سفاسف الأمور - سفاسف الأمور - المعصرة - بوابة الشروق
سفاسف الأمور
سفاسف الأمور أخر تحديث: الأربعاء 24 أبريل 2013 - 1:45 م
سفاسف الأمور

●  اللحظة الفارقة التي أدركت فيها أنني لا بد من أن أقوم بتعديل مساري الفني على الفور لكي أتخصص في الميلودراما، لأنه لم يعد هناك أي مستقبل للكتابة الكوميدية في مصر ،كانت تلك اللحظة التي وصلتني فيها على (تويتر) تغريدة من المواطن عصام عنتر تقول لي مع بعض إجراء التعديل الضروري في أحد أحرف التغريدة ليمكن نشرها في صحيفة سيارة «الحياة قصيرة فاشغلها بالطاعات يا عَرس يا إبن العَرس».

 

إذا كنت تظن أن هذه القصة من وحي خيالي المريض، فدعني أقسم لك أن خيالي ليس مريضا إلى هذا الحد، ثم دعني ألتمس لك العذر في تكذيبي، ربما لأنك لم تشاهد ذلك المواطن الذي وقف إبّان أزمة الإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أمام السفارة الأمريكية بالقاهرة وصرخ في وجه كاميرا مراسل التلفزيون بحماس كاد يقتله هو والمراسل «إلا رسول الله يا ولاد الوس..». ولعلك لم تشاهد أيضا ذلك الرجل الغيور على دينه الذي وقف في إعتصام مدينة الإنتاج الإعلامي ورفع يديه إلى السماء أشعث أغبر وقال قولته التي صارت مثلا تسير بذكره الركبان «أنا وهبت نفسي لله يا ولاد المتنا....»، هل تعلم أنني منذ تلك اللحظة بالذات وأنا أفكر في معضلة شرعية، أتمنى أن تساعدني في إيجاد حل لها إذا كنت ضليعا في فقه الحلال والحرام، أو إذا كنت تعرف أحدا ضليعا فيه، معضلتي هي أنه في مثل موقف كهذا اتخذه صاحبه لنصرة الإسلام فلم يتورع عن إصدار شتيمة شديدة البذاءة، كيف يتصرف الملكان الذين يكتبان حسنات هذا الرجل وسيئاته؟، هل يتم حساب هذه العبارة على أساس النية بوصفها نصف حسنة ونصف سيئة؟، هل هناك تنصيص في الحسنات والسيئات؟، هل كان هذا الشخص وهو يقول قولته تلك واثقا من أنه سيحصل على حسنة لأنه يشتم أعداء الله بالأب والأم؟، وأنه لا يفعل شيئا إدّا بل هو يقلد شيوخ الفضائيات سليطي اللسان؟، لا أدري ما هي الإجابة على هذه الأسئلة، لكن ما أعتقده أن الملاكين الملازمين لأخينا الغيور على دينه بالشتيمة البذيئة أصابهما ولا ريب حالة من الذهول وهما يسمعانه يشخر ويسب بالأم والأب ويهدد الإعلاميين بأنه سيغزهم بالمطواة في مؤخراتهم، تذكرت وأنا أفكر في هذا قصيدة للشاعر الكبير أحمد مطر  حكت عن ملاك جلس على بوابة السماء يكتب أوراق الصاعدين إليها آخذا من كل قادم نبذة مختصرة عن أراضيه وعمن أحضره فيتوالى ذكر المصائب عليه واحدة تلو الأخرى، وتنتهي القصيدة قائلة «الملاك اهتز مذعورا وألقى دفتره.. أأنا أجلس بالمقلوب أم أني فقدت الذاكرة.. أسأل الله الرضا والمغفرة.. إن تكن تلك هي الدنيا فأين الآخرة؟». بعد أن تذكرت هذه القصيدة داهمني خيال رأيت فيه أن أحد الملاكين الذين يسجلان حسنات وسيئات أخينا الشاخر من أجل الحق، لم يحتمل قيامه بتعرية بطنه للكاميرات بحركة بذيئة، فنهض مقطعا دفتره وقال لزميله «قوم بينا يا عم من على كتف البني آدم ده.. أكبر إساءة للإسلام إني أشتغل مع الأشكال دي تاني».

 

● منذ أن طرح عمنا صلاح عبد الصبور سؤاله الشهير «لا أدري كيف ترعرع في وادينا الطيب كل هذا القدر من السفلة والأوغاد»، وأنا أقرأ إجابات متعددة على السؤال لكني لم أقتنع بأحدها أبدا، ربما لأنني أصبحت أعتقد أننا بحاجة إلى أن نسأل «ومن قال أصلا أن وادينا طيب؟، ومن قال أساسا أن هناك واديا في العالم كله يمكن أن يتصف بالطيبة؟»، أعتقد أن في هذا السؤالين تفسير قدرة وادينا الذي نظنه طيبا على إنجاب كل هذا القدر من السفلة والأوغاد.

 

ـ كلما ركبت المحور واكتويت بناره أجدني أتذكر الإمام علي وأقول لنفسي: لا تستوحشوا طريق الحق، لأنه أيا كان أرحم من المحور.

 

● في رأيي أكثر شخص فهم الربيع في مصر وأدرك حقيقته الكئيبة المقبضة كان المرحوم فريد الأطرش الذي أتصور أن عجزه عن التنفس بسبب غبار الربيع هو الذي دفعه لعمل أغنيته الشهيرة (الربيع) التي وضع فيها أكثر المعاني العاطفية إنحطاطا ومذلة «والحب من غير أمل أسمى معاني الغرام».

 

● قراءة أطروحات عالم النفس الأشهر سيجموند فرويد يمكن أن تكون مربكة للغاية، بسببها مثلا كلما رأيت مقابلات تلفزيونية مع طفل من الأطفال الذين يوصفون بأنهم عباقرة ويتمتعون بذكاء خارق، لا أستطيع منع نفسي من التساؤل هل سيستمر ذكاء هذا الطفل في معدلاته الخارقة عندما يصل إلى سن المراهقة ويصبح مدمنا للعادة السرية، وهل سيهتم وقتها أكثر بالعلم أم سيضيعه التركيز على اللي علمي علمك؟.