بالصور.. «الشروق» عند ملتقى الحدود بين سويسرا وألمانيا وفرنسا - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 8:37 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بالصور.. «الشروق» عند ملتقى الحدود بين سويسرا وألمانيا وفرنسا

محرر الشروق أمام النصب التذكاري الذي يشير كل سهم فيه الي بلد من البلدان الثلاثة والمقام على الأراضي السويسرية
محرر الشروق أمام النصب التذكاري الذي يشير كل سهم فيه الي بلد من البلدان الثلاثة والمقام على الأراضي السويسرية
سويسرا- خالد أبو بكر:
نشر في: السبت 4 يوليه 2015 - 11:15 ص | آخر تحديث: السبت 4 يوليه 2015 - 11:15 ص

• «كوبرى» يكسر الحواجز بين البشر ويذيب اختلاف اللغات والثقافات ويتجاوز ميراث النار والدم
• شعار أهل «ركن البلدان الثلاثة»: «يمكنك أن تتناول العشاء فى سويسرا، وتشرب قهوتك فى فرنسا، وأن تكمل جولتك بالتسوق فى ألمانيا»
• سائق تاكسى زار مصر 5 مرات: الناس هنا ينصهرون مع بعضهم البعض.. يتحركون بحرية والتعامل باليورو حل الكثير من المشكلات التى كانت موجودة فى السابق
• الصيدلانية سندرينا: «أنا فرنسية وأعمل فى سويسرا.. وعشرات الآلاف من الفرنسيين فى مثل وضعيتى.. الأمر لن يكلفنا أكثر من عبور هذا الكوبرى»
فور وصولك إلى مدينة بازل، وبمجرد أن تسأل عن أبرز المعالم التى يمكن أن يقصدها زائر هذه المدينة السويسرية التى يقسمها نهر الراين إلى جزأين، ستفاجئك عبارة ستتكرر كثيرا على مسامعك من سكان هذه المدينة «هنا فى بازل.. يمكنك أن تتناول العشاء فى سويسرا، وتشرب قهوتك فى فرنسا، وأن تكمل جولتك بالتسوق فى ألمانيا».

وإذا سألت عن كيفية حدوث ذلك ستأتيك الإجابة من خلال نظرة سريعة على خريطة بازل التى ستحصل عليها بمجرد وصولك أى فندق فيها، وعندها ستكتشف أن هذه المدينة نقطة تلاقى للحدود السويسرية مع ألمانيا وفرنسا، فلا تفصل بين البلدان الثلاثة سوى أمتار قليلة، فى منطقة تعرف بالألمانية ــ لغة أهل بازل ــ باسم «دراى لانيد ريك» (Dreiländereck)، أى «ركن البلدان الثلاثة».

فإذا وقفت عند رأس هذا المثلث، الذى يقع على الأراضى السويسرية، ستصبح ألمانيا عن يمينك، وفرنسا على يسارك، ونهر الراين هو العامل المشترك بين البلدان الثلاثة، فبينما تتصل ألمانيا بفرنسا بجسر (كوبرى) على ضفتى هذا النهر، فإن الحدود الألمانية السويسرية موصولة بالأرض، فيما يحتاج المواطن السويسرى إذا أراد الذهاب إلى فرنسا أن يدخل الحدود الألمانية عبر الكوبرى الذى يصلها بفرنسا أو عبر القوارب التى ستعبر به إلى الضفة الفرنسية من الراين، فضلا عن مجموعة أخرى من الأنفاق الواصلة بين البلدان الثلاثة والمخصصة لعبور السيارات.

«الشروق» قامت بجولة فى هذا المثلث الحدودى بين سويسرا وألمانيا وفرنسا، وحققت فى هذه الظاهرة الفريدة، فى الحدود بين الدول، وفتشت عن تجربة البشر فى هذه المنطقة فى التعايش، وكيف استطاعوا كسر الحواجز التى تضعها الحكومات بين الإنسان وأخيه الإنسان، أو تلك التى يضعها اختلاف اللغات أو حتى الثقافات.

تحركت بنا السيارة التاكسى من قلب بازل، صوب النصب التذكارى الموجود فى الجزء السويسرى من الحدود الثلاثية «دراى لانيد ريك»، أول شىء ستقع عيناك عليه فى هذا النصب بخلاف الأسهم التى تشير إلى اتجاه كل دولة من الدول الثلاث من خلال وضع علمها على السهم الخاص بها، هذه العبارة الساحرة للشاعر والكاتب الهندى الشهير «سرى شيمنوى» (Sri Chinmoy)، التى يقول فيها «من خلال السلام الداخلى.. نستطيع الوصول للحرية»، وكأن من شيد هذا النصب وكتب عليه هذه العبارة كان يقصد أن تصبح هذه المنطقة رمزا للسلام، الذى لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كانت الشعوب حرة، بحسب تفسير «يافيس كلاين» سائق التاكسى، المهتم بالتاريخ، والذى قال إنه زار مصر 5 مرات فى حياته للتمتع بشواطئ البحر الأحمر، وتاريخ الفراعنة فى الأقصر وأسوان.

كانت الطبيعة فى قمة تألقها صباح الاثنين الماضى ونحن وقوف أمام هذا النصب التذكارى الذى يشير إلى البلدان الثلاثة، تشعر وأنت تتأمل هذه المنطقة أنها أشبه بابتسامة ساحرة على وجه عذراء سويسرية، فالخضرة والأشجار الباسقة التى تغلف المكان كفيلة بمداواة جراح العيون التى كاد القبح أن يقضى على عصبها البصرى، و«الراين» بشبابه وعنفوانه بالكاد يخدش حياء ذلك الصمت الرهيب الذى يخيم على هذه البقعة السحرية فى ظل انشغال الناس بأعمالهم فى هذا الصباح.

فى الدقائق التى قطعناها أثناء تحركنا فى اتجاه الحدود الألمانية، التى سنعبر منها إلى فرنسا، سألت السائق كلاين عن طبيعة العلاقات بين البشر فى الدول الثلاث، الذين يعيشون فى هذه المنطقة بلغتين (الألمانية والفرنسية)، وأحيانا بميراث من النار والدم والدموع (فرنسا وألمانيا) فقال «الناس هنا ينصهرون مع بعضهم البعض.. يتحركون بحرية.. فالألمان والفرنسيون يعملون فى بازل السويسرية باعتبارها مدينة صناعية تعج بالمصانع، والفرنسيون والسويسريون يتسوقون من الجزء الألمانى من الحدود لرخص الأسعار فيها، والألمان والسويسريون يتناولون طعامهم فى الجزء الفرنسى.. والتعامل باليورو (العملة الأوربية الموحدة) حل الكثير من المشكلات التى كانت موجودة فى السابق».

وبخلاف فرنسا وألمانيا لم تنضم سويسرا بعد لـ«الاتحاد الأوروبى»، إلا أنها وقعت على «اتفاقية شينجِن»، التى تسمح بإلغاء عمليات المراقبة على الحدود بين البلدان المشاركة فيها، مع 25 دولة أوربية أخرى، بما فيها أربعة من غير الاعضاء فى الاتحاد الأوروبى (أيسلندا وليختنشتاين ونرويج وسويسرا).

كانت الساعة تقترب من الحادية عشرة صباحا عندما وصلنا إلى الجانب الألمانى من «دراى لانيد ريك»، فوجدناه يعج بالمتاجر و«الأسواق ذات المساحات الشاسعة»، والتى تكتظ بالمشترين والمتسوقين فى هذه الساعة المبكرة من اليوم.

من دون مقدمات وجدنا أنفسنا أمام «كوبرى البلاد الثلاثة»، المشيد على نهر الراين، والذى يربط الضفة الألمانية منه بنظيرتها الفرنسية، والحائز على جائزة «أفضل تصميم» فى سنة 2009، وهو تاريخ افتتاحه، كما هو مدون على لوحة مكتوبة عليه بالألمانية.

على هذا الجسر المخصص لعبور المشاة والدراجات يمكنك مراقبة حركة العبور المتبادل بين الجانب الألمانى والفرنسى من الحدود. كانت تسير مسرعة على عادة الناس فى هذه المنطقة، طلبنا الحديث إليها فوافقت، «فلور مارتى»، طالبة جامعية فرنسية، قالت «إن الحياة فى هذه المنطقة مثال على التعايش السلمى بين الشعوب منذ مئات السنين، فكم من قصص الحب التى تخطت الحدود فى هذه البقعة الفريدة من نوعها فى العالم».

«جدتى لأبى سويسرية.. وجدى فرنسى، أنا أعيش فى الجانب الفرنسى من هذه المنطقة، ورغم ذلك أشعر بامتدادى فى سويسرا، ولا أشعر بالغربة فى الجزء الألمانى»، تضيف مارتى.

سندرينا، صيدلانية تعمل فى شركة «نوفارتس» للأدوية ومقرها مدينة بازل السويسرية، التقيناها أيضا فوق «الكوبرى الثلاثى»، قالت «الحياة هنا استثنائية.. البشر يعيشون معا دون حساسيات أو حسابات.. أنا فرنسية وأعمل فى سويسرا، وعشرات الآلاف من الفرنسيين فى مثل وضعيتى، الأمر لن يكلفنا أكثر من عبور هذا الكوبرى».

«نحن فى هذه المنطقة نتمتع بالمزايا النسبية لفرنسا وألمانيا وسويسرا، ففى الأخيرة تزداد فرص العمل برواتب مجزية، والتمتع بالكرنفالات والفعاليات الثقافية المشهورة فى بازل، وفى ألمانيا يمكننا التسوق بأسعار أرخص، ونسكن فى وطننا فرنسا»، تواصل سندرينا.

فى أثناء عبورنا إلى الجانب الفرنسى من «ركن البلاد الثلاثة» عدت إلى الخريطة، لاستطلاع خط الحدود الممتد بين سويسرا وفرنسا، فوجدت جبال «جورا» بشموخها ومروجها الخضراء، حيث يقع نصفها فى سويسرا، والآخر فى فرنسا، وتؤدى منحدرات هذه الجبال إلى وديان خصبة يقوم الفلاحون بزراعتها بالعنب والفواكه الأخرى. ويشق تلك الجبال العديد من الممرات التى تشكل همزات للوصل ما بين البلدين، عبر شبكة من السكك الحديدية وطرق السيارات التى تم تمديدها فيها.

فى الضفة المواجهة لفرنسا من نهر الراين، تجد ما لا وجود له على الناحية السويسرية أو الألمانية.. قطعان بديعة من «البجع» الذى يعيش فى وداعة وسلام، والذى بمجرد نزولك إلى مملكته على الراين حتى تشعر أنه يحييك، فلا مجال للخوف من البشر، فمعظم من يأتون للتنزه فى هذه المنطقة الخلابة يأتون معهم بقطع من الخبز أو التونة وإلقائها للبجع والبط المنتشر فيها.

«ليكا» و«ليا»، شاب وفتاة فرنسيان، كان يسيران بصحبة بعض الأصدقاء داخل الأراضى الفرنسية، بصراحة قال ليكا «الحياة هنا رائعة.. الناس تعيش فى سلام، لكن بعض الألمان والسويسريين يمارسون نوعا من التعالى على الفرنسيين؛ لأن الفرنسيين فى هذه المنطقة لا يهتمون ببلوغ أبنائهم مراحل متقدمة من التعليم، فيدفعون بهم مبكرا فى سوق العمل عالية الدخل فى مصانع ومزارع سويسرا، فيما يسيطر الألمان على العمل فى قطاع الرعاية الصحية المرموق فى الأراضى السويسرية».

أما «ليا» التى تدرس إدارة الأعمال؛ فترى أن مستقبل الاندماج والتكامل فى هذه المنطقة واعدا، فعلى عكس الكثير من الآباء والأجداد الذين لم يتعلموا لغات البلدان المجاورة لهم، فإن الشباب يتقن لغتين وثلاثا، مستفيدا بفتح الحدود دون قيود، على عكس الماضى، الذى أحيانا كان يحمل بعض المرارات.

 سنتر لبلدان الثلاثة على نهر الراين

نهر الراين بين فرنسا والمانيا وسويسرا

الجانب الألماني من الحدود

البجع على الشاطئ الفرنسي من الراين

محرر الشروق أمام النصب التذكاري الذي يشير كل سهم فيه الي بلد من البلدان الثلاثة والمقام على الأراضي السويسرية

فلور مارتي

سندرينا

الجانب الفرنسي من الحدود

صورة من وسط الراين تظهر الحدود الفرنسية على اليمين والسويسرية في المنتصف والألمانية في أقصى اليسار

البجع على الشاطئ الفرنسي

 

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك