«الشروق» تفتح قضية تضخم أعداد طلبة الماجستير والدكتوراه - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 11:45 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الشروق» تفتح قضية تضخم أعداد طلبة الماجستير والدكتوراه

اول يوم دراسة 2016 تصوير اسلام صفوت
اول يوم دراسة 2016 تصوير اسلام صفوت
تحقيق ــ هانى النقراشى:
نشر في: الخميس 21 سبتمبر 2017 - 10:12 ص | آخر تحديث: الخميس 21 سبتمبر 2017 - 10:12 ص

الحسينى: الطالب يتحمل التكلفة من جيبه.. وعلى الحكومة التكفل به والاستفادة من الأبحاث
سمير: الرسائل المصرية تحولت إلى وسيلة للوجاهة.. والحل فى إعادة كرسى الأستاذية ووقف الاعتماد عليها كدرجة للترقية أو الوظيفة
القمرى: نسبة النقل فى الكليات النظرية مرتفعة.. والنشر الدولى شرط مهم للتقييم
أثار مؤشر البحث العلمى التابع لأكاديمية البحث العلمى لشهر أغسطس الماضى، عن وجود 42 ألف طالب دكتوراه مقيدين فى الدراسات العليا بالجامعات الحكومية عام 2016، بزيادة قدرها 8.2% عن 2015، حفيظة خبراء فى «التعليم العالى»، واصفين الرقم بأنه «مخيف»، ويدل على السطحية وسهولة الحصول على الدرجات العلمية.
وأوضح الخبراء أن مكافآت الإشراف ومناقشة الرسائل العلمية بسيطة للغاية، وتبلغ 79 جنيها، ما يدفع الأساتذة لعدم أخذ الأمور بجدية واجبة أو التفرغ لها، كما لا يسمح نظام الدراسة سواء للماجستير أو الدكتوراه للطالب الاستغراق فى البحث العلمى، خاصة فى كليات العلوم النظرية، مطالبين بوقف اعتماد الرسائل كدرجة للترقية.
«الشروق» فتحت هذا الملف الشائك نظرا لأهميته الكبيرة للعلم والمجتمع، وتحدثنا مع خبراء وباحثين ورؤساء جامعات، لرصد الوضع وطريقة الدراسة والحلول لإعادة الوضع إلى مساره الصحيح بعد التضخم فى أعداد طلبة الماجستير والدكتوراه.
فى البداية قال وكيل مؤسسى نقابة علماء مصر الدكتور عبدالله سرور، إن الدراسات العليا تم تدميرها تماما فى الجامعات المصرية بفضل القرارات المختلفة، ومنها تطبيق نظام الساعات المعتمدة الذى جعل الطالب يدرس لمدة عامين بشكل منتظم مثل مرحلة البكالوريوس، ثم يمنح فرصة زمنية لدراسة نقطة بحثية استكمالا لدراسته للماجستير بنظام الساعات المعتمدة، مضيفا: «النظام الجامعى يشترط أن تقدم رسالة الدكتوراه إضافة علمية، لكن نظام الدراسة لا يسمح بهذا، حيث يقع 60% على المحاضرات، و40% على الرسالة، وبالتالى الطالب ناجح من قبل ما يناقش».
وأشار سرور إلى أنه حاول خلال السنوات الماضية أن يشرح لمسئولى وزارة التعليم العالى فساد النظام الحالى فى العلوم النظرية تحديدا، لكن دون جدوى، واستطرد: «الطالب الآن يدرس محاضرات فى مجموعة ساعات المعتمدة، ولا يعود للمصادر الأصلية أو التراثية القديمة، حيث يكتب نقطة بحثية فى صفحات قليلة بطريقة أقرب إلى السطحية منها إلى العمق المطلوب فى الدراسات العليا، فى السابق كان هناك باحث متقدم للدكتوراه فى كلية الآداب عن قانون الجنسية فى مصر، فطلب منه المشرف دراسة القانون أولا، فحصل على ليسانس حقوق، قبل الموافقة على رسالته».
وأوضح سرور أن إعلان مرصد البحث العلمى وجود أكثر من 42 ألف رسالة دكتوراه فى الدراسات العليا فى الجامعات المصرية أمر مخيف، ويدل على السطحية وسهولة الحصول على الدرجات العلمية، مؤكدا ضرورة اهتمام الوزارة بالقضية، لكنها بحسب تعبيره «لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم».
ولفت سرور النظر إلى أن مكافآت الإشراف ومناقشة الرسائل العلمية تافهة وبسيطة للغاية، حيث تبلغ قيمة المناقشة 79 جنيها، لا تشترى نصف كيلو لحمة، ما يدفع أساتذة إلى عدم أخذ الأمور بجدية واجبة عند بعضهم، كما أن نظام الدراسة لا يسمح للطالب بالاستغراق فى البحث العلمى، لأنه يحدد له فترة زمنية صغيرة للمناقشة والحصول على الدرجة، وهذا أضر كثيرا بمستوى البحث.
وشدد سرور على حاجة النظام الجامعى بالكامل إلى تغيير إذا أردنا إصلاحا حقيقيا، حيث يبدأ الإصلاح بإلغاء الوزارة والمجلس الأعلى للجامعات بتشكيله واختصاصاته الحالية، وجعل الجامعات مستقلة بشكل حقيقى، مع تشكيل مجالس أمناء فى الجامعات، ووضع نظام جديد للتعيينات، من المعيد إلى رئيس الجامعة، فضلا عن تغيير نظام تشكيل مجالس الجامعات والكليات والأقسام داخليا، واستحداث نظام أستاذ التخصص، يحصل عليه من أمضى 5 سنوات فى درجة الأستاذية.
ويرى أستاذ جراحة القلب فى جامعة عين شمس الدكتور خالد سمير، أننا فقدنا الهدف، فالبحث العلمى ليس له هدف واضح، والمفروض أن يكون فى خدمة المجتمع عن طريق إعداده بحلول علمية لمشكلاته، أو تحسين الأوضاع أو تقليل التكلفة المادية، إنما فى مصر تحول إلى وسيلة للترقية أو الوجاهة مثل الشهادات».
وأضاف سمير أن معظم الرسائل العلمية فى مصر لا يضيف شيئا إلى المحتوى العلمى، فنحن من أكثر دول العالم التى تمنح الدكتوراه، وفى الخارج لا يقبل عليها إلا العلماء الباحثون، وتكون مشروعا علميا كبيرا بتكلفة جادة على شكل مسابقات، لكن هنا الأمور شكلية منذ عام 1972، حيث تم إلغاء كراسى الأستاذية، وبدأت تصبح مجرد درجة وظيفية يترقى إليها المئات أو الآلاف على مستوى الجمهورية.
وأردف: «فى تخصصى، بريطانيا بها 5 أساتذة فقط لجراحة القلب، بينما فى مصر هناك أكثر من 200 أستاذ بسبب الترقية، وفى الخارج أيضا يوجد أستاذ الكرسى كمرجعية فى المادة وليس موظفا، ولا يترك الكرسى إلا بالوفاة أو التقاعد، ويتم عندها اختيار أستاذ بديل».
وتساءل: «فى النهاية ما هو العائد من الرسالة علينا وعلى المجتمع؟، الأمر غير محسوس وغير معروف، ففى خارج مصر ينظم رجال الأعمال والمؤسسات مسابقات لتمويل الأبحاث للحصول على حقوق الملكية وبراءة الاختراع فى كل التخصصات حتى فى الطب».
وتابع: «إذا أعددت بحثا علميا حقيقيا لن يكون هناك متسع ولا تمويل لهذا العدد من الرسائل فى مصر، ففى بعض التخصصات تكون الرسالة، خاصة الماجستير، عبارة عن مراجعات وتلخيص ما تم نشره بشأن الموضوع من قبل، دون إجراء أى بحث حقيقى أو عملى».
وأكد سمير أن الحل فى تغيير المنظومة يأتى من خلال إعادة كراسى الأستاذية، ووقف اعتماد رسائل الماجستير والدكتوراه كدرجة للترقية أو الوظيفة، وعدم منح الدرجات البحثية إلا للباحثين الموجودين فى مراكز البحوث أو الجامعات فقط، أو الراغبين فى التفرغ للبحث، فلا يعقل أن يكون موظف مثلا، كما يجب أن تكون الأبحاث المقبولة ذات تمويل وهدف واضح يفيد المجتمع أو يضيف للعلم، مع الجدية فى التقييم»، وأشار إلى أنه: « يحصل على 250 جنيها إشراف على رسالة دكتوراه لمدة 5 سنوات» وهو مبلغ، لا يكفى ثمن فنجان قهوة كل شهر،» وده تهريج، إحنا بنمثل التمثيلية وبنصدقها» على حد قوله.
وأكد الأستاذ فى جامعة عين شمس أن الرسائل لابد أن يشرف عليها أستاذ معد جيدا ويوفر جزءا من وقته لها، بهدف مساعدة طالب الدراسات العليا فى استنباط المعلومة وتعليمها واستخراج وكشف حقائق جديدة ونظريات وإضافتها للعلم، أو نقد نظريات قديمة وإثبات خطئها، وللأسف كل ذلك لا يحدث، فدور المجلس الأعلى للجامعات هو عدم الاستجابة للضغوط والاستمرار فى إصلاح نقل أنظمة من العالم المتقدم وتفعيلها، وليس تفريغها من مضمونها.
الأستاذ فى كلية العلوم بجامعة القاهرة الدكتور هانى الحسينى، قال إن الكلية تتبع نظام التحكيم الأجنبى لرسائل الماجستير والدكتوراه، الذى يضمن أن تكون الرسائل مقاربة فى المستوى للجامعات الكبرى فى العالم، وهو نظام يضمن حدا أدنى من أن «الناس متكتبش فى واد وأنت فى واد آخر».
وأضاف أن على الحكومة الربط بين الميزانية المتوفرة وعدد الرسائل المسجلة، بمعنى أن رسالة الماجستير تتكلف 25 ألف جنيه فى المتوسط، وتتكلف الدكتوراه 50 ألفا، وعادة ما يتحمل الطالب المبلغ من جيبه الخاص، ويحصل المعينون فى الجامعات على جزء من التكلفة، ومن المفترض أن تتكفل الحكومة بها، ففى خارج مصر لا يطلب أحد من الباحث شراء شىء.
وشدد الحسينى على أن مهمة الدولة البحث عن الدراسات التطبيقية وليس الباحث أو الجامعة، لأن مشاكل وأسرار الصناعة تخص الصناعة فقط، وهذه مسئولية الشركات التى يجب أن تتعاقد مع الباحثين وتحل مشاكلهم، والمبادرة لا يمكن أن تأتى من الباحث لأنه لا يعرف المشكلة.
وذكر عضو هيئة تدريس فى إحدى كليات الآداب فى جامعات القاهرة الكبرى، أن عدم توثيق النقل من المراجع يعد سرقة علمية، لذا لابد من إعادة صياغة الفكرة بدلا من النقل بالنص، مشيرا إلى أن بعض الحالات تنقل المراجع والفقرات من رسائل أخرى كما هى، دون توثيق أو رجوع إلى المراجع الأصلية.
وحول الإشراف على الرسائل، قال عضو هيئة التدريس ــ طلب عدم ذكر اسمه ــ أن بعض المشرفين لا يتابعون الطالب ولا يقرءون الرسائل بطريقة متعمقة، كما لا يساعدون فى حل الصعوبات البحثية التى تواجه الباحثين، أو يحرصون على تعليمهم مهارات بحثية جديدة، وبعضهم يستسهل فى العينة موضوع الرسالة، منها عينة طلاب الجامعات على سبيل المثال، لأنها سهلة ومتاحة لهم، وتبتعد عن العينات الصعبة.
رأى آخر يطرحه رئيس جامعة كفر الشيخ، الدكتور ماجد القمرى، يقول إنه لا يجوز التعميم فى القضية، فلابد من التفريق بين الكليات العملية والنظرية، فنسبة النقل فى الثانية عالية جدا، والوصول إلى هدف منها قليل، بل إن أغلب رسائل الماجستير والدكتوراه هدفها الحصول على الشهادات فقط، أما الكليات العملية فتحمل قدرا أكبر من الجدية وتحقق أهدافا كثيرة، طبقا للمفاهيم العلمية ومعايير الجودة.
وأضاف القمرى لـ«الشروق» أن الأمر يعتمد على الأستاذ المشرف أو لجنة الإشراف، قائلا: «إذا كان الأستاذ قويا ومن مدرسة علمية وصاحب رؤية وفكر ستحقق الرسائل أهدافا وتصل إلى نتائج قابلة للتطبيق، خاصة فى مجال النانو تكنولوجى الذى أتخصص فيه، فأغلب الرسائل التى حكمت عليها داخل مصر وخارجها كانت قوية، لكن من منظورى كرئيس جامعة بعض الكليات النظرية يتبع المنهج العلمى والإطار النظرى بالنسبة للبحث فى هذا المجال، وهناك باحثون من كليات عملية موجودون فى أقوى الجامعات العالمية بعد الحصول على الماجستير من مصر».
وأوضح القمرى أن الهيكل الأكاديمى فى أغلب دول العالم به نظام «أستاذ كرسى» وله مدرسة علمية، بينما تحتاج الترقيات العلمية للخضوع للمعايير العالمية، فالكليات العملية تشترط نشرا دوليا بالنسبة للمناقشات، وهذا ما نفعله فى الجامعة، أما الكليات النظرية فتحدد لها مجلات قوية للنشر فيها، وواصل: «عندى ناس مخلصة ومش عارفة تناقش لأنها مش عارفة تنشر فى مجلات عالمية، وده معناه عدم ثقة فى نتائج الرسائل أو ضعفها».
واستكمل: «المجلس الأعلى يضع صورة عامة للضوابط، لكن الأمر من اختصاص مجالس الجامعات، واشترطت جامعة كفر الشيخ نشر بحث دولى لمناقشة الماجستير، وبحثين كشرط لمناقشة الدكتوراه».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك