في سجون مصر.. ما لا عين رأت - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 5:52 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

في سجون مصر.. ما لا عين رأت

إيناس حامد
نشر في: الخميس 24 يوليه 2014 - 8:51 م | آخر تحديث: الخميس 24 يوليه 2014 - 9:10 م

رسالة من الزنزانة.. الحياة حلوة لكن الحرية أحلى.. جارك سلفي، إخواني، يساري، ليبرالي مش مهم، الأهم «كيف سنتعايش لشهور وربما سنوات بين أربعة جدران معًا؟!».. صحيح أن سجانك ليس في صفك لكن «لا تخسره على الأقل إنسانيًا».. ببساطة هذا ملخص الحياة داخل كثير من السجون المصرية، وتحديدًا بعد 30 يونيو 2013.

ربما يتحدث كثير من أهالي السجناء عن بعض المعاناة، قبل وأثناء، وبعد زيارة أبنائهم، لكنهم أجمعوا على أن قواعد الزيارة تختلف من أسبوع لآخر.

«لا يأس مع الحياة خلال زيارة السجناء»

إحدى السيدات التي جاءت لزيارة زوجها المسجون، وبرفقتها فتياتها الثلاث التي لا تتجاوز أكبرهن 5 سنوات تقول: «السابعة صباحًا أمام سجن أبو زعبل.. انتظارك أمام البوابة الرئيسية قد يطول، بل في كل مرة قوانين السجن تتغير، ويصبح ما تم إدخاله في المرات الماضي للسجناء، غير متاح مستقبلا».

«كل مرة نتبهدل في الدخول للسجن، وعلى حسب مزاج الأمناء على الباب، لو مزاجهم رايق نتفتش وندخل ولو حابين يضايقونا ياخدوا أي حاجة مننا حتى لو يسيبونا على الباب لحد ما يتأكدوا منها بحجة إنها ممنوعات».. واصلت السيدة حديثها لـ«بوابة الشروق».

وتابعت: «6 ساعات على الأقل هي مدة الانتظار قبل حلول ساعة الفرج للدخول.. سقف صغير يغطي مكان الانتظار، وبطبيعة الحال لا يستوعب أعداد القادمين للزيارة، فيضطر كثير منهم الجلوس على الأرصفة تحت أشعة الشمس أو الوقوف وراء إحدى عربات الترحيلات للاحتماء بظلها من حرارة الشمس».

«بكاء الأطفال لا يتوقف من شدة الحرارة، بعضهم يصاب بالتعب فينام على الرصيف، وليس أمام الأسرة سوى تغطيتهم بأوراق الكرتون لحمايته من أشعة الشمس، رجال ونساء مسنون يجلسون في الطريق انتظارًا لرؤية أبنائهم».. بحسب السيدة.

«ترتيب الكشوف.. أنت وحضورك»

«كل ما جيت بدري.. كل ما كان معادك في الزيارة بدري».. فالدخول للزيارة يكون وفقًا للترتيب الزمني لتسجيل أسماء أقارب المسجونين.. كل دفعة من الأسماء تضم 20 سجينًا تقريبًا. حين يسمع الأهالي اسم ابنهم من خلال ميكروفون السجن، يتوجهون إلى غرفة الزيارة، حيث يتم تفتيشهم مرة أخرى، ثم يدخلون الغرفة وعلى مصاطب خرسانية يجلسون لـ45 دقيقة، منها 10 دقائق لحين وصول السجين للغرفة، و10 أخرى لإخراج الزائرين لإنهاء الزيارة.. إذًا معك «25 دقيقة» لرؤية السجين .

«ضحكة.. قهقهة.. عناق».. حديث ثم حديث.. أطفال في كل مكان.. مرت الـ45 دقيقة.. صافرة أمين الشرطة تنطلق، معلنًا انتهاء وقت الزيارة ليبدأ إخراج الناس، قبل التوجه إلى بوابة الخروج، ويقوم الأمناء بتفتيشهم قبل المغادرة للمرة الأخيرة حتى يتأكدوا من عدم حصولهم على رسائل مكتوبة من المسجونين.

«المعلبات يا ماما.. جمدوا المايه والعصاير قبل ما تجولنا بيومين تلاتة.. لا استني يا ماما بلاش معلبات خليها في أكياس مجمدة.. المعلبات بيمنعوها.. بيقولولنا المسجونين الجنائيين بيستخدموا العلب المغلقة في نقل المواد المخدرة لداخل السجن، معتمدين على عدم فتح أمناء الشرطة للعلب».. الأم: «حاضر يا ابني».. حوار دار لثوانٍ معدودة بين أم وابنها السجين.

«مفاجآت الزنزانة»

«فرقتهم السياسة وجمعتهم الزنزانة».. داخل السجون هناك ظواهر جديدة، ربما لم تكن موجودة من قبل، اليوم داخل السجن ليس مهمًا، ظاهريًا تبدو الخلافات الفكرية بين السجناء غير موجودة.. الجميع قرر «الطعام والتعايش أولا».. ففي الغالب طعام السجن لا يؤكل- بحسب إحدى الزائرات لنجلها السجين.

تضيف السيدة: «ابني بيقول بناكل مع بعض، بنقرا الكتب اللي موجودة، حتى لو في خلاف فيه نقاش.. الإخوان نفسهم يا ماما بيختلفوا بين تأييد مرسي أو رفض.. الكل بيختلف بس نبطشي العنبر بيهدي الدنيا.. النبطشي ده شاب مسجون زينا بنختاره عشان ينظم توزيع أكل الزيارات والغسيل.. تنظيم التريض .. فصل الحمامات عن الزنازين وحاجات كتير».

«من الآخر يا ماما المسجون الجديد مش بيكون عارف حاجة، ومهمة النبطشي يجبله أكل بيجمعه من باقي المعتقلين.. عارفة معتقل من حركة 6 أبريل لسه جاي السجن قالي: لولا الإخوان وشبابهم المنظم كنا متنا من الجوع هنا».. بحسب كلمات الأم.

«السجين المحظوظ»

«غرفة 13 مترًا في 9 أمتار تحتضن 90 سجينًا.. لو كنت مسجون محظوظ هاتقضي فترة احتجازك في غرفة لا تزيد مساحتها عن 6 أمتار في 3 أمتار ومعاك 12 واحد كمان.. أغلب الزنازين تحت الأرض.. مفيش ضوء يدخلها ولا هوا إلا من فتحة في الجدار أعلى باب الزنزانة بطول شبر وبعرض 30 سم».. بحسب حديث دار بين مسجون وصديقه الزائر.

«بص يا سيدي: الحمام بقى دورة المياه عبارة عن فتحة في الأرض وحنفية لا يفصلها عن باقي الغرفة شيء، بنضطر نستخدم بطانية لفصل الحمام عن الزنانة.. المايه بتيجي بشكل متقطع لساعات.. في سجون تانية بتقطع طوال اليوم ومش بتيجي إلا 4 ساعات فقط».. وفقًا لكلمات السجين التي نقلها صديقه.

مسجون آخر تحدث: «بنحاول تكون علاقتنا بالسجان كويسة في أغلب الأوقات.. من الآخر هو موظف مسئول بس عن فتح وإغلاق الزنازين ومش مسئول عن ظلمنا أو حبسنا.. بنحاول نجنب نفسنا مشاكل كتير إحنا في غنى عنها».

«بنحمي البلد»

صحيح أن حياة السجن ليست سهلة.. صحيح أن أهالي السجناء يحلمون بالعودة إلى بيوتهم وبين أحضانهم أبنائهم المسجونين، لكن في النهاية المشاهد الإنسانية تتحدث عن نفسها على بوابات السجون..

أبرز تلك المشاهد، توجه إحدى السجانات إلى 3 طفلات جئن لزيارة مسجون قريب لهن، وكان هذا المشهد «مؤثرًا ولفت انتباه المتواجدين بالقرب منهن»، خصوصًا بعد احتضان السجانة للطفلات وتقبيلها لهن، ثم مداعبتهن، قائلة: «وحشتوني.. اتأخرتم ليه؟».

أما بوابة سجن طرة، فكانت شاهدة على موقف إنساني آخر، حيث يقف أمين شرطة على الباب يحمل سبحة في يده مستغفرًا الله.. لتبادره سيدة مٌسنة تقف في الطابور، وهي تستند إلى مشاية تساعدها على الحركة: «يا ابني أنت تعرف ربنا.. اللي بتعملوه في الناس ده يرضي ربنا؟»، فيرد عليها: «إحنا بنعمل إيه يا حاجة؟!».. فتسارعه: «تسجنوا الشباب والقتل ده يرضي ربنا؟!»، فيجيب: «إحنا بنحمي البلد، كله عشان مصر».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك