نائب مرشد الإخوان الأسبق «حبيب»: مكتب الإرشاد كان يدير مجلس الشعب.. ومرسى أخطأ بخضوعه للشاطر«الأخيرة» - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 11:57 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نائب مرشد الإخوان الأسبق «حبيب»: مكتب الإرشاد كان يدير مجلس الشعب.. ومرسى أخطأ بخضوعه للشاطر«الأخيرة»

محمد حبيب "نائب المرشد العام للجماعة السابق"
محمد حبيب "نائب المرشد العام للجماعة السابق"
إعداد ــ محمد سعد عبدالحفيظ:
نشر في: الإثنين 2 مارس 2015 - 2:35 م | آخر تحديث: الإثنين 2 مارس 2015 - 2:36 م

رفضت حضور «تنصيب المرشد» بسبب التجاوزات الكارثية التى تنبئ بخراب الجماعة

قلت ليوسف ندا إن عاكف كان كارثة وحلت بنا

رفضت بيعة بديع وطالبت بالتحقيق مع عاكف

القرضاوى عاتبنى على تسليم الجماعة لـ«القطبيين»

بديع أصرعلى لقاء عمر سليمان وقال إنها فرصة لعرض المطالب

«التكويش» كان خطيئة الإخوان الكبرى

مكتب الإرشاد كان يدير مجلس الشعب

قيادات الجماعة تصر على التضحية بشبابها

مرسى أخطأ بخضوعه للشاطر

فى الحلقة الأخيرة من مذكراته يرصد نائب مرشد الإخوان الأسبق محمد حبيب انهيار الجماعة بعد سيطرة «القطبيين» عليها، وتفاصيل الاتصالات التى جرت بينه وعدد من قيادات الجماعة لجبر الشرخ الذى اصاب العلاقة بينه وبين مكتب ارشادها بقيادة محمد بديع.

ويكشف حبيب فى هذه الحلقة عن الاجتماعات التى سبقت ثورة 25 يناير، والتى جرت بين وفد الجماعة وعمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق، وإلى نص الحلقة:

فى الواقع، لم يكن من السهل على إنسان قضى فى الجماعة اكثر من ٤٠ عاما، أن يتخذ قرارا بالخروج منها. كان هذا أمرا عسيرا، وقد ظل التفكير فيه طويلا مع ما صاحب ذلك من معاناة وإحساس بالحزن والألم. لقد كان فك الارتباط بينى وبين الجماعة مرحليا ومتدرجا، وقد لعبت الأحداث دورا كبيرا فى ذلك. ويحفل عام ٢٠١٠ بمجموعة من الأحداث والمواقف، لكن يظل الارتباط بالجماعة قائما. ولم أدخر وسعا فى تقديم النصح لقيادة الجماعة، أملا فى ان تتخلص من كثير من السلبيات التى ارتبطت بها، وجاء عام ٢٠١١، عام الثورة، وفى الوقت ذاته عام فك الارتباط نهائيا من الجماعة.

تنصيب بديع

بذل الإخوان جهودا جبارة لإقناعى بحضور حفل تنصيب الدكتور بديع مرشدا عاما ــ فى ١٦ يناير ٢٠١٠ــ كان الهدف من الحضور هو إعطاء انطباع لدى الرأى العام أن الجماعة على قلب رجل واحد، وأنى موافق ومعترف ومقر ــ بطبيعة الحال ــ بما جرى من انتخابات لمكتب الإرشاد وللمرشد.. وقد رفضت مجرد التفكير فى الحضور، إذ كان شريط الأحداث ماثلا بكل تفاصيله أمام عينى.

يوسف ندا

عقب إعلان تنصيب بديع مرشدا، اتصل بى المهندس يوسف ندا هاتفيا، ودار بيننا حوار طويل، طالب فيه بإصرار وإلحاح شديد قبولى بالوضع القائم والاستسلام له من أجل تماسك الجماعة ووحدة الصف، حاولت أن أشرح للرجل أن ما حدث من تجاوزات كارثية، وأن الرضوخ ــ هكذا ــ لما تم دون تصويب، يؤذن بخراب الجماعة وانهيارها.. لكن الرجل أصم أذنيه، لقد بنى يوسف ندا تصوراته وأفكاره على المعلومات التى كان يأخذها من الأستاذ مهدى عاكف، لذا عندما أخبرته بأن الأخير كان كارثة حلت بالجماعة.. بالطبع لم يصدق الرجل ما سمع، وأحسب أنه كان مذهولا، وقد اتصل بى أيضا أ. راشد الغنوشى، لكنى ــ للأسف ــ لم أكن موجودا بالمنزل.

القرضاوى

كنت فى أسيوط عندما اتصل بى هاتفيا د. يوسف القرضاوى، تقريبا فى نفس الفترة.. كان عتابه لى شديدا، إذ قال: كيف يا دكتور حبيب تترك هذه المجموعة «القطبية» تسيطر على الجماعة بهذا الشكل، قلت: هناك تفاصيل كثيرة غائبة عنك، ولن يجدى التحدث عنها من خلال الهاتف.

جاء الدكتور القرضاوى إلى القاهرة، لكن ــ للأسف ــ لم تتح لى فرصة لقائه، وإنما جمعه لقاء فى منزله بعاكف وعبدالمنعم ابوالفتوح، وقد نقل لى عبدالمنعم ما دار فى اللقاء فيما يخصنى.. سأل القرضاوى، عاكف: كيف حال الجماعة؟ رد الأخير كالعادة: الحمد لله.. تدخل عبدالمنعم، وقال: فى خير حال كيف؟.. هناك كذا وكذا.. سأل القرضاوى: وأين الدكتور حبيب؟ أجاب عبدالمنعم مازال بعيدا.. قال القرضاوى: وماذا يريد؟ قال عبدالمنعم: يريد لجنة مستقلة تحقق فيما جرى، والرجل مستعد إن كان قد أخطأ أن يعلن اعتذاره لإخوانه على مستوى كل الفضائيات، أما إذا كان إخوانه هم الذين أخطأوا فى حقه، فيكفيه اعتذارهم له فى غرفة مغلقة، عندئذ، قام قال عاكف وهو يغادر المكان: أنا لست مستعدا لأن أدلى بشىء لأى لجنة.

لقاءات بديع

كانت هناك محاولات للضغط علىّ للالتقاء ببديع.. وبالفعل تم لقاء فى بيت د. محمود أبوزيد، كان لقاء حميميا، وقد ذكر بديع أنه فى حاجة ماسة إلى مشورتى.. لكن شيئا من ذلك لم يحدث.

بعدها دعانى د. سيد دسوقى، للقاء آخر واشترطت عدم حضور عاكف، وعقد اللقاء قبل الثورة بـ 6 أيام وكان طبيعيا أن نتناول قضية الثورة التونسية ومدى احتمال انتقالها إلى مصر.. وقد حاول بديع استطلاع رأى الحاضرين حول تظاهرة ٢٥ يناير التى دعا اليها الإخوان، وهل يشاركون فيها ام لا؟

لقاء عمر سليمان

فى ليلة ٣١ يناير ٢٠١١، اتصل بى بديع هاتفيا ليستطلع رأيى فى أن مكتب الإرشاد يريد إرسال محمد مرسى والكتاتنى لحضور الحوار الذى دعا إليه اللواء عمر سليمان، نائب مبارك آنذاك، مع رؤساء الأحزاب وبعض الشخصيات العامة.. قلت: لا تفعلوا.. ستكون وصمة، قال: هى فرصة لعرض المطالب، قلت: إن المطالب معروفة وهى مكتوبة فى لوحات كبيرة معلقة فى الميدان.. ثم، هل تريدون ان تتبينوا جدية نظام حكم مبارك فى التغيير الآن؟ وذهب الإخوان.

المهم أن عبدالمنعم حكى لى أن هذا اللقاء الخاص تضمن طلبا لعمر سليمان من الأخوين بأن يتم سحب الإخوان من الميدان، ولم يكن لديهما مانع من ذلك شريطة أن يتم الإفراج عن خيرت الشاطر وحسن مالك، وتأخذ الجماعة شرعيتها.. وقد أصدرت قيادة الجماعة أوامرها لشباب الإخوان المتواجدين فى الميدان، إلا أنهم رفضوا ذلك(!)

رسالة الإخوان

وقعت فى يدى نسخة من رسالة بعنوان «توضيح»، مرسلة من أحد أعضاء مكتب الإرشاد للإخوان فى القطاع الذى يشرف عليها، وقد صدرت هذه الرسالة فى أوائل مايو ٢٠١١ تقريبا، يشرح فيها مراسلها ما يجب على الإخوان عمله تجاه الإخوان الذين خرجوا من الجماعة.. وإلى فحوى الرسالة:

[١] قرر مكتب الإرشاد إحالة د. عبدالمنعم، ود. حبيب لما نسب إليهما من مخالفات إلى لجنة التحقيق المنتخبة من الشورى العام.

[٢] مطلوب الالتزام بقرار الشورى العام فى ١٠/ ٢/ ٢٠١١، والذى أكد عليه فى ٢٦/ ٤/ ٢٠١١، بعدم ترشيح أحد من الإخوان لانتخابات الرئاسة، وإذا حدث وأقدم أى أخ على ذلك فيمتنع على جميع الإخوة والأخوات دعمه.

[٣] بالنسبة لحزب الوسط، لا نشارك فى فعاليته لا صور مع مرشحيه لا نهاجمهم إعلاميا

[٤] بالنسبة للدكتور عبدالمنعم، ود. حبيب، ود. الزعفرانى:

أولا: قام المرشد بنفسه بالتواصل مع الإخوة الثلاثة، وأنه سيفتح معهم صفحة جديدة.

ثانيا: رفض د. حبيب مبايعة المرشد العام، رغم نصح بعض الإخوة القريبين منه، كما رفض اجتماعات الشورى.

ثالثا: بالنسبة للدكتور عبدالمنعم ابوالفتوح، فأخذ يتكلم فى الإعلام بما فيه مخالفة لقرار الجماعة والشورى العام، ولمز مكتب الإرشاد، كما خاطب المرشد بما لا يليق.

رابعا: بخصوص الدكتور الزعفرانى، فتعمد الخروج فى الإعلام وانتقاد الجماعة، ثم أرسل خطابا بالاستقالة.

لجنة التحقيق (!):

كما سبق أن ذكرت، لم تنقطع زيارات الإخوان لى، سواء فى القاهرة أو فى اسيوط، وكان معظمهم يستهدف من وراء الزيارة أن أبايع الدكتور بديع مرشدا، وهو ما كنت أرفضه رفضا كاملا.. وفى أحد الأيام اتصل بى هاتفيا الأخ محمد حسين، عضو مجلس الشورى العام والذى تم اختياره كرئيس للجنة التحقيق، يطلب زيارتى.. قلت: لست مستعدا لاستقبال أى لجان تحقيق، ما لم تكن هذه اللجان مستقلة استقلالا كاملا وحقيقيا.. رد الرجل قائلا: أنا أريد أن أشرب معك كوبا من الشاى.. قلت: إذا كان الأمر هكذا، فأهلا بك وسهلا..جاءنى الأخ محمد حسين ومعه آخر يدعى أحمد محمد عبد(؟) عضو مجلس الشورى العام.. كان ذلك فى يوم ٢ يونيو ٢٠١١.. تكلم الأول عن الهدف من الزيارة، وأن الجماعة فى حاجة إلىّ، ولماذا لم أبايع حتى الآن... الخ.

فى تلك الأيام، ترك ثلاثة أعضاء من مكتب الإرشاد مواقعهم، وانتقلوا إلى حزب الحرية والعدالة، وهم د. محمد مرسى، د. محمد سعد الكتاتنى، ود. عصام العريان، وبالتالى أصبح مكانهم شاغرا، الأمر الذى يتطلب انتخاب أعضاء جدد من مجلس الشورى العام.. ولما كنت قد حصلت فى آخر انتخابات لمكتب الإرشاد ــ والتى جرت فى أواخر ديسمبر ٢٠٠٩ ــ على أكثر من ٤٠٪ من الأصوات، وهو ما يستلزم تصعيدى لعضوية المكتب حال خلو مكان ودون الحاجة إلى إجراء انتخابات، وبالتالى يجرى انتخاب اثنين فقط، وليس ثلاثة.. لكن كيف يتم تصعيدى ولم أبايع بعد؟ من هنا كانت الزيارة.. لذا قلت للزائرين بحسم: لن أبايع.. صارحت الأخوين بأن هناك أسبابا جوهرية تمنعنى من البيعة، وأنا فى حل من ذكرها الآن.. أصرا على التطرق إليها.. اضطررت إلى ذكر بعضها، وسألتهما: هل تستطيعان التحقيق مع الدكتور بديع، او الأستاذ عاكف، او المهندس خيرت، او الدكتور محمود عزت؟ قالا: لا.. قلت: إذن أنتما لا تمثلان جهة تحقيق.. قالا: ماذا نفعل الآن.. نحن فى حيرة وحرج.. قلت: أنا اعفيكما من هذا الحرج، وسأملى عليكما ما تكتبانه.. أمسك احدهما قلمه وكتب ما يلى:

«انه فى يوم الخميس ٢/ ٦/ ٢٠١١، وفى تمام الساعة السادسة مساء بمنزل الدكتور محمد حبيب، وعضوية كل من الأستاذ محمد حسين رئيس لجنة التحقيق وعضوية احمد محمد عبد(؟) عضو اللجنة، تم إبلاغ اللجنة بهذه النقاط من الأستاذ الدكتور محمد حبيب:

أولا: لا أرغب فى تولى أى موقع داخل الجماعة، وكفانى أربعة وعشرون عاما كعضو مكتب إرشاد.

ثانيا: أنا متنازل عن عضويتى فى مجلس الشورى العام للأسباب الآتية:

أ‌ ــ هى رسالة للرأى العام والإخوان أن القيادة ليست حريصة على المناصب.

ب‌ ــ هناك قيادات شابة من الصف الثانى والثالث والرابع أولى بهذا الموقع، عطاء وبذلا وكفاءة منى.

ت‌ ــ سبق وأن أعلنت ذلك فى الفضائيات، حتى لا يتصور من يتصل بى من المراكز والمواقع المختلفة، إقليميا وعالميا، اننى ما زلت عضوا بمجلس الشورى العام، بل أنا عضو فى الجماعة فقط.

ثالثا: أنا سعيد كل السعادة كونى فردا عاديا داخل جماعة الإخوان المسلمين.

رابعا: بخصوص البيعة، فأنا ممتنع عن أداء البيعة حتى يتم التحقيق فيما جرى من المخالفات التى تمت من مكتب الإرشاد وعلى رأسه الأستاذ محمد مهدى عاكف فى الفترة من ٢٠٠٦ وحتى ٣١/ ١٢/ ٢٠٠٩.

خامسا: أرى أنه يجب أن تكون اللجنة القانونية القائمة بالتحقيق مستقلة ولها صلاحية التحقيق وإصدار القرارات وفض المنازعات التى تتم بين مؤسسات الجماعة المختلفة أو بين أفراد الصف، وأن تستقل استقلالا تاما عن مجلس الشورى أو مكتب الإرشاد أو المرشد العام أو المكاتب الإدارية، وتخلى عضويتها بعد قرار تشكيلها، ويحل محلها أعضاء آخرون، وبذلك نعمل على تجديد الدماء فى مجلس الشورى من ناحية، وحتى تقوم اللجنة بواجباتها على أكمل وجه وبما يتفق مع منطق العدالة من ناحية أخرى.

الخروج

كما يقال تعددت الأسباب والموت واحد، أى أن هناك من يموت على فراشه، وهناك من يموت فى حادث سيارة أو قطار، وهناك من يموت بعد معاناة مع المرض، وهناك من يموت وهو فى كامل الصحة وتمام العافية، وهكذا..المهم أن الأجل فى كل هذه الحالات قد انتهى، وسأكتفى فقط بذكر الأسباب التى سبقت هذا التاريخ:

السبب الأول: انهيار جسور الثقة بينى وبين أعضاء مكتب الإرشاد، إنه من الصعب على الإنسان أن يكتشف أن إخوانه الذين وثق فيهم وأكل وشرب معهم، كانوا يخدعونه.

السبب الثانى: فقدان الأمل فى إصلاح هذا الجيل من الإخوان، فالأمر يحتاج تغييرا شاملا فى الفكر.

السبب الثالث: خيانة القوى الثورية بالذهاب إلى الحوار مع اللواء عمر سليمان، بالرغم من وجود اتفاق بين الجميع أنه لا حوار إلا بعد الرحيل.

السبب الرابع: قرار مجلس الشورى بفصل الدكتور عبدالمنعم ابوالفتوح لمخالفته قرار المجلس بسبب ترشحه للرئاسة، والموقف الحاد تجاه كل من ينشئ حزبا، أو ينتمى لحزب غير الحرية والعدالة.

السبب الخامس: فقدان المصداقية أمام الشعب المصرى فيما يتعلق بنسبة المنافسة على مقاعد المجلس النيابية والترشح للرئاسة.

الخطيئة الكبرى

الخطيئة الكبرى فى حياة الجماعة هى أنها لا تعترف بأخطائها.. عادة لا تظهر هذه الآفات فى فترات الاستضعاف التى تمر بها الجماعة، حيث تظهر قدرا كبيرا من السماحة واللين والرغبة فى التعاون مع الآخرين.. والعكس حين تمتلك القوة والسلطة، ولله فى خلقه شئون.

إن المتتبع لمسيرة الجماعة فى الفترة الممتدة من ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ مباشرة وحتى ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، يلاحظ وجود سلسلة من الأخطاء ارتكبتها قيادة الجماعة.. هى بالطبع، ليست منفصلة عما قبلها، وإنما تعتبر امتدادا لها، وهى التى عجلت بسقوطها.

[١] يمثل عدم الفصل بين الجماعة والحزب.

[٢] التزمت الجماعة الصمت المطبق حيال ما حدث إبان الفترة التى كان يتولى فيها المجلس العسكرى إدارة شئون البلاد.

[٣] كان خطأ كبيرا عندما نافست الجماعة على كل مقاعد مجلس الشعب فى انتخابات نوفمبر ٢٠١١، ومن المضحك المبكى أن مكتب الإرشاد هو الذى كان يدير مجلس الشعب.. فهو الذى اختار الدكتور الكتاتنى لكى يرأس المجلس، رغم أن هناك من كان أفضل وأولى، سواء من الإخوان أنفسهم أو من المتعاطفين معهم، كما كان هو الموجه الحقيقى لسير الجلسات.. ولم يكن مجلس الشورى بأسعد حظا، فقد تم اختيار الدكتور أحمد فهمى، صهر الدكتور مرسى، رئيسا له.

وقد برزت منذ اللحظة الأولى مشكلات بين القوى الثورية والإخوان فى البرلمان، فالأولى تنادى بأن تسير شرعية الميدان جنبا إلى جنب مع شرعية البرلمان، بينما الإخوان ينادون فقط بشرعية البرلمان.. ومن المضحك أنه عندما تأزم الموقف بين البرلمان والمجلس العسكرى، سارع الإخوان ينادون بالشرعيتين معا.. وأظن ان دورهم فى محمد محمود الثانية كان مخجلا ومخزيا، وكيف أنهم استقبلوا وزير الداخلية ــ محمد إبراهيم الأول ــ بالأحضان داخل المجلس (!)

ومما يؤسف له حقا، ان يلعب الإخوان ــ من خلال البرلمان ــ دورا فى تهريب افراد المنظمات الحقوقية التابعين للولايات المتحدة الأمريكية إلى خارج البلاد(!!) وقد ارسل لهم «جون ماكين» رسالة يعبر فيها عن عميق شكره وشكر الولايات المتحدة على الدور الذى قاموا به (!)

[٤] فى أبريل ٢٠١٢، أعلنت بمنتهى الوضوح أن إقدام قيادات الجماعة على ترشيح المهندس خيرت الشاطر لخوض لانتخابات الرئاسة هو خطأ استراتيجى قاتل، كنت اعلم حالة التدهور والارتباك التى تعانيها الجماعة، وأنها لن تكون قادرة بحال على القيام بهذه المسئولية الضخمة.

زاد الأمر سوءا، إزاحة خيرت الشاطر عن الترشح، وإحلال الدكتور محمد مرسى محله، فالأخير لم يكن من حيث الإمكانات والقدرات فى مقام الأول، فضلا عن خضوعه واستجابته بشكل كامل لأعضاء بارزين فى مكتب الإرشاد، كان خيرت الشاطر منهم.. وكان ضيق الأفق وانعدام الرؤية والانتهازية لدى هؤلاء، هى من تسبب فى إخفاق الدكتور مرسى.

[٥] وقع الدكتور مرسى فى أخطاء قاتلة، كان على رأسها وفى مقدمتها الإعلان الدستورى المشئوم الذى اصدره يوم ٢١ نوفمبر ٢٠١٢.

[٦] لقد أهان مرسى وأنصاره القضاء، والإعلام، وفشل فى تحقيق أى خطوة نحو العدالة الاجتماعية أو الانتقالية.

[٧] لقد كان مرسى والإخوان «أساتذة» فى إضاعة الفرص التى لاحت لهم، ونظرا لغياب الوعى والإدراك بما يجرى على أرض الواقع، خرج عشرات الملايين من المصريين فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ رفضا وغضبا واحتجاجا ومطالبة برحيل حكم الإخوان.. وفى ٣ يوليو انحاز المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإرادة الملايين من شعب مصر، وتم عزل مرسى والإطاحة بحكم اإاخوان الذى لم يمكث سوى عام واحد.

[٨] راهن الإخوان وأنصارهم على جماعات التكفير والعنف والإرهاب، وراهنوا أيضا على دعم الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبى وتركيا وقطر لهم.

أخيرا

لقد حاولت قدر طاقتى ألا ينشر هذا الكتاب.. وعندما كان يوجه لى سؤال فى كثير من الفضائيات والحوارات الصحفية: متى ينشر كتابك؟ كنت أقول: لا أدرى متى.. ربما بعد عام، أو عامين، أو حتى أعوام.. وربما ينقضى الأجل دون أن تنشر كلمة منه.. كان همى كله مركزا على الأثر السلبى الذى يمكن أن يتركه هذا الكتاب على الإخوان، من حيث وحدة الصف وتماسك الجماعة، رغم ما كان ينالنى من اتهامات وتجريح وإساءة وإسفاف وبذاءة من بعض الإخوان، أو ممن ينتسبون إلى الإخوان الذين لا يفهمون ولا يعلمون شيئا عما جرى.. مع ذلك، ظللت صابرا ومحتسبا فترة طويلة تجاوزت أربع سنوات ونصف السنة.

وبعد كل الذى جرى، كان من الضرورى أن ينشر هذا الكتاب.. فقيادة الجماعة ماضية فى طريقها من سيئ إلى أسوأ، غير عابئة بالدم الذى سال والذى تتحمل الجزء الأكبر من مسئوليته.. ويبدو أن لديها إصرارا بالتضحية بما بقى من الشباب، بل بما بقى من تاريخ الجماعة..
لقد ظلمت هذه القيادات نفسها، وظلمت الجماعة، وظلمت الإسلام.. وظلمت الوطن.. ولا يزال بعض الشباب الواهمين والمخدوعين متمسكين بها (!)



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك