامه مرة اخرى فى الطعام أو فى صناعة الصابون، وهو ما يسبب مخاطر صحية كبيرة سيكون الجهاز سببا فى تجنبها لوجود طريقة آمنة وذات عائد للأسرة عند رغبتها فى التخلص من الزيت.

وأشار إلى أن الجهاز يحول الزيت إلى «بيو ديزل» وهى وقود حيوى أنقى من السولار ويتم استخدامه فى ماكينات الديزل وسيارات النقل وماكينات الكهرباء والسيارات، بما لا يحتاج إلى تعديلات فى المواتير الخاصة بها مشيرا إلى أن كفاءته تصل إلى ضعف كفاءة السولار.

وأوضح أن الحكومة تشترى لتر السولار بسعر دولار واحد بما يعادل 7.19 جنيها تقريبا، بينما تبيعه للمستهلك بتكلفة 1.85 قرشا وتتحمل الفارق، بينما تصل تكلفة إنتاج البيوديزل إلى 3 جنيهات مما سيخفض الدعم ليكون 1.15 جنيه فقط مما سيخفض تكلفة الدعم لأكثر من النصف، بالإضافة إلى تخفيض نسبة التلوث الناتجة عن استخدامه حيث أنه وقود صديق للبيئة ويطلق غاز ثانى أكسيد الكربون بنسبة 95% من السولار العادى.

وأشار الدكتور عصام عبدالمولى إلى أن الطريقة الكيمائية لإنتاجه غير معقدة، لكنها تحتاج لتدريب بسيط ولا تشترط أن يكون العامل حاصلا على أى شهادات أو وصل لمستوى معين فى التعليم، مشيرا إلى أن الجهاز حال عمله بكامل طاقته شهريا يمكن أن يحقق ضعف ثمنه.

وأضاف أن مصر تستورد سنويا 100 مليون طن زيوت حيث يتم استهلاكها، مشيرا إلى أن نسبة الفاقد الطبيعية فى الزيوت تصل إلى 50% مما يعنى أن هناك 50 مليون طن يمكن تحويلها إلى زيت «البيو ديزل»، لافتا إلى أن هناك عدة طرق يمكن من خلال توفير الزيت أيضا ولكنها تحتاج إلى تبنى لها حتى يمكن تحقيق الاستفادة القصوى من الجهاز.

وشرح عبدالمولى أبرز هذه الطرق بزراعة شجرة «الجاتروفا» التى تنتمى للنبابات الصحراوية، والتى تعيش على أقل نسبة مياه ويتم زرعها فى أى نوع من أنواع الترب ولا يمكن تناول حبوبها لكونها سامة، مشيرا إلى أن هذه الشجرة يمكن زرعها بأى مكان فى مصر واستخرج البذور الخاصة بها وعصرها واستخدام الزيوت الناتجة منها فى تشغيل الجهاز وتوليد الطاقة.

وأضاف أن من مزايا هذه الشجرة هو أنها لا تحتاج إلى أسمدة أو مياه ويمكن زراعتها بأى منطقة مهما كانت ترتبها، مشيرا إلى أن إنتاج شجرة «الجاتروفا» يخرج بعد عامين وتكلفة زراعة الفدان فيها لا تتجاوز 10 آلاف جنيه وبعد عامين يمكن أن تحقق إنتاج يتم بيعه بمبلغ 7 آلاف جنيه وتستمر فى الأرض لمدة 50 عاما.

وأكد أن هذه الشجرة لا يتم زراعتها فى مصر إلا بأماكن محدودة ولم يتم التوسع فيها، مشيرا إلى أن التجربة بحاجة للتعميم من أجل توفير الزيوت اللازمة لتشغيل الجهاز بالإضافة إلى استحالة استمرار الدولة فى سداد فاتورة الدعم بالأسعار الباهظة الحالية.

ويسألونك عن المركز.. قل أفكار عبقرية تنتظر قرارًا للتنفيذ

• 4 مشروعات تحمى البيئة وتحافظ على المياه أبرزها استخدام الطحالب فى التسميد والزراعة بدون تربة

ينفذ مركز الاستزراع السمكى، عدة مشروعات مختلفة فى مقدمتها مشروع الزراعة المائية الهيدروبونك، والتى تعتمد على الزراعة بطريقة غير تقليدية «بدون تربة»، ومن خلال الأحواض والمواسير البلاستيكية، حيث تؤدى هذه الطريقة فى الزراعة إلى توفير 90% من مياه الرى المستخدمة فى رى الزراعة التقليدية، وكذلك 80% من الأسمدة، بالإضافة إلى زيادة الإنتاج.

ويتم الرى فى هذه الطريقة من خلال تمرير المياه على جذور النباتات لامتصاص ما تحتاجه فقط، بينما يتم استخدام باقى المياه فى الرى اللاحق من خلال وضعها فى أحواض للرى بها مرة أخرى، ما يقلل نسبة الفاقد.

المشروع الثانى الذى يجرى تطبيقه فى المركز، يعتمد على التكامل بين زراعة الأسماك والنباتات، وفيه تتم زراعة النباتات وريها باستخدام المياه المربى فيها الأسماك والتى تضم بقايا غذاء الأسماك وكذلك فضلاتها والتى تحتوى على نسبة كبيرة من المواد العضوية والتى تعتبر سماد عضوى مهم لهذه النباتات.

وتعتمد الزراعة بهذه الطريقة، على توفير استخدام المخصبات الزراعية مثل اليوريا والنترات، كما تؤدى لتوفير 90% من المياه المستخدمة فى رى النباتات وكذلك تنقية المياه التى تربى فيها الأسماك من المواد العضوية مما يوفر كمية المياه المستخدمة فى تربية الأسماك.

أحد الباحثين يعرض الوقود الناتج عن العملية

وتعد من مزايا هذا المشروع، توفير كمية المياه المستخدمة فى تربية الأسماك وزيادة ربح المزارع السمكية بالإضافة إلى إنتاج غذاء صحى خال من أى مواد كيمائية، كذلك توفير المياه المستعملة فى كل من زراعة الأسماك وزراعة النباتات كما تفيد فى زراعة الأراضى التى لا تصلح للزراعة ويمكن تنفيذ المشروع على أسطح المنازل والمدارس والمبانى الحكومية دون أن تتسبب فى ضرر بها وبالتالى زيادة الإنتاج الزراعى دون الحاجة إلى مشاريع جديدة تتكلف ميزانيات ضخمة.

المشروع الثالث الذى يتم تطبيقه، هو إنتاج المخصبات الزراعية العضوية من الطحالب البحرية والتى يتم الحصول عليها من الشواطئ المصرية، بحيث يتم الحصول عليها من الصيادين من مناطق تجمعها على الشاطئ حيث يتم معالجتها وتجهيزها واستخراج المواد الفعالة منها لتحويلها إلى مخصب زراعى عضوى للأرض الطينية.

كما يتم تطبيق مشروع للاستفادة من الزراعة الملحية، من خلال نبات «الساليكورنيا» الذى ينتمى لنوعية النباتات الطبيعية المنتشرة على سواحل البحرين الأبيض والأحمر، حيث يتم رى هذه النباتات بماء البحر وينمو على الشواطئ الرملية، ويتم استخدامه كأعلاف حيوانية وأيضا كغذاء بشرى نظرا لاحتوائه على نسبة بروتين تصل إلى 40% فضلا عن مساهمته فى تثبيت التربة الرملية على الشواطئ ويمكن استخدام بذوره فى إنتاج الزيوت اللازمة لتوليد الوقود، فضلا عن استخدام سيقانه فى صناعة الأخشاب.

التموين: نحتاج إلى شهر حتى ننتهى من تقييم المشروع

قال المتحدث الإعلامى لوزارة التموين، محمد دياب إن تجربة تسلم زيوت الطعام التى سبق استعمالها فى عمليات التحمير وتحويلها إلى «وقود حيوى» ــ السولار الحيوى ــ لا تزال قيد التقييم فى الأسابيع الأولى من انطلاقها، مشيرا إلى أن التجربة تحتاج إلى شهر على الأقل لإعداد تقارير بالإيجابيات والسلبيات، ومعالجة جوانب القصور فى التطبيق المقبل لها فى المحافظات المختلفة.

وأضاف دياب أن التقييم على أرض الواقع يحتاج لفترة زمنية معقولة، حتى يمكن الحكم على التجربة ككل مؤكدا أن دراسة الإيجابيات الموجودة بالمشروع سيتم الاستفادة منها بعد تعميم التجربة على جميع المحافظات.

وكان وزير التموين، خالد حنفى، قد أكد الأسبوع الماضى أن المشروع فى بدايته حقق نجاحا ملموسا، حيث تم تدريب 10 شباب من محافظة بورسعيد فى الأكاديمية العربية للنقل البحرى والتكنولوجيا على كيفية تحويل زيت الطعام المستعمل إلى سولار وتوفير 5 ماكينات لهم. وأنه منذ بداية المشروع وحتى الآن تم تجميع حوالى 250 لتر زيت مستعملا من المواطنين, وأشار الوزير إلى أن المشروع يتضمن أن كل لتر زيت مستعمل يقوم المواطن بتسليمه للبقال التموينى، يضاف له عائد مادى على البطاقة التموينية يحصل مقابله على سلع غذائية مجانية.

وأضاف أنه بعد تقييم المشروع فى بورسعيد سيتم تعميمه فى جميع المحافظات، موضحا أن هدف هذا المشروع هو زيادة دعم الأسرة وتوفير الآلاف من فرص العمل للشباب والحفاظ على البيئة من الملوثات الناتجة عن التخلص غير المناسب من بقايا الزيت المستعمل، وإنتاج سولار بتكلفة اقتصادية، حيث تصل تكلفة لتر السولار المنتج من زيت الطعام المستعمل حوالى 3 جنيهات ونصف مقابل 7 جنيهات الذى تتحمله الدولة لتوفير لتر السولار العادى، وأنه من المتوقع إنتاج حوالى مليون لتر سولار سنويا عند تعميم المشروع فى جميع المحافظات.

وبالرغم من أن كل تصريحات وزير التموين تفيد بأن زيت الطعام سيتم تحويله إلى سولار، إلا أن مخترع جهاز التحويل، الدكتور عصام عبدالمولى، يؤكد أن الجهاز سينتج «السولار الحيوى» وليس «السولار المستخرج من البترول»، مشيرا إلى أن الوقود الحيوى أعلى كفاءة وأقل تلويثا للبيئة من الوقود التقليدى سواء كان سولار أو بنزين.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك