كيف واجه حسن البنا عمرو دياب؟ - بدون تصنيف - المعصرة - بوابة الشروق
بدون تصنيف
كيف واجه حسن البنا عمرو دياب؟ أخر تحديث: الأربعاء 19 يونيو 2013 - 3:29 م
كيف واجه حسن البنا عمرو دياب؟

قصة قصيرة لـ : أحمد صفوت

 

أبي كان من عشاق (كات ستيفنز)، ولربما كانت أغانيه هي آخر مادار بخلده قبل أن ينضم لجماعة الاخوان فى أواخر السبعينيات بكاليفورنيا.

 

كنت بالرابعة من عمري وقتها،كنا نسرق دقيقتين أو أكثر قليلاً لمشاهدة التلفاز -المحرم اللهم إلا من نشرات الأخبار- وكانتا كافيتين لجعل أغنية (نور العين) هي المفضلة للطفل الذي كنته. لم يمتلك أحد الأخوة الستة الإيمان الكافي لكسر قواعد الوالد الصارمة لذلك تحايلوا ولجأوا إلى حيلة الأخ الأصغر المدلل الذى يفعل مايشاء ويفلت من العقاب إلا أنني لم أفلت بشكل كامل وكنت دائما مستمعاً بأداء دوري المهم. في العام 1999 رجع أبي من نيويورك وأحضر لي بدلة غطس بالرغم من درايته الكاملة بمكان سكننا أسيوط المحروم تماما من السواحل بكافة أشكالها!.

 

نور العين لازالت تسيطر عليّ بشكل كامل،بدأت فى التحدث عنها أمام الجميع،حتى أنني بدأت فى ترديدها جهاراً نهاراً بلا خوف،الكلمات تنساب من فمي بلا سيطرة،أردد حتى جمل (الأكورديون)في الأغنية وأخرجها بنغمات طفولية. فاطمة رفيقة أختي أدركت شغفي ونسخت لي نسخة (كاسيت)من الشريط،ربما لهذا السبب أمتلكت عقدة نسخ الشرائط الموجودة لدي بالفعل بدون سبب واضح. تجمعت أنا وأخوتي الستة فى غرفة تأكدنا من اغلاقها جيدا لنستمع لألحان عمرو دياب ولم يتخلف أحدنا. أبي علم بالأمر وصارت القيود أقوى حتى أنه الحقني بفرقة إنشاد تابعة للإخوان ليتغلب على مجوني الواضح!.

 

العام 2000 يبدو مجيدا،استعارت أختي الكبرى شريط (سحراني ) إيهاب توفيق ليرافقنا خلال رحلة المصيف وجلسنا نحن السبعة نسمعه ونتعاقب عليه ليل نهار حتى أننا اكتشفنا أن أخي عبد الرحمن أمتلك شريط لنوال الزغبي لتصبح ممتلكاتنا ثلاثة شرائط بعد أن ناضلت للاحتفاظ بنور العين.

 

تسربت الأخبار سريعا،يبدو أن لدينا واشٍ،الرقابة شُددت للحد الأقصى واختفت الشرائط جميعها. ها أنا أبحث وسط القمامة لأجد مايشبع رغبتي بدلا عن الأناشيد التي كانت جافة وصماء بغيضة الألحان،كانت مؤذية بلا إيقاعات أو بإيقاعات جافة منفردة بالدف،كانت كالكابوس،لم أفهمها أبداً بمعناها الصحيح،مليئة بالكلمات الغليظة التي ترجمها عقلي الصغير لأشكال وحوش.

 

كانت تلك مرة من المرات النادرة التي تدخل فيها الشمس بيتنا،أتذكر جيداً كيف أنها صبغت الحائط الأخضر بلون أصفر باهت،شموس صغيرة رسمتها كريستالة رحاب أختي على الحائط المجاور،كان الشريط أصفر اللون،دخلت به أختي الأخرى،أهدته إياها مدرستها،الكتابة كانت بالحبر الجاف الأزرق،أتذكرها جيدا (أبتاه..عماد رامي)بخط منمق،ظللنا نستمع إليه وكان مزعجاً للغاية وصوت عماد لا يُحتمل بالفعل حتى أتت الأغنية الثالثة في الوجه الثاني،لم أكن أصدق في البداية ،ظلت أعيد العشرين ثانية الأولى ألاف المرات حتى أنني ناديت أمي لتتأكد أن ما أسمعه حقيقي،بدأت الأغنية بثلاث ضربات على الدف تبعتها هزة وتر واحدة على إستحياء لجيتار،ظللت أكررها، قفزت من الفرحة، ظللت أكرر سماع العشرين ثانية بلا توقف خلال أسبوع متواصل،كثيراً يتخلل السماع دموعٌ منهمرة كشلال من طفل صغير، كانت تلك الهزة تبدو كأنها واحدة من شموس رحاب أختي الصغيرة،بل كانت هي كل الشموس،تعلقت بها، تبعتها، وها أنا اليوم أمامكم لم أتعلم بعد عزف آلة وترية واحدة.