الجنزوري في مذكراته: تاتشر قالت لمبارك لابد للحكام أن يستمعوا لشعبهم.. والصمت ليس حلاً لأنهم سينفجرون يومًا - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 4:28 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الشروق» تنشر مذكرات «الجنزورى».. «سنوات الحلم .. والصدام .. والعزلة.. من القرية إلى رئاسة الوزراء» (12) مع الكبار

الجنزوري في مذكراته: تاتشر قالت لمبارك لابد للحكام أن يستمعوا لشعبهم.. والصمت ليس حلاً لأنهم سينفجرون يومًا

الدكتور كمال الجنزوري - رئيس الوزراء الأسبق
الدكتور كمال الجنزوري - رئيس الوزراء الأسبق
إسماعيل الأشول
نشر في: الجمعة 27 ديسمبر 2013 - 12:17 م | آخر تحديث: الجمعة 27 ديسمبر 2013 - 12:19 م

عن سنوات النشأة والكفاح والانتقال من القرية إلى القاهرة مرورا بسنوات الدراسة ونهاية بتولى المناصب المرموقة حتى نهاية حكومته الأولى عام 1999، تدور أحداث الكتاب الذى بين أيدينا، والصادر حديثا عن دار «الشروق»، (طريقى.. سنوات الحلم.. والصدام.. والعزلة.. من القرية إلى رئاسة مجلس الوزراء) للدكتور كمال الجنزورى، رئيس وزراء مصر الأسبق.

فى الحلقة الماضية دار حديث الجنزورى عن لقاءاته بقادة دول العالم العربى، وفى هذه الحلقة يتطرق صاحب هذه المذكرات إلى لقاءاته بقادة الدول الأوروبية وزعماء آسيا والاتحاد السوفييتى.

مارجريت تاتشر (رئيسة وزراء المملكة المتحدة البريطانية 1979ـــــــ 1990)

سيدة رائعة، حاسمة، شديدة البأس فى القول والفعل كانت أول امرأة تتولى منصب رئيس الوزراء فى بريطانيا.. مشهود لها بإجراء إصلاحات اقتصادية ومالية أدت إلى ازدهار فى محيط الشركات، وهى تعتبر من أطول رؤساء الوزراء فى بريطانيا استمرارًا فى شغل المنصب.

أذكر لقاءها فى زيارة سريعة للندن أول مايو 1983، ونحن فى طريق العودة من الولايات المتحدة، الرئيس مبارك والفريق كمال حسن على نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وأنا، ووصلنا فى الصباح الباكر، وذهبنا إلى مقر مجلس الوزراء البريطانى مباشرة من المطار. التقينا السيدة تاتشر ونائبها، وجلسنا جميعا حول مائدة صغيرة مستديرة، وبعد دقائق وقفت تتحدث، فقالت:

سيادة الرئيس نحن نحبك. ثم بعد صمت قليل، لأننا نحب مصر مصدر الحضارات العظيمة.

أشارت بيدها إلى الرئيس مستطردة: سيدى إن بعض شعوب العالم فى أشد الحاجة إلى أن يسمعها حكامها، لابد للقادة أن ينصتوا لشعوبهم أكثر مما يتكلمون، وعلى الحاكم أن يعلم جيدا ما يطلبون، ويعلن عما يمكن أن يحققه، وما لا يمكن، لأن مقابلة مطالبهم بالصمت ليست حلا، لأنه إن طال يولد الغضب الذى يختزن فى القلوب والصدور، ولا يمكن للصمت والغضب أن يستمرا، فسيأتى يوم مهما طال، لينفجر الكبت المخزون وتخرج هذه الشعوب لتقول: لا.. لا.. لا. سيادة الرئيس لا أقصد بلدا بعينه، ولكن خبرتى قبل أن آتى رئيسة للوزراء، والتحامى بالطبقة البسيطة التى نشأت منها، هى التى دفعتنى لكى أقول هذا لزعيم دولة كبيرة فى الشرق الأوسط.

لم يعلق الرئيس إلا بابتسامة خفيفة، واليوم أقول سبحان الله، كيف توقعت السيدة تاتشر هذا الانفجار منذ ثلاثة عقود.

فرانسوا ميتران (رئيس فرنسا 1981ـــــ1995)

كان اشتراكيا، رأسمالى المظهر والسلوك، يحب الصمت عند بداية الجلوس معه، وعندما يتحدث تحب أن تستمع إليه، وهو يتناول ما يدور فى المنطقة العربية والشرق الأوسط ودول العالم، وكان منصفا للقضية الفلسطينية.

وأذكر قولا له: إن هذه المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط، لا يمكن أن تهدأ، مهما طالت المدة، من دون أن يحصل شعب فلسطين على حقه العادل.

والشخص الآخر الذى أحب أن أعلق عليه، السيد ليونيل جوسبان كان رئيسا لوزراء فرنسا ممثلا للحزب الاشتراكى، وقت أن كنت رئيسا للوزراء، وحينما جاء لزيارة مصر، شاءت الظروف أن نجتمع أكثر من مرة.

أذكر له بعد ما تركت الوزارة فى أكتوبر 1999، أن أرسل لى خطابا يذكرنى باللقاء، سبحان الله، هذا الرجل الذى قضيت معه يوما واحدا أرسل هذا الخطاب، ولكن العشرات من المسئولين على الساحة العربية لم أتلقَ منهم خطابا واحدا، لعل ذلك كان لعلمهم عن غضب الرئيس علىّ.

البابا يوحنا بولس الثانى (رئيس الكنيسة الكاثوليكية 16/10/1975ـــــ2/4/2005)

كان من أقوى عشرين شخصية فى القرن الماضى، ولعب دورا بارزا فى إسقاط النظام الشيوعى فى بلده بولندا، وكان من أكثر القادة فى العالم سفرا ويحصى له أنه زار 190 بلدا خلال فترته. وكان معروفا عنه السعة فى العلم والمعرفة، يجيد سبع لغات: الإيطالية والألمانية والإنجليزية والإسبانية والبرتغالية والروسية والكرواتية ذلك بالإضافة إلى لغته الأم البولندية.

حظيت بلقائه عدة مرات سواء مرافقا للرئيس أو رئيسا لوفد من الزملاء أو منفردا.

نجم الدين أربكان.. (رئيس وزراء تركيا 28 يونيو 1996ــ30 يونيو 1997)

شخصية متدينة معتدلة. التقيت به فى أنقرة عندما اجتمع رؤساء ثمانى دول إسلامية بينها (مصر وتركيا وإندونيسيا وإيران وماليزيا)، وذلك للتوقيع على الاتفاقية المبرمة بين تلك الدول والتى عرفت بمجموعة الثمانية الإسلامية.

والسيد نجم الدين أربكان نشأ نشأة علمية اختلطت بالسياسة، فحصل على درجة الدكتوراه فى الهندسة الميكانيكية، وعكف على دراسة المحركات، وكان له فيها دور المبتكر. وكما له فى المجال العلمى، فقد كان له دوره فى مجال السياسة، حيث إنه عكف على إنشاء تنظيم له مرجعية إسلامية، وتمسك بفكره حتى أمكن تأسيس حزب الرفاة، وجعل له دورا مكنه من رئاسة الوزراة سنة 1996، وإن كانت مدتها محدودة إلا أنها مهدت وتركت بصماتها على الحزب الحاكم فى الوقت الحالى، والذى يتولى أمور الدولة بثقة وإيجابية مشهودة داخليا وخارجيا. ويذكر له أنه مع بدء نشاطه أقام معاهد للتعليم الدينى، وقدر عدد من التحقوا بها نحو ثلاثة ملايين طالب عند تركه الوزارة، وذلك مع ما كان حريصا عليه من اهتماماته فى مجال الإنتاج مما أدى إلى تفوق تركيا خاصة فى مجالات الإنتاج السلعى الصناعى والتصدير.

فى الحديث معه ومع رفاقه، كان يؤكد دائما أن العلاقة بين مصر وتركيا، لا تقف عند الشئون السياسية والاقتصادية، وإنما بتجاوز ذلك إلى الروابط المتينة بين الشعبين والمتمثلة فى العلاقات الأسرية وصلة الدم بينهما، فبعض الأسر المصرية والتركية تنتسب جذورها إلى كل من البلدين.

مهاتير بن محمد (رئيس وزراء ماليزيا 1981ـــــ 2003)

التقيت به عندما زرت ماليزيا فى أبريل 1997، وهو فى الأصل طبيب، وله رؤية مستقبلية شاملة، عما ينبغى أن تصل إليه نهضة ماليزيا فى أقل مدى زمنى ممكن، وحقق ذلك بمعاونة مجموعة تحمل كل الولاء لماليزيا، عاونته وشاركته الرؤية والأمل، وشعب وثق فى قادته وأخلص فى الأداء فتحققت الآمال العريضة فى مدى زمنى لم يزد على عقدين.

لى كوان يو (رئيس وزراء سنغافورة 1959ــــ1990)

مؤسس سنغافورة الحديثة وقائد نهضتها ويكفى أن يذكر له أن سنغافورة بعد أن كانت ولاية صغيرة هامشية، تشكل جزءا من ماليزيا، انفصلت ونهضت بقيادته وأصبحت من أهم المراكز التجارية فى العالم وارتفع الناتج المحلى الإجمالى لها من نحو 2 مليار دولار أمريكى عام 1960 إلى نحو 100 مليار دولار أمريكى حاليا، أى تضاعف خمس مرات عما كان عليه عام 1960، وهذا أدى إلى زيادة نصيب الفرد من الناتج إلى 22 ألف دولار أمريكى سنويا، بعد أن كان 435 دولارا أمريكيا فقط فى عام 1960، عندما كانت جزيرة متهالكة.وقد تحقق أكثر من ثلاثة أرباع هذه الزيادة الفائقة فى عهده، كما بلغت الدولة مكانة مرموقة فى الأمن وشئون البيئة وأصبحت مثلا يحتذى بها ومحط أنظار العالم.

قابلته حينما زرت سنغافورة فى أبريل 1997، وهو قائد يتصف بقدر كبير من تعظيم الذات، ولعل ذلك يرجع، إلى النجاح الفائق الذى حققه إذا قورن بدول مماثلة، وأذكر قوله عند اللقاء به: إن العامل الحاسم الوحيد الذى أدى إلى تطور سنغافورة، هو قدرة وكفاءة وزرائها والمستوى الرفيع من المهارة والدراية الذى بلغه موظفوها الحكوميون، وما قدموه من دعم ومؤازرة للوزراء.

نعم تحقق النجاح المبهر لأن القائد رغم اعتزازه بنفسه، لم يحفظ النجاح لشخصه بل أرجعه لكل العاملين بمختلف مستوياتهم، ويمكن أن أضيف بعد النقاش المتعدد مع المسئولين فى سنغافورة، أن أسباب النجاح يمكن أن تكمن فى كلمات قليلة: الرؤية السليمة احترام القانون الحاسم واختفاء الفساد إعلاء المصلحة العامة العدالة الاجتماعية للجميع.

لقاءات القادة الآسيويين

كيم سونج (Kim II Sung) رئيس كوريا الشمالية (1972ــ1994)

قابلته أكثر من مرة، شخصية غامضة يصعب الاقتراب منها بالحديث، ولكن عليك الصمت حتى يتكلم قليلا عن شعبه وآماله وحبه له. ولقد حاولت أن أرى بعض أفراد الشعب كما أحب دائما عندما تتاح لى الفرصة عند زيارة أى دولة ولكنه أمر لا يتحقق بسهولة. ويكفى أن أذكر أنه عند زيارة أى مسئول أجنبى لكوريا الشمالية، يخرج الأطفال من بيوتهم، يلبسون ملابس بيضاء ناصعة فى أعلاها بعض الألوان البرتقالية، يحملون فى أياديهم أعلاما صغيرة يلوحون بها لدقائق، حتى يمر الضيف، ثم يعودون إلى منازلهم. شعب كوريا الشمالية يبدو هادئا راضيا لعدم علمه بما عند الآخرين، ويكفيه أنه قادر على الاكتفاء الذاتى من السلع والخدمات الأساسية.

وأعود للقاء الرئيس فهو لا يصافح إلا قلة، حينما يعلم أن هؤلاء القلة أصحاء عند الجلوس إليه، يتحدث كلاما طيبا عليما بما يدور عالميا، ولكنه رأى أن استمرار هذه العزلة فى وجود قوة عسكرية قوية لدى هذا الشعب، تؤمنه مما يمكن أن يحدث، إن تم الانفتاح على العالم وعلى جيرانه.

قادة الصين

حظيتُ بلقاء أربعة رؤساء للصين، ويحق أن أقف أولا عند السيد دينج شياو بينج، مهندس النهضة والإصلاح ومع انفتاح الصين على العالم كله، رأيته أكثر من مرة، قصير القامة وحين تجلس إليه لا بد وأن تحترمه كل الاحترام، عنده مخزون من الخبرة بقدر لا يوصف، حينما يتكلم بتفجر كل ما يمكن أن تتمنى الاستماع إليه فى مختلف المجالات، وبفضل رؤيته نقل الصين نقلة كبرى.

لقد قامت الصين بثورة ثقافية عام 1949، ولكن حينما جاء هذا الرجل عام 1978 نقل الصين نقلة أخرى هائلة. ويكفى أن نشير إلى القفزة الهائلة فى القدرة الاقتصادية، وترى حاليا الميزان التجارى للصين مع الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوربى لصالح الصين، بفارق كبير ومعدلات نمو الناتج المحلى بما يفوق المعدلات فى أغلب دول العالم.

وأعود وأؤكد أنه فى لقاءاتى مع القادة الصينيين، وهم على التوالى دينج شياوبنج ولى زيانيان (1983ــ1991) ودانج شانج (1988ــ1993) وشيانج زيمن (1993ــ2003)، لاحظت أن الذى يتحدث واحد وهو صاحب المكانة العليا فى الصين وهو رئيس اللجنة العسكرية المركزية، لأن اللجنة المركزية هى التى تحدد الاستراتيجية والتوجه، وتنقل الرؤية للتنفيذ على مستوى الوحدات التنفيذية فى مختلف قطاعات الدولة.

ورغم أن المتحدث أو القائد واحد، ولكن يعتمد على الكثير من المشاركين، الذين لهم حق إبداء الرأى والتعديل بما يحقق الصالح العام على مستوى الدولة، لا احتكار لرأى رغم أنها دولة شيوعية يرأسها شخص يملك كل الصلاحيات.

لقاءات قادة الاتحاد السوفييتى

ميخائيل جورباتشوف (رئيس الاتحاد السوفييتى 1885ـــــ1991)

شخصية حالمة.. قليل الخبرة السياسية الدولية، إذ تم على يديه، انتهاء الاتحاد السوفييتى الذى عاش لسبع عقود (1917 ــ1990) خلال ما نادى به وأسماه البروسترويكا (أى إعادة البناء) ولكن للأسف لم يعطه الغرب الفرصة لإعادة البناء، ولكن أعطاه جائزة نوبل للسلام 1990 مكافأة على انهيار البناء.

والتقيت الرئيس بوريس يلتسن، الذى وقع اتفاقية حل الاتحاد السوفييتى ليأتى بعد ذلك السيد بوتن رجل المخابرات القوى الحاسم، والذى بدأ مشوارا طويلا لدعم اقتصاد روسيا بعد أن خرج الرئيس يلتسن خروجا آمنا.

إسلام كريموف (رئيس جمهورية أوزباكستان الحالى ومنذ عام 1991)

كان له دوره فى الحزب الشيوعى للاتحاد السوفييتى، إلا أنه أعلن استقلال أوزبكستان عن الاتحاد السوفييتى فى عام 1991، واستمر فى رئاسة الدولة واستطاع أن يدفع عنها مخاطر كثيرة. ودعا إلى ضرورة إقامة نظام ديمقراطى أكثر انفتاحا على العالم الخارجى وأجرى انتخابات سنة 2007 أسفرت عن استمراره فى رئاسة الدولة.

ولا يفوتنى أن أذكر هنا، أن إسلام كريموف كان من فرط أدبه ينحنى دليلا على الاحترام للزائر عند نهاية الزيارة، كما أنه منحنى وساما يعتبر أعلى وسام لهذه الدولة.

لقاءات قادة الولايات المتحدة الأمريكية

رونالد ريجان (رئيس الولايات المتحدة الأمريكية 1981ــــــ 1989)

التقيت به عدة مرات، وهو شخصية مرحة تحب أن تلتقيه، وهو يتجنب أن يثقل على كاهله بالدخول فى موضوعات سياسية واقتصادية صعبة، ولكنه يتناول أمورا عامة بشكل يحمل الكثير من المرح وخفة الظل، ويترك الصعب منها وتفاصيله لمساعديه.

جورج بوش الأب (رئيس الولايات المتحدة الأمريكية (1989ــ1993)

شخصية جادة تحمل الكثير من الخبرة المتراكمة، لعمله فى مجالات عديدة من الدبلوماسية والمخابراتية ونائبا للرئيس. عند الجلوس معه يخوض فى الحديث عن الشئون الداخلية والخارجية ولكن بإحساس أمنى، وبدا ذلك واضحا، عندما اتخذ قرار الحرب على العراق بعد شهور من توليه الرئاسة، حيث حرص على أن ينال التأييد الدولى والعربى، قبل أن يبدأ الحرب، كما حرص أن يشارك الدول العربية المجاورة، حتى ولو بقوات ليست كبيرة.. أذكر عندما كنت فى واشنطن فى أكتوبر 1992 لحضور الاجتماع السنوى المشترك لصندوق النقد الدولى والبنك الدولى، وأختير ثلاثون محافظا لدى صندوق النقد والبنك الدوليين المشاركين فى الاجتماع، وكنت واحدا منهم، ذهبنا إلى الببيت الأبيض وعند المصافحة والترحيب قلت:

سيادة الرئيس أتمنى لك النجاح لفترة ثانية.

وكان موعد الانتخابات بعد أسابيع قليلة خلال شهر نوفمبر عام 1992 قال:

يا سيد جنزورى لا، فإن الأمر متأخر. وبالنص الإنجليزى حين قال (Its too Late) وفعلا حدث ما توقع وفاز الرئيس بيل كلينتون. وعموما لا ننسى له أنه ألغى الدين العسكرى للولايات المتحدة الأمريكية وفتح الباب لخفض 50٪ من الدين لدول العالم على مصر.

مقابلة الرئيس ونتنياهو.. وموقفى

فى العام الثالث للحكومة عام 1998، أعود لشىء يستحق الذكر، وهو خاص بزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وكانت الأولى فى يونيو عام 1996. صحبته من المطار إلى مقر الرئاسة، وخلال الطريق طلبت منه تحسين معاملة الفلسطينيين، وإنهاء معاناتهم، وكررت أن ما أطلبه يؤدى إلى تحسين العلاقة بين مصر والعالم العربى وإسرائيل، وكان مستمعا، واعترض على بعض الأمور فى نهاية الحديث.

وكان محور اهتمامه منذ البداية يدور حول دعم العلاقات الاقتصادية المصرية الإسرائيلية بما يحقق لمصر وإسرائيل قيادة دول المنطقة كما يرى!! وكان الرد w واستنكار نظرته وحديثه من الأساس، لأن دعم العلاقات لا يصح أن يؤدى إلى شراكة بين مصر وإسرائيل لقيادة الدول العربية، وإنما ينبغى أن تكون الدول العربية هى محور الشراكة والعلاقة والقيادة.

وأثبت له استحالة دعم تطبيع العلاقات المصرية والعربية مع إسرائيل، دون حصول الشعب الفلسطينى على حقوقه كاملة. وحين ذهبت إلى مقر الرئاسة وقبل أن يلتقى الرئيس بالسيد نتنياهو، كان علىّ أن أخبره بما دار بيننا خلال الطريق من المطار، وأبديت فى كلمات قليلة أن العلاقة بين مصر وإسرائيل لابد أن تكون كما تراها مصر والعالم العربى وليس كما تراها إسرائيل فقط.

صَمَت قليلا، وقال:

ـ ماذا تركت لى؟

قلت:

هل أخطأت أن تحدثت معه؟!

وقلت فى نفسى هل كان الرد منه لا شعوريا، أم لماذا؟! الله أعلم.

زيارة أخرى، وكانت فى يونيو عام 1997، وكان اللقاء فى قصر السلام المجاور لمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة. وكان عجبا أن يطلب نتنياهو من الرئيس، أن يلتقى معه وبحضور رئيس الوزراء وممكن أيضا الدكتور أسامة الباز، وفضل ألا يحضر السيد عمرو موسى وزير الخارجية وقتها.

حضرت الاجتماع لدقائق وفى داخلى قدر كبير من المرارة، كيف يحدث هذا، ليس فقط لإحساسى بشعور الأخ عمرو موسى الذى يجلس بالخارج، والسيد نتنياهو له صفتا رئيس الوزراء ووزير الخارجية.

المهم بعد بضع دقائق كتبت ورقة إلى الرئيس، طالبا السماح لى بالانصراف، حرصا على شعور الأخ عمرو موسى.

وخرجت حيث وجدت السيد عمرو موسى غاضبا كل الغضب وهو جالس مع الدكتور زكريا عزمى والسيد جمال عبدالعزيز، وقلت له على الفور: لا يحق لى أن أستمر فى اجتماع مع نتنياهو ليناقش الشئون الخارجية وعلاقتنا مع إسرائيل، بينما وزير خارجية مصر يجلس فى الخارج.

وأذكر لقاء فى شرم الشيخ مع الرئيس والسيد ياسر عرفات ورفاقه، بحضور السيد عمر سليمان رئيس المخابرات العامة المصرية والسيد عمرو موسى وزير الخارجية وبعض الوزراء. وبعد المقدمات المعتادة طلب السيد ياسر عرفات أن ينفرد بالرئيس فنهضنا جميعا، ولكن حينما وقفت قال الرئيس:

اجلس يا كمال لتستمر معنا. وكان ذلك محرجا لى لعدم استمرار بقية الزملاء وخاصة وزير الخارجية. كما كان أمرا محيرا، فهل هذا التصرف من أجلى، أم كيدا فى آخرين؟! ماذا عند السيد عرفات حتى لا يحضره وزير الخارجية المصرية ورئيس المخابرات؟!



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك