«الجنزوري» في الحلقة الـ «9» من مذكراته يروي قصة الوزراء الذين ركضوا خلف «سوزان».. وبداية ظهور جمال مبارك - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 4:32 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الشروق» تنشر مذكرات «الجنزورى» .. «سنوات الحلم والصدام والعزلة.. من القرية إلى رئاسة الوزراء» (9)

«الجنزوري» في الحلقة الـ «9» من مذكراته يروي قصة الوزراء الذين ركضوا خلف «سوزان».. وبداية ظهور جمال مبارك

الدكتور كمال الجنزوري - رئيس الوزراء الأسبق
الدكتور كمال الجنزوري - رئيس الوزراء الأسبق
إعداد ــ إسماعيل الأشول:
نشر في: الأحد 22 ديسمبر 2013 - 10:45 ص | آخر تحديث: الأحد 22 ديسمبر 2013 - 10:46 ص

عن سنوات النشأة والكفاح والانتقال من القرية إلى القاهرة مرورًا بسنوات الدراسة ونهاية بتولى المناصب المرموقة حتى نهاية حكومته الأولى عام 1999، تدور أحداث الكتاب الذى بين أيدينا، والصادر حديثا عن دار «الشروق»، (طريقى.. سنوات الحلم.. والصدام.. والعزلة.. من القرية إلى رئاسة مجلس الوزراء) للدكتور كمال الجنزورى، رئيس وزراء مصر الأسبق.

فى الحلقة الماضية، توقفنا عند دعوة الرئيس المخلوع حسنى مبارك لاجتماع لمجلس الوزراء، دون علم رئيس الحكومة حينذاك الدكتور كمال الجنزورى، فما كان من الأخير إلا سؤال مبارك عن الأمر، وانتهى الحوار بينهما إلى إلغاء الاجتماع، وهو موقف يصفه الجنزورى بأنه «كان بداية لصدام أو عدم رضا من جانب الرئيس وأسرته».

فى هذه الحلقة يواصل الجنزورى الحديث عن عمله رئيسا للوزراء وكواليس علاقته بمبارك وزوجته السيدة سوزان ونجله جمال مبارك وموضوعات أخرى.

كان غياب بعض الوزراء ليكونوا بصحبة حرم الرئيس، يخرجون معها فى جولاتها، وكنت لا أكترث لغياب وزير أو وزيرين، لكن أخذ العدد يتزايد وأصبح مجلس الوزراء ينعقد بغياب ثلاثة وأربعة وزراء.

وذات يوم، لاحظت أن عدد الوزراء المتغيبين زاد كثيرًا، فكلفت مدير المراسم السيد نور فرغل، بالاتصال بمكتب حرم رئيس الجمهورية وإبلاغها الرسالة التالية: هل نلغى اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعى؟ أم نؤجله؟ أم نقلل عدد الوزراء المصاحبين لها فى جولاتها؟! وتلقت حرم الرئيس الرسالة، فكان ردها الغاضب: خلاص مش عايزة حد!!

لمست بعدها، أنها غير راضية عن الرسالة بالطبع ولا عن صاحبها. والحق أنها لم تفعل شيئًا معلنًا مضادًّا أو مترتبًا عن هذه الرسالة، ولا فعل الرئيس ولا أحسست أنها أوصت بذلك، كما أننى لم أسع لاسترضائها لأننى لم أفعل سوى الصواب بل وشعرت بالراحة لأننى فعلت ما يجب أن أفعله.

نجل الرئيس

أذكر أيضا أننى كنت أرأس اجتماعَا يحضره أعضاء مجلس مبارك/ آل جور، وفوجئت بمدير المراسم يعرض علىّ قائمة ترتيب الجلوس، ولم يكن أمرًا مسبوقًا ولكن لاحظت أن جمال مبارك نجل الرئيس مرتب له أن يجلس إلى يمينى، وهو ما يتنافى مع قواعد البروتوكول، إلا أنه ابن الرئيس ويمكن التغاضى عن هذا، لم أرتح لذلك فطلبت ترتيب الجلوس، بأن يكون رئيس الجانب العربى وهو الدكتور إبراهيم كامل عن يمينى ورئيس الجانب الأمريكى عن يسارى، على أن يجلس الباقون كل حسب ترتيب الأسماء الأبجدية، وجاء جلوس جمال مبارك قريبًا من آخر القاعة.

ولا بد أن ذلك لم يرضه، ولا بد أنه ترك فى نفسه أثرًا. وهنا يلزم الإشارة أن جمال مبارك، لم يحضر أى اجتماع خلال فترة وزارتى من 4 يناير 1996 إلى 5 أكتوبر 1999، سوى هذا اللقاء ولقاء آخر، وهو عندما رتبت مراسم رئاسة الجمهورية، وكان الاجتماع برئاسة الرئيس لمناقشة الأزمة الاقتصادية، فيما سمى بالكارثة التى لحقت بدول جنوب شرق آسيا، ولاستبيان أثرها على الاقتصاد المصرى، وبعد نحو ساعتين مال الرئيس ناحية رأسى قائلًا: جمال يحب أن يسمع هذه المناقشات، فهل يحضر؟! فقلت طبعًا، وحضر جمال بقية الاجتماع وكانت مشاركته مجرد استماع ولم يشارك النقاش.

مشروع ميدور

توالت وقائع عدم الرضا، أو الصدام الخفى، وأبرزها كانت حول مشروع لم أرتح له أبدًا فى أى وقت من الأوقات، إنه مشروع ميدور لتكرير البترول، وهو مشروع مصرى/ إسرائيلى مشترك، وكانت نسبة المشاركة المصرية فى البداية 60٪ و40٪ للجانب الإسرائيلى.

تلقيت اتصالًا من اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات العامة، وذلك فى أوائل شهر يوليو 1997، يطلب التوصية لدى البنك المركزى بضمان قرض أجنبى، لاستكمال تمويل المشروع المصرى/ الإسرائيلى، ميدور لتكرير البترول.

اتصلت بالسيد إسماعيل حسن محافظ البنك المركزى الذى أخبرنى أن المطلوب ليس ضمان نصيب الجانب المصرى فى القرض فقط، لكن ضمان القرض كله بما فيه حصة الجانب الإسرائيلى!

أى كان المطلوب أن يضمن البنك المركزى سداد القرض كله شاملًا حصة الجانب الإسرائيلى، وهو ما رفضته ورفضه معى السيد إسماعيل حسن، وقد أكدت عليه ألا يعطى ضمانًا إلا لحصة مصر مهما كان الضغط عليه.

إزاء هذا الموقف الحاسم، فوجئت بزيادة حصة الجانب المصرى فى المشروع إلى 80٪، وحصة الجانب الإسرائيلى انخفضت إلى 20٪، ومع ذلك استمر إصرارى وإصرار رئيس البنك المركزى على رفض ضمان الـ 20٪ الخاصة بالجانب الإسرائيلى، وهذا ما تم فعلًا، ومن العجيب أن نصيب الجانب المصرى البالغ 80٪ تبين أن فيه 20٪ نصيب رجل الأعمال حسين سالم، وعند إعادة هيكل الملكية تم تقييم قيمة السهم بألف دولار.

جاءنى بعد بضعة أشهر حسين سالم ليطلب الموافقة على بيع 20٪ من الأسهم فقلت:

ـ هذا أمر لا يخصنى، بيعًا أو شراءً، اذهب إلى المالكين والمختصين بهذا الموضوع. وأسقط الأمر فى يده، ولم يجد الإجابة التى تريحه.

وعند انصرافه سألته من قِبل العلم بالشىء:

ـ إن شاء الله ناويين تبيعوا السهم بكام؟!

فقال:

ـ بـ 4 آلاف دولار!

صدمنى الرقم، فقلت: ازاي؟! السهم من شهور أربعة كان بألف دولار، وبعد شهور قليلة يقفز إلى 4 آلاف دولار! إيه اللى حصل، المشروع لم يأت بجديد ليتغير السعر ويتضاعف أربع مرات، فهل التقييم الأول كان أقل من الواقع أم أن التقييم الأخير أكثر من الواقع؟ ولكن أحسست أن الأمر فيه شىء!

وسكت عندما لاحظ الضيق فى وجهى.

وبعد قليل اتصلت باللواء عمر سليمان وأخبرته بما جرى.

فقال: (تعقيبًا على سعر البيع)

ـ أهى تجارة بأه!!

ويرتبط بهذه المواقف وغيرها مما لم تلاقِ الرضا من جانب صاحب الأمر، قصة التفويض الذى يحصل عليه عادة أى رئيس للحكومة، فقد جرى العرف أن يعطى رئيس الجمهورية، تفويضًا ببعض صلاحياته المحددة بالدستور والقوانين واللوائح إلى رئيس الحكومة لإدارة شئون الدولة، ومع هذا يرغب الرؤساء وخاصة الرئيس أن نسألهم قبل اتخاذ القرار فيما تم التفويض فيه، وهو ما لم أفعله، فالتفويض معناه إعطائى الصلاحية القانونية لمباشرة مهام الدولة، وهو يعنى تحملى مسئولية قرارتى، وهو يعنى الحركة المستمرة دون التوقف لأخذ الإذن.

وأقول وأؤكد: إن المرءوس الذى ينتظر أن يأخذ الإذن من رئيسه الأعلى عندما يتخذ قرارًا، فإنه سواء كان محافظًا أو وزيرًا أو حتى رئيسًا للوزراء لا يستحق أن يبقى فى مكانه. ولقد حدثت مرات كثيرة أن سألنى الرئيس عن أبسط قرارات اتخذتها، منها مثلًا أن طلب إصدار قرار لعلاج السيد سامى شرف سكرتير الرئيس الراحل جمال عبدالناصر على نفقة الدولة فبادرته قائلا: اتخذت القرار بالفعل يا ريس، فانفعل قائلًا: هو كل حاجة أسألك عليها، تقول أنا عملتها؟! فقلت بهدوء: يا سيادة الرئيس أنا موجود هنا لكى أعمل، وأتوقع أن تحاسبنى فقط عندما تسألنى وأقول: معملتش!! حتى فى الأمور البسيطة كالتى تسألنى عنها! وصمت ولم يعلق.. وبالتأكيد بغير رضا.. ولكن أعتقد أن كل هذا الغضب وعدم الرضا اختزن فى العقل والقلب، حتى جاء الوقت الذى أراده.

أعود للبداية خلال الشهور الأولى، كانت هناك محاولة للتحرك فى موضوع الخصخصة، والتحرك هنا ليس المقصود به الإسراع فى بيع شركات القطاع العام، ولكن التحرك بقدر من العقلانية، فهناك قطاعات حاكمة وضرورية مثل البنوك والأسمنت والحديد والأدوية والأسمدة والمطاحن، قررنا أن تبقى فى نطاق الملكية العامة كاملة أو بنسبة عالية من رأس المال.

فى خلال السنوات من 1991 ــ 1993، كانت الشركات التى تم خصخصتها ثلاث شركات هى الكوكاكولا، والبيبسى كولا، والمراجل البخارية عندما كان الدكتور عاطف صدقى رئيسًا للوزراء ووزيرًا لقطاع الأعمال.

ثم زاد معدل الخصخصة والتركيز على البيع خلال السنوات التالية 1993 ــ 1995 عندما تولى الدكتور عاطف عبيد منصب وزير قطاع الأعمال. ومنذ توليت استمر الدكتور عاطف عبيد وزيرًا لقطاع الأعمال، وتحركت الخصخصة لأنشطة مختلفة بشكل يعطى رسالة للقطاع الخاص داخليًّا وخارجيًّا والمنظمات المالية الدولية، بأن مصر مقبلة على تحرر اقتصادى دون التخلى عن مصلحة الوطن والمواطنين.

ومن ناحية أخرى زاد خلال الأشهر الأولى من عام 1996 حجم التداول فى سوق الأوراق المالية، بما يكاد يصل إلى أكثر من ضعف حجم ما تم من تداول فى إحدى عشرة سنة سابقة، أى خلال الفترة من 1982 إلى 1995. وأذكر خلال تلك المدة وعلى وجه التحديد بداية شهر مايو 1996، أن سافر الرئيس إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وعند عودته فى المطار وأمام من حضر من الوزراء.

قال:

ـ «كمال» أنت عملت إيه؟! فكل من قابلته يشيد بعملك والوزارة.

فقلت:

ـ هذا من فضل الله.. ولكن عجبت فليس من طباعه أن يشيد بأحد.. ويبدو أن قوله كان نكاية فى أحد الحاضرين له علاقة بالأمريكان!!!

ورغم أن الرئيس عرفنى جيدًا لمدة طويلة، وعرف أننى لا أستهدف إلا الصالح العام، إلا أن ذلك وصل إلى مرحلة أثارت غضب بعض أصحاب المصالح الخاصة.

وأقسم بالله أن هذه كلمة قالها الرئيس مرة حينما كنت أعد بعض القرارات العاجلة، حيث قال: أرسل مشروعات القرارات إلى المنزل وسأوقعها مباشرة فثقتى أنك تعمل لصالح المواطن 100٪. وفعلًا كانت مشروعات القرارات العاجلة يحملها مندوب إلى مكتب سكرتير الرئيس السيد جمال عبد العزيز فيرسلها مباشرة إلى منزل الرئيس، ويوقعها فورًا ويعود بها المندوب مباشرة إلى مجلس الوزراء فى نفس اليوم. وما كان على وزير شئون مجلس الوزراء إلا أن يطلب الدكتور زكريا عزمى، ليبلغه بأرقام القرارات الجمهورية لحفظها فى المكان المخصص للقرارات التى وَقّع عليها الرئيس.

كان المعمول به من قبل، أن يقدم أى مشروع قرار جمهورى إلى الدكتور زكريا عزمى بصفته رئيس الديوان الجمهورى، ثم يقوم بعرضه على الرئيس، ولا شك أن الإجراء الجديد ضايق الدكتور زكريا وغيره، ممن كنت أرغب فى أن يتركوا الوزارة لشعورى أنهم عبء عليها.

مظاهر السلطة

كنت أمقت كل أنواع ومظاهر السلطة حتى الأمور البسيطة، كنت سعيدًا كل السعادة أن أعيش حياة الإنسان البسيط، ونسيت تمامًا السلطة ومظاهرها بكل صورها، فلم أسافر إلى الخارج عندما كنت وزيرًا ونائبًا لرئيس الوزراء لمدة تصل إلى نحو خمسة عشر عامًا، وكان معى سكرتيرًا أو مساعدًا، كنت أحمل حقيبة يدى بنفسى، وخلال تحملى مسئولية رئيس الوزراء لمدة تقرب من أربع سنوات، لم أغلق الطريق أبدًا حتى أمر ذهابًا أو إيابًا إلى المكتب أو إلى المطار أو إلى أى جهة. نعم كنت سعيدًا حينما أرى المواطن المصرى يقود سيارته بمفرده أو مع أسرته، وألمح السعادة والابتسامة، متعة وسعادة لا يعلوها سعادة، أن تشعر أنك مع الشعب وأن الشعب يحبك، فرق كبير بين أن تسير سيارتك مع سيارات المواطنين، وهم سعداء بك، وأن تسير سريعًا، وعامة الناس يحجزهم المرور فى الشوارع ساعات مرهقة، قد تطول وتطول وهم ناقمون عليك.

فى 10 يناير 1996، طلب رئيس صندوق النقد الدولى السيد كامديسو وهو فرنسى الجنسية، زيارة مصر ليقابلنى ويهنئنى على الوزارة الجديدة. ولكن كنت أعلم أن سمعة الصندوق لدى المواطن المصرى خاصة البسيط ليست طيبة. فخلال العامين السابقين كانت تأتى بعثة الصندوق وبعد سفرها مباشرة، يصدر الجديد من الرسوم أو الضرائب، أو رفع أسعار بعض المنتجات البترولية، مما أدى إلى الربط بين زيارة ممثلى الصندوق، وفرض أعباء جديدة على المواطن المصرى.

لهذا حين أخطرت بأن رئيس الصندوق يطلب المقابلة، شعرت ببعض الحرج، وأجبت بشكر رئيس الصندوق، ورجوت أن يؤجل الزيارة بعض الوقت. ولكن فوجئت فى اليوم التالى مباشرة أن الدكتور بطرس غالى أمين عام هيئة الأمم، يطلبنى من نيويورك وهو منزعج، مبديًا عدم اقتناعه بتأجيل زيارة رئيس الصندوق، حيث يرى أن الكثير من رؤساء دول العالم النامى، يسعون إلى مقابلته ويلحون فى ذلك، وأن هذا التصرف قد يؤثر على علاقاتنا الدولية، فشرحت له سبب عدم قبولى هذه الزيارة فى الوقت الحالى، ولكن شعرت أنه لم يقتنع، ورغم ذلك تم الاعتذار.

وفى أوائل مايو 1996، جاءت بعثة صندوق النقد الدولى وبدأ الحوار لإتمام اتفاق جديد مع الصندوق، وبدأ الزملاء أعضاء المجموعة الاقتصادية التفاوض مع بعثة الصندوق. وكان طلبى من الزملاء، قبل بدء الاجتماعات، الالتزام بعدم خفض قيمة الجنيه المصرى مقابل العملات الأجنبية، خاصة وأن غالبيتهم يعلمون الأثر السلبى الكبير لهذا الإجراء، وأيضا لا زيادة لأسعار المكونات الستة للبترول، لما لها من أثر مباشر على زيادة أسعار الكهرباء وتكلفة الإنتاج والنقل. واستمر التفاوض نحو عشرة أيام، وتم الاتفاق بالفعل دون خفض قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية، أو رفع أسعار مكونات البترول أو الكهرباء.

المتلاعبون والاتفاق مع الصندوق

بعد أيام قليلة، طلبنى الدكتور عاطف عبيد فى منتصف الليل، ولم يكن من عادته أن يتصل متأخرا، وأخبرنى أن بعثة الصندوق من خلال الدكتور عبد الشكور شعلان، تريد أن نقدم شيئا يثبت حسن النوايا فى التفاهم بيننا، وهو الوعد بخفض قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية بنحو 5% قبل موعد تنفيذ الاتفاق. قلت:

ـ هذا المطلب غير مقبول، ولم نتفق عليه قبل سفرهم، وأرجو أن تخبرهم ألا يحضروا.

ولكن بعد نصف ساعة طلبنى الدكتور عبد الشكور شعلان وأخبرنى أنهم فى الطريق حاليا وتحدد الوصول إلى القاهرة فى الصباح التالى.

عقدت اجتماعًا مع الزملاء أعضاء المجموعة الاقتصادية، وطلبت عدم اللقاء مع أى من أعضاء هذه البعثة، وأيضا عدم السماح لأى من أعضاء هذه البعثة أن يدخل أى مؤسسة أو جهة حكومية، ونظرت إلى الدكتور يوسف بطرس غالى.

وقلت:

ـ أعلم مدى صلتك بهم، وأخطرته: القضية قضية قومية، ولابد أن تشعر البعثة أننا كتلة واحدة صلبة من أجل الصالح العام، خاصة أنهم هم الذين غيروا ما اتفقنا عليه ونحن لم نخطئ ولم نغير ما اتفقنا عليه. والعجيب فى اليوم التالى، اتصل بى من نيويورك الدكتور بطرس غالى، أمين عام الأمم المتحدة فى ذلك الوقت، وكان هذا بناء على ما أبلغه به الدكتور يوسف بطرس وقال:

ـ هذا الأمر خطير للغاية كيف يمكن للبعثة أن تبقى فى مصر دون مقابلة أى مسئول.. هذا نوع من تحديد الإقامة.

قلت:

ـ أى عضو فى البعثة يمكن له أن يتحرك فى البلد ويعتبر نفسه سائحًا.

ولكن هناك اتفاق هم الذين نقضوه ونحن لم نخل بأى شىء!

لاحظت أنه غير مقتنع، وكانت هى المرة الثانية لتدخل الدكتور بطرس غالى فى الشأن الداخلى، كنا زملاء فى الوزارة لمدة زادت على ثلاث عشرة سنة، ولكنى بادرته قائلا: برجاء أن تتركنا نؤدى واجبنا وأن تهتم بعملك.

وانتهى الحديث بشىء من عدم الرضا من جانبه. المهم أن أعضاء بعثة الصندوق استمروا فى القاهرة فترة لا تقل عن عشرة أيام، وعادوا دون مقابلة أى مسئول. وبعد شهر تقريبا طلب الدكتور عبد الشكور شعلان، الدكتور عاطف عبيد وأخطره أن الصندوق يريد التفاوض لإتمام اتفاق. وحتى لا يتكرر ما حدث من قبل، طلبت من الدكتور عاطف عبيد، أن يخطر الدكتور شعلان بأن تُعد بعثة الصندوق مسودة لخطاب النوايا وإبلاغنا به، قبل حضورها حتى نتأكد أن ما طلبناه سُجل فى ذلك الخطاب. وفعلا نفذ ما طلبناه وجاءت البعثة إلى القاهرة، واستمر النقاش، وتم الاتفاق على برنامج يغطى المدة من 10 أكتوبر سنة 1996 إلى 10 أكتوبر سنة 1998. وتمت المراجعة كل ستة أشهر ولم يحـدث أى توقف فى البرنـامج.

وأذكر فى يوم 11 أكتوبر سنة 1998، وأمام مجلس الوزراء أن عقد السيد هاندلى رئيس بعثة الصندوق، مؤتمرًا صحفيا، أعلن فيه أن البرنامج مع مصر، كان برنامجا ناجحًا ومميزا، ودعا دول العالم الثالث، إلى الأخذ بالبرنامج المصرى، وأكد بأن مطلب الصندوق فى البداية بخفض الجنيه المصرى مقابل العملات الأجنبية، كان مطلبًا غـير صحيـح.

فى الحلقة المقبلة:

• وزراء دون مستوى الشبهات

• زكريا عزمى «المستفز» حاول التقليل من قدرى حين زار مبارك محكمة شمال القاهرة عام 1997

• استمرار «يوسف بطرس» وزيرًا كان «خطأ كبيرًا» وكنت أعلم أنه سيلقى التراب على كل ما بدأته بعد خروجى من الوزارة

الجنزورى يروى لأول مرة.. «سنوات الحلم والصدام والعزلة» (1)

الجنزورى يروى لأول مرة.. «سنوات الحلم والصدام والعزلة» (2)

«الجنزورى» فى مذكراته: غضب مبارك على أكثر من أى رئيس وزراء لأنه أدرك أن الشعب راضٍ عنى

«الجنزوري» في مذكراته: عقدة نائب الرئيس التى سيطرت على مبارك

«الجنزوري» فى مذكراته: لماذا لم يطح المشير أبو غزالة بحسني مبارك أثناء أحداث الأمن المركزي؟

الجنزوري بمذكراته: رفضت تحويل القروض العسكرية إلى تجارية فهاجمني سفير أمريكا بدعم من وزراء مصريين

«الجنزوري» فى مذكراته: مبارك أقال عبد الحليم موسى لتبنيه المصالحة مع «الجماعات الإسلامية»

«الجنزوري» فى مذكراته: أهل السوء حاولوا إقناع مبارك أن شعبيتى خطر عليه



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك