«الشروق» تنشر حلقات من كتاب «سنوات الجامعة العربية» لعمرو موسى (5): أسرار القرارات العربية لحماية الشعب الليبى من عنف القذافى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 9:40 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الشروق» تنشر حلقات من كتاب «سنوات الجامعة العربية» لعمرو موسى (5): أسرار القرارات العربية لحماية الشعب الليبى من عنف القذافى

عمرو موسى والقذافي
عمرو موسى والقذافي

نشر في: الأربعاء 9 ديسمبر 2020 - 8:31 م | آخر تحديث: الأربعاء 9 ديسمبر 2020 - 8:31 م

العقيد اعتبر أن مبارك هو المرشح للسقوط بعد بن على وأنه سينجو من الثورة ضده
اجتماع المندوبين الدائمين علّق مشاركة ليبيا فى اجتماعات الجامعة بعد قيام قوات النظام بضرب بنغازى وطبرق
القرار العربى بفرض حظر جوى على ليبيا كان إجراء وقائيا لحماية المدنيين من غارات النظام
ذكرت موقف كل دولة من قرار الحظر الجوى بالنص من المحاضر كى أضع أمام المواطن العربى الحقائق كاملة

فى هذه الحلقة الخامسة من الكتاب الجديد للسيد عمرو موسى، الأمين العام الاسبق للجامعة العربية، الذى أورده تحت عنوان (سنوات الجامعة العربية) والذى سيصدر قريبا عن «دار الشروق»، نستعرض رواية موسى عن أحداث الثورة الليبية التى اندلعت فى فبراير 2011، التى خصص لها فصلين على مساحة 50 صفحة، وتركز هذه الحلقة على ما جاء فى الفصل الأول، الذى أورده تحت عنوان: «أسرار القرارات العربية لحماية الشعب الليبى من عنف القذافى».

ويكشف عمرو موسى فى هذا الكتاب ــ الذى قام بتحريره وتوثيقه الكاتب الصحفى خالد أبو بكر ــ أسرار عشرية مليئة بالأحداث الجسام فى بلاد العرب كان فيها أمينا لجامعة الدول العربية (2001ــ 2011)، فعلى مدار 19 فصلا، موزعة على 574 صفحة من القطع المتوسط، لم يترك الأمين العام قضية سياسية كانت الجامعة ــ وهو شخصيا طرفا فيها ــ إلا وتناولها فى أى بقعة من بقاع العالم العربى من محيطه إلى خليجه.

اعتبارا من منتصف ديسمبر 2010 دارت الأحداث فى العالم العربى بسرعة كابد المرء فى ملاحقة تطوراتها؛ فبين عشية وضحاها، رحل الرئيس التونسى زين العابدين بن على إلى المنفى فى السعودية، بعد أن هدرت شوارع وميادين تونس بالشباب الغاضب المطالب بالانفتاح السياسى والعدل الاجتماعى. بعد أقل من شهر أجبرت ثورة 25 يناير فى مصر الرئيس حسنى مبارك على التنحى فى 11 فبراير 2011، ثم انفرطت بعدها حبات العقد العربى؛ فبعد تونس ومصر اندلعت الثورة فى ليبيا الواقعة بينهما جغرافيا، وتبعهتما اليمن وسوريا.

نأتى لبيت القصيد من هذا الفصل وهو الثورة الليبية، فقد نقل عن العقيد القذافى قوله إن «المرشح للسقوط بعد زين العابدين بن على هو حسنى مبارك». كان توقعا صحيحا، لكن التوقع الخاطئ أنه تصور أنه الوحيد الذى سينجو من تلك الثورات، من دون أن يرى ما يجرى حوله بدقة أو عمق. لم ينظر الرجل ــ الذى ظل يحكم ليبيا لأكثر من أربعة عقود ــ إلى خارطة بلاده مترامية الأطراف، لو نظر إليها ولو نظرة خاطفة لوجد أنه يقع بين قوسين من ثورتين هائلتين واحدة فى تونس ومنها كانت البداية، والثانية الضخمة كانت فى مصر.

اعتبارا من 15 فبراير 2011 اتجهت الأنظار صوب ليبيا، حيث اندلعت المظاهرات المناهضة لحكم القذافى لأول مرة فى بنغازى، وما لبثت أن عمت المظاهرات مختلف المدن الليبية، بما فى ذلك العاصمة طرابلس. هنا وضعت يدى على قلبى، فأنت تستطيع أن تتصور رد فعل أى نظام عربى على مظاهرات تطالبه بالرحيل إلا نظام القذافى، لا يمكنك أن تتوقع ردة فعله، بالإضافة إلى التوتر الذى يصم علاقاته مع مختلف الدول الغربية؛ ومن ثم كان لدىّ تخوف من ردة فعلهم إزاء أحداث ليبيا.

زادت المظاهرات شراسة، وزادت معها وتيرة قمع قوات القذافى للمتظاهرين، إلى أن خرج العقيد متحدثا إلى شعبه فى 22 فبراير 2011، حيث قال فى خطاب بثه التلفزيون الرسمى مباشرة، إنه ليس رئيسا حتى يستقيل، واصفا نفسه بأنه «قائد الثورة إلى الأبد»، وأنه محارب بدوى جاء بالمجد إلى الليبيين، وأن صورة ليبيا شوهت أمام العالم، بسبب الأحداث الأخيرة، ملوحا باستخدام القوة عند الحاجة. أثار خطاب القذافى ردود فعل عالمية شديدة الغضب، إذ تفاعلت الهيئات الدولية والدول الكبرى واحدة بعد الأخرى منددة بذلك الخطاب، وبالعنف الذى تستخدمه السلطات الليبية فى قمع المتظاهرين.

ردود فعل الجامعة العربية
أمام تلك التطورات المتسارعة بما فيها الأنباء التى تتحدث عن قيام قوات القذافى بضرب بنغازى وطبرق والمتظاهرين الموجودين فيهما، وارتفاع الخسائر البشرية، دعوت مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين للاجتماع فى مساء نفس يوم خطاب القذافي (22 فبراير)؛ لأن الأمر لا يحتمل انتظار اجتماع وزارى قد يستغرق انعقاده أياما حتى وصول الوزراء إلى القاهرة.

بدأت الاجتماع بأن قلت للمندوبين الدائمين: يجب ألا نتأخر فى رد فعلنا؛ فالأنباء تترى عن وقوع ضحايا كثيرين ومتزايدين من الليبيين، وصار العرب المقيمين فى ليبيا، خاصة المصريين والتوانسة، معرضين للخطر بعد أن اتهمهم سيف الإسلام القذافى بدعم المتظاهرين ضد حكم والده. بالإضافة إلى ما أتوقعه من ردود فعل خارجية إزاء الوضع فى ليبيا، وإزاء العقيد نفسه، وأن على الجامعة العربية أن تتصرف بالدعوة إلى التعقل.

فى نهاية الاجتماع أصدرنا قرارا تضمن عددا من النقاط منها: التنديد بالجرائم المرتكبة ضد المظاهرات والاحتجاجات الشعبية السلمية الجارية فى العديد من المدن الليبية والعاصمة طرابلس، مع وقف مشاركة وفود حكومة الجماهيرية العربية الليبية فى اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة إلى حين إقدام السلطات الليبية على الاستجابة للمطالبات المذكورة أعلاه، وبما يضمن تحقيق أمن الشعب الليبى واستقراره.

كانت هذه أول مرة فى تاريخ جامعة الدول العربية التى يصدر مجلسها قرارا بوقف مشاركة وفود دولة عضو فيها فى اجتماعات المجلس وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها كرد فعل لأوضاع داخلية سلبية. كنت أرى أن هذا يمثل تطورا هاما فى التنظيم العربى متعدد الاطراف، كما أنها رسالة هامة إذا قبلها العقيد القذافى فيمكن للجامعة ولى شخصيا أن أعتمد عليها فى حركة سياسية قد تسهم فى منع تدهور الأوضاع فى ليبيا.

اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب
فى الثانى من مارس 2011، بدأت أعمال الدورة 135 لمجلس جامعة الدول العربیة على مستوى وزراء الخارجية. وتحت عنوان «المستجدات الخطيرة التى تشهدها ليبيا» قرر المجلس، عددا من القرارات (منشور نصها فى الكتاب) أكدت على ما اتحذه اجتماع المندوبين، واضاف بندا جديدا يؤكد على «استمرار التشاور حول أنجع السبل لحماية وضمان سلامة وأمن المواطنين الليبيين، وإن الدول العربية لا يمكنها أن تقف مكتوفة فى شأن ما يتعرض له الشعب الليبى الشقيق من سفكٍ للدماء، بما فى ذلك الالتجاء إلى فرض الحظر الجوى والتنسيق بين الجامعة العربية والاتحاد الأفريقى فى هذا الشأن».

الدعوة لفرض حظر جوى
نأتى هنا للحديث عن الموضوع المهم والذى أثار بعض الجدل فيما يخص قرار الجامعة العربية بالمطالبة بفرض منطقة حظر جوى على الأراضى الليبية كإجراء وقائى لحماية المدنيين، وفى ذلك أقول إن أول دعوة على المستوى العربى الرسمى طالبت مجلس الأمن الدولى بفرض حظر جوى على ليبيا لحماية المدنيين، وصدرت عن اجتماعات الدورة 118 للمجلس الوزارى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية فى 10 مارس 2011، تحت عنوان «تطورات الوضع العربى الراهن»، ما يلى: «أكد المجلس الوزارى على عدم شرعية النظام الليبى القائم، وإلى ضرورة إجراء اتصالات مع المجلس الوطنى الانتقالى. ودعا المجلس الوزارى جامعة الدول العربية إلى تحمل مسئولياتها باتخاذ الإجراءات اللازمة لحقن الدماء وتحقيق تطلعات الشعب الليبى الشقيق، ودراسة السبل الكفيلة لتحقيق ذلك، بما فى ذلك دعوة مجلس الأمن الدولى لفرض حظر جوى على ليبيا لحماية المدنيين».

فى 12 مارس 2011 جاء موعد الاجتماع الوزارى الطارئ لمجلس الجامعة العربية، الذى دعت له دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس التعاون الخليجى آنذاك؛ ولذلك كان طبيعيا وبديهيا أن تطالب دول مجلس التعاون الخليجى بل وتضغط لدفع الجامعة العربية لإصدار قرار يدعو مجلس الأمن إلى إنشاء منطقة حظر جوى على الأراضى الليبية.

عند هذا الاجتماع المهم، يجب أن أنقل ــ للقراء عموما، وللشعب الليبى الشقيق بأجياله الحالية والقادمة ــ ما جرى فيه من واقع النصوص الحرفية لمحاضر جلساته، من دون تدخل أو محاولة تفسير أو تحليل.. فأنا أثق فى فطنة القارئ.

اشتمل هذا الاجتماع على ثلاث جلسات، الأولى الافتتاحية وكانت علنية، بدأت فى الساعة الثانية والدقيقة الثلاثين من ظهر السبت 12 مارس 2011، واقتصرت على كلمة لرئيس الجلسة يوسف بن علوى، الوزير المسئول عن الشئون الخارجية بسلطنة عمان، لمدة 15 دقيقة، ثم رفعت الجلسة، لتبدأ الجلسة الأولى المغلقة. خلال استعراض كلمات ممثلى الدول العربية (منشور كلمات كل الدول بالكتاب) أشير إلى أننى سأقتبس فقرات مسجلة تعبر بجلاء عن موقف الدول العربية الأعضاء من مسألة الطلب من مجلس الامن فرض حظر جوى على ليبيا لإنقاذ الشعب الليبى من طائرات القذافي؛ لاستحالة عرض الكلمات والمداخلات كاملة لضيق المساحة.

بدأت الجلسة المغلقة الأولى فى تمام الساعة الثانية والدقيقة الخامسة والأربعين من ظهر السبت 12 مارس 2011، وقد أعطانى رئيس الجلسة الكلمة، ومما قلته فيها: «بالإضافة إلى ما ذكرناه فى الجلسة الخاصة التى سبقت هذا الاجتماع الرسمى، أود لفائدة كل من انضم إلى هذا الاجتماع أن أشير إلى أننى استندت فى بداية طرح مرجعية الاجتماع إلى الفقرة (11) من قرار المجلس الصادر فى 2 مارس الذى تحدث فيه عن سبل حماية وضمان سلامة وأمن المواطنين الليبيين وأن الدول العربية لن تقف مكتوفة الأيدى إزاء ما يتعرض له الشعب الليبى من سفك للدماء بما فى ذلك الاتجاه إلى فرض الحظر الجوى والتنسيق فى ذلك مع الاتحاد الأفريقى.

خلال الفترة من 2 مارس حتى الآن (12 مارس) وقعت أحداث ضخمة جدا، وسالت دماء كثيرة جدا، وأيضا ساد لغط كبير حول ما يجرى فى العالم العربى، اجتمع الاتحاد الأفريقى وقرر ما قرره، ومجلس الأمن بالطبع أصدر قراره المعروف تحت الفصل السابع الذى تم أخذ العلم به رسميا فى قرارنا يوم 2 مارس، كذلك الأمانة العامة تلقت عددا من الرسائل سواء من طرابلس أو من بنغازى، وأجرينا عددا من الاتصالات مع الحكومة الليبية ومع المجلس الانتقالى. هذه الأوراق سوف نوزعها على حضراتكم.

الآن وأمس اجتمع مجلس التعاون الخليجى وأصدر قرارا مهما وطالب فيه مجلس الجامعة العربية بأن ينظر فى أمر الحظر الجوى، وكذلك مدى شرعية الوضع فى ليبيا. أنا أود أن أوزع على حضراتكم قرار مجلس التعاون الخليجى باعتباره جزءا مهما من جامعة الدول العربية، وأيضا قرار الاتحاد الأفريقى والاتحاد الأوروبى حتى يكون كل شىء واضحا أمام الجميع وللتاريخ.

نحن نريد أن نصل إلى موقف ينقذ ليبيا ويحقن الدماء، وترون الهيجان الكبير جدا فى الشارع العربى فى هذا الإطار، وأطلب أن يؤخذ موقف الشعوب فى الاعتبار والظروف الجديدة التى يعيشها العالم العربى، أمور كانت الناس تسكت عليها، الآن لم يعد من الممكن السكوت عليها.

• كلمة ممثل قطر، حمد بن جبر آل ثان، رئيس الوزراء ووزير الخارجية:
ما يحدث فى ليبيا صار إبادة جماعية، دعونا نسمى الأشياء بمسمياتها، وهذه الإبادة الجماعية تحتاج منا كجامعة عربية أن يكون لنا موقف واضح، نحن لا نتمنى لاشقائنا الليبيين إلا كل خير، ولكن الآن فى ظل هذا الظرف، أنا أعتقد أننا يجب أن نكون أمام مسئولياتنا، هناك أناس نازحون، هناك مدن تضرب بالصواريخ، نحن نرى وأنتم كذلك ما يحدث، فهذه القضية تحتاج منا إلى وقفة، ونحن نعرف أن الحظر الجوى مقصود منه وقف وحقن الدماء، أى عمل نقوم فيه فى الجامعة العربية المقصود فيه ليس ضد أى طرف، ولكن لوقف القتال وحقن الدماء.

• كلمة ممثل الجزائر، مراد مدلسى، وزير الشئون الخارجية الشعبية:
فى مستهل مناقشاتنا لأول مرة على مستوى مجلسنا الموقر لموضوع فرض منطقة حظر جوى على ليبيا، فإنه من الواضح أن هذا الإجراء يعد من اختصاصات مجلس الأمن الدولى وحده دون غيره وأعتقد أنه من الأهمية بمكان أن يتوج اجتماعنا هذا بموقف مناسب مع تطور (...) الأوضاع التى تشهدها ليبيا، ولهذا الغرض يتعين على مجلسنا أن يوجه دعوة إلى الليبيين، سلطة ومعارضة، للوقف الفورى للعنف، وتغليب لغة الحوار لحل مشاكلهم فيما بينهم، من أجل عودة الاستقرار والأمن.

• كلمة ممثل الإمارات، الشيخ عبدالله بن زايد، وزير الخارجية:
لاشك أن ما يحدث فى ليبيا اليوم يعد خرقا واضحا للقانون الدولى الإنسانى لدور الحكومات أو الانظمة لحماية شعوبها (...) ما نتمناه أن تكون هذه الدعوة إلى مجلس الامن لفرض هذا الحظر على الطائرات العسكرية وليس الطائرات المدنية، وأنا متأكد أن الكثير منكم لديه خبرة عسكرية بأن هناك إمكانية للتعرف على الطائرات العسكرية، لا أعتقد أن هناك تخوفا من هذا القبيل، ولكن إذا كانت هناك دول عربية مستعدة أن تشارك فى تطبيق هذا القرار إذا صدر عن مجلس الامن، أعتقد أن علينا أن نقوم بذلك.

• ممثل سوريا، يوسف أحمد، مندوب سوريا لدى الجامعة العربية:
فيما يخص مسالة فرض الحظر الجوى، من يضمن أن هذا الحظر يستهدف منع الطيران وحماية المدنيين الليبيين من عمليات القصف الجوى التى يتعرضون لها، أم أنه سيشمل فيما بعد توجيه ضربات لقواعد الدفاع الجوى والمطارات والرادارات الليبية، كما يصرح وزير الدفاع الأمريكى وغيره؟ أليس هذا تدخلا عسكريا خارجيا فى ليبيا؟

• ممثل لبنان، على الشامى، وزير الخارجية والمغتربين:
إن لبنان يؤيد ويدعم فرضا حظرا جويا على ليبيا، مع التأكيد على مبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلية لأية دولة وعدم التدخل العسكرى فيها، وذلك احتراما لمبادئ وقواعد القانون الدولى والإنسانى بصفة خاصة.

• ممثلة المغرب، لطيفة آخرباش، كاتبة الدولة فى الشئون الخارجية:
المملكة المغربية تساند الرأى الذى يقول إنه يجب أن نخرج بقرار ندعو فيه مجلس الأمن إلى سن الحظر الجوي؛ لأن هذا هو الحل الوحيد حتى يتمكن الشعب الليبى من بناء نموذجه الديمقراطى.

• ممثل موريتانيا، سيدى محمد ولد أبوبكر، المندوب الدائم لدى الجامعة العربية:
إننا تمسك بالرفض القاطع لجميع أشكال التدخل الأجنبى فى ليبيا، والتأكيد على الالتزام الكامل بالمحافظة على الوحدة الوطنية للشعب الليبى وعلى سيادته ووحدة وسلامة أراضيه، ذلك أن التدخل العسكرى الأجنبى ينطوى حتما على آثار مدمرة بالنسبة للبلد الذى يتعرض له، وكذلك ينطوى على مخاطرة كبيرة لوحدة شعب هذا البلد ولسلامة حوزته الترابية. أقول التدخل العسكرى الأجنبى أيا كان ومهما كانت أشكاله؛ لأن الحظر الجوى لا يصح ولا يتصور دون تدخل عسكرى.

• ممثل السعودية، سعود الفيصل، وزير الخارجية:
الإداراة فى ليبيا تعتبر أن الذين هم فى المدن المختلفة مثل الجرذان، المفروض يقضى عليهم، هل هذا معقول؟ أنا أقدر صبر الليبيين، الحقيقة تحملوا الكثير من التشريد والتقتيل والإهانة. يا إخوان، والله عيب علينا إذا لم ننصر المظلوم، ليست من شيمنا العربية، إذا كان هناك حقيقة رغبة فى المفاوضات، فليقم بالثلاث خطوات، يسحب قواته، يوقف القتال فورا، عودة الناس إلى مدنهم، وبعد ذلك نبدأ المفاوضات. أما بغير ذلك فأنتم حكمتم بالقتل على باقى من تبقى من سكان المدن التى نسمع عنها كل يوم، يوميا أعمال قصف للمدن بالطائرات مشكلة سياسية عارضة؟، نريد أن نجد لها حل، لا، هى مشكلة سياسية خطيرة وتمس عمق الضمير العربى وعمق القيم الأخلاقية العربية، ليست إذن مسألة قانونية حتى يدرسها القانونيون، ولا حتى مشكلة سياسية، لكن أناس يقتلون ويشردون، أناس يقصفون كأنهم شارات لتدريب القوات المقاتلة.. هل يجوز هذا؟

• ممثل اليمن، أبوبكر القربى، وزير الخارجية:
الجمهورية اليمنية تؤكد على وحدة ليبيا أرضا وشعبا، وفى حق الشعب الليبى فى التغيير الذى ينشده وبإرادته، فإنها تدعو جميع الأطراف إلى حقن الدم الليبى الغالى علينا جميعا مع تحمل مجلسنا مسئولية اتخاذ الاجراءات الكفيلة بوضع حد للاقتتال وتوفير الحماية للمواطنين الليبيين من خلال تحرك عربى لتطبيق الحظر الجوي.

• ممثل مصر، نبيل العربى، وزير الخارجية:
من منطلق إنهاء القتال، من منطلق وقف إطلاق النار، من منطلق وقف إراقة الدماء، وحرصا على الحفاظ على التوازن الضرورى واللازم بين الواجب الأخلاقى والواجب القانونى الذى ينطلق من القانون الدولى الإنسانى بضرورة حماية المدنيين فى ليبيا، وبين الالتزام السياسى والقانونى الذى يجب ان نضطلع به جميعا لحماية وحدة وسيادة الأراضى الليبية، فإن مصر ترى أنه فى حالة وجود توافق عربى بيننا هنا، فإن الموضوع يمكن أن يحال إلى مجلس الأمن لاتخاذ جميع الإجراءات والتدابير اللازمة لتحقيق هذه الأغراض بما فى ذلك إقامة منطقة حظر جوى لتحقيق أغراض الحماية الإنسانية للشعب الليبى الشقيق.

وهنا يجب أن أؤكد مرة أخرى أننا لا نطالب بحظر جوى مفتوح أو غير محدد، بل هناك أبعاد معينة لمثل هذا القرار، وأود أن أتحدث عن أربعة مبادئ أساسية. المبدأ الأول: ضرورة توفير أساس قانونى واضح لأى قرار بإقامة منطقة حظر جوى فى ليبيا لحماية المدنيين، أى ضرورة أن يكون هناك قرار من مجلس الأمن، يعكس هذا القرار بوضوح إرادة المجتمع الدولي؛ لأن الحظر الجوى فى نهاية المطاف ليس إجراء قتاليا، وإنما إجراء وقائى لوقف إطلاق النار، للتحقق من عدم إراقة الدماء، للتحقق من حماية المدنيين سواء كانوا ليبيين أو غير ليبيين.

المبدأ الثانى: ألا يمس قرار بإقامة حظر جوى حركة الطيران المدني؛ لأن هناك دولا كثيرة بما فيها مصر يقومون باتخاذ الاجراءات اللازمة لإجلاء رعاياهم جوا من ليبيا.

المبدأ الثالث: أهمية احترام مبدأ سيادة الدول وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، وألا يمس أى قرار يصدر عن مجلس الأمن بخصوص الحظر الجوى فى ليبيا بسيادة أى دولة أخرى غير ليبيا سواء من دول الجوار أو غيرها.

المبدأ الأخير: أهمية التمسك بوحدة الأراضى الليبية وسلامة ليبيا الإقليمية وألا تؤسس أى منطقة حظر جوى تقسيم ليبيا بشكل فعلى، وذلك من خلال تحديد واضح لأغراض إنشاء منطقة حظر الطيران، نطاقها الجغرافى، شروط عملها، مدتها الزمنية، وهذا أمر مهم لأننا ــ ولن أدخل فى هذا الموضوع ــ نعلم جميعا أن حظرا جويا فى عدة بلدان من بينها دول عربية شقيقة استمر لسنوات وسنوات، فيجب أن يكون هذا الموضوع واضحا منذ البداية.

رفعت الجلسة فى الساعة الرابعة والدقيقة الخمسين مساء، وانعقدت جلسة العمل الثانية المغلقة بعد ذلك بخمسين دقيقة، والمتعلقة بالصياغة، وجرت فيها مناقشات كثيرة جدا فيما يخص مشروع القرار الذى سيخرج عن الاجتماع الوزارى. إلى أن انتهى الاجتماع إلى مجموعة من القرارات (منشورة فى الكتاب) مع تحفظ كتابى لسوريا، وآخر لموريتانيا، وتحفظ شفوى للجزائر، أهمها الذى يقول منطوقه:

الطلب من مجلس الأمن تحمل مسئولياته إزاء تدهور الأوضاع فى ليبيا، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بفرض منطقة حظر جوى على حركة الطيران العسكرى الليبى فوريا، وإقامة مناطق آمنة فى الأماكن المتعرضة للقصف، كإجراءات وقائية تسمح بتوفير الحماية لأبناء الشعب الليبى والمقيمين فى ليبيا من مختلف الجنسيات، مع مراعاة السيادة والسلامة الإقليمية لدول الجوار.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك