الفرقاء الليبيون يستأنفون رحلة البحث عن «السلام المفقود» - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 6:31 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الفرقاء الليبيون يستأنفون رحلة البحث عن «السلام المفقود»

الفرقاء الليبيون يستأنفون رحلة البحث عن «السلام المفقود»
الفرقاء الليبيون يستأنفون رحلة البحث عن «السلام المفقود»
أ ش أ
نشر في: الجمعة 13 أكتوبر 2017 - 11:59 ص | آخر تحديث: الجمعة 13 أكتوبر 2017 - 11:59 ص

على وقع وضع أمني متوتر ومساع دولية وإقليمية مكثفة لإيجاد تسوية شاملة للأزمة في ليبيا، تستأنف لجنة الصياغة الموحدة المكلفة بتعديل اتفاق الصخيرات السياسي الذي وقعته الأطراف الليبية أواخرعام 2015، أعمالها غدا السبت في تونس العاصمة، للتوصل لصياغة نهائية للتعديلات المحدودة المطلوب إدخالها على بنود هذا الاتفاق، وذلك وفقا للخطة التي أعلنها مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة .

ويأتي اجتماع اللجنة، التي تضم ممثلين عن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، استكمالا لما توصل إليه الفرقاء الليبيون في اجتماعاتهم التي عقدت في تونس نهاية شهر سبتمبر الماضي برعاية أممية، بهدف التوافق على هذه التعديلات المطلوبة.

وقد توصلت الأطراف الليبية خلال هذه الاجتماعات التي استمرت على مدى أسبوع، إلى أربع نقاط هي: إعادة هيكلة المؤسسات التنفيذية الحالية بما يحقق أكبر قدر من التوافق بين الفرقاء الليبيين، ووفقا لهذه التعديلات سيتم خفض عدد أعضاء المجلس الرئاسي من تسعة إلى ثلاثة أعضاء، وضم أعضاء من المؤتمر الوطني العام السابق إلى المجلس الأعلى للدولة، إضافة إلى تحديد صلاحيات المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بعد فصله عن مجلس الوزراء، فضلا عن مسألة وضع القيادة العسكرية في البلاد.

ويمثل تعديل بعض بنود اتفاق الصخيرات، المرحلة الأولى من خطة العمل من أجل ليبيا التي أعلنها مبعوث الأمم المتحدة خلال الاجتماع رفيع المستوى حول ليبيا، الذي عقد بمقر الأمم المتحدة في نيويورك يوم 20 سبتمبر الماضي، بحضور قادة كل من مصر وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا وممثلين عن الدول المعنية بالأزمة في ليبيا.

وتتضمن هذه الخطة ثلاث مراحل: تبدأ الأولى باجتماعات لجنة الصياغة الموحدة لتعديل الاتفاق السياسي، وبعدها تنطلق المرحلة الثانية التي تقضي بعقد مؤتمر وطني موسع يضم مختلف الأطياف السياسية الليبية برعاية الأمم المتحدة، لاختيار المسئولين التنفيذيين في المجلس الرئاسي الثلاثي وحكومة الوفاق الوطني، متضمنة إجراء حوار مع التشكيلات المسلحة بهدف إدخالها في الحياة السياسية والمدنية وتقديم مبادرة لتوحيد الجيش الوطني، ومن ثم التوافق حول المواد الخلافية في مسودة الدستور الليبي الجديد والاستفتاء عليه، فيما تشمل المرحلة الثالثة تهيئة الأجواء لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية تنهي المرحلة الانتقالية المتعثرة في ليبيا.

ووفقا لما أعلنه عبد السلام نصية رئيس لجنة الحوار الممثلة لمجلس النواب في اجتماعات تونس، فإن هناك خمس نقاط رئيسية دارت في مناقشات تعديل الاتفاق السياسي، تتعلق ببنود منح الثقة للحكومة ومهام القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكيفية اختيار المجلس الرئاسي، وضمان حيادية السلطة التنفيذية، وأخيرا الالتزام بالجدول الزمني للفترة الانتقالية.

وتشكل المادة الثامنة من اتفاق الصخيرات، والمتعلقة بوضع القوات المسلحة الليبية ومهام القائد الأعلى للجيش الليبي، إحدى النقاط الخلافية العالقة حتى الآن بين الأطراف الليبية، حيث يطالب المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي ومعه غالبية في مجلس النواب، بإلغاء هذه المادة من الاتفاق السياسي، والتي تنص على نقل صلاحيات المناصب العسكرية والأمنية العليا إلى مجلس رئاسة الوزراء في حكومة الوفاق الوطني، فور توقيع الفرقاء الليبيين الاتفاق المدعوم أممياً.

ورغم أنه بدا متفائلا بنجاح الاجتماعات المقبلة في حسم الخلاف بشأن هذه المادة وغيرها من النقاط العالقة فيما يخص تعديلات اتفاق الصخيرات، فإن المبعوث الأممي شدد على أنه لن يتوانى عن الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطته التي تتضمن تشكيل مؤتمر وطني عام موسع بمشاركة جميع الأطراف في حال تعثرت المرحلة الأولى من الخطة ولم يتوافق الفرقاء الليبيون على هذه التعديلات.

ويعكس هذا الموقف من جانب غسان سلامة إصرارا أمميا على إخراج الدولة الليبية من أزمتها السياسية والأمنية الراهنة والتي ترزح تحت وطأتها منذ عام 2011، لاسيما وأن هذه الخطة والجهود التي يبذلها المبعوث الدولي لتقريب مواقف الفرقاء الليبيين، تحظى هذه المرة بدعم دولي وإقليمي واضحين، حيث قام سلامة بجولات مكثفة في عدد من عواصم القرار الدولي والإقليمي، وفي مقدمتها القاهرة وتونس وباريس وروما، بهدف حشد الدعم والتأييد لخطته الرامية لتحقيق السلام والاستقرار في ليبيا وهو ما تحقق بالفعل.

فعلى الصعيد الإقليمي أعلنت مصر دعمها الكامل لخطة الأمم المتحدة لإحلال السلام في ليبيا، وذلك خلال لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس، على هامش الاجتماعات الأخيرة للجمعية العامة للمنظمة الدولية، حيث شارك الرئيس السيسي مع عدد من قادة العالم في الاجتماع رفيع المستوى حول ليبيا والذي عقد في نيويورك.. كما أكد وزير الخارجية سامح شكري هذا الدعم خلال اتصالاته مع غسان سلامة.. والموقف نفسه الداعم لخطة الأمم المتحدة عبرت عنه أيضا كل من الجزائر وتونس.

فإلى جانب دور الأمم المتحدة لحل الأزمة الليبية تبذل الدول الثلاث، ولاسيما مصر، جهودا مكثفة مع الفرقاء الليبيين من أجل التوصل إلى تسوية.. وفي هذا الإطار كانت مصر، قد استضافت مؤخرا مجموعة من القيادات العسكرية والسياسية من الشرق والغرب الليبيين بهدف تقريب وجهات النظر فيما بينها، فيما يتعلق بتوحيد مؤسسات الدولة والحفاظ على الوحدة الترابية للبلاد. وقد اتفق المجتمعون على مجموعة من المبادئ والثوابت الوطنية، ومنها: وحدة ليبيا وسيادتها وأمنها وسلامتها والتأكيد على حرمة الدم الليبي، والالتزام بإقامة دولة مدنية مبنية على مبادئ التداول السلمي للسلطة والتوافق وقبول الآخر.

أما على الصعيد الدولي فقد رحبت الولايات المتحدة بخطة مبعوث الأمم المتحدة من أجل المصالحة السياسية، ومساعدة الشعب الليبي في تحقيق سلام وأمن دائمين.. ودعت وزارة الخارجية في بيان لها الأطراف الليبية كافة للمشاركة في جهود الوساطة التي يقودها سلامة، مؤكدة أن واشنطن لن تدعم "أي أفراد يحاولون الالتفاف على العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة". كما أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، إنها تدعم "خارطة الطريق" التي تقدّم بها غسان سلامة وستستمر بتقديم الدعم المادي لليبيين، فيما رحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالخطة ودعا المجتمع الدولي إلى مساندتها لضمان نجاحها.

كما حظيت خطة المبعوث الأممي بشأن ليبيا بدعم اللجنة الرباعية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، حيث رحبت اللجنة بالتسلسل السياسي الذي حددته الخطة لإحلال السلام والمصالحة في ليبيا.

هذا التأييد والدعم الإقليمي والدولي الواسع لخطة المبعوث الأممي إلى ليبيا، ربما تنعش الآمال في نجاح هذه الخطة في التوصل لتسوية شاملة للازمة الليبية رغم تعقيداتها السياسية والعسكرية وتداخل العوامل المحلية فيها مع الإقليمية والدولية، وهي تعقيدات تحطمت على صخرتها جهود سابقة للأمم المتحدة ومبعوثيها السابقين إلى ليبيا على مدى الأعوام الثلاثة الماضية.

لكن يبقى الرهان الأهم في النهاية على الليبيين أنفسهم وعلى قدرتهم على التوافق فيما بينهم قبل أي شيء آخر، من أجل إخراج بلادهم من محنتها الحالية، وإنهاء حالة الاقتتال السياسي والعسكري وعودة السلام المفقود إلى ربوع ليبيا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك