بيروت بالليل - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 11:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بيروت بالليل

نشر فى : الأربعاء 2 مايو 2012 - 8:05 ص | آخر تحديث : الأربعاء 2 مايو 2012 - 8:05 ص

اهتمت الصحافة اللبنانية بقضية «بيروت بالليل» أكثر من الفيلم ذاته، فما إن أصدرت «مديرية الأمن العام» قرارها بمنع عرض «بيروت بالليل» أو «فندق بيروت»، حسب عنوانه الأجنبى، حتى أخذت ردود الأفعال الساخنة تندلع. معظمها، ينتقد القراء انتقادا شديدا، ويعتبره مقدمة تنذر بالخطر علي حرية الفكر والفن التى تتمتع بها الثقافة اللبنانية. من ناحيته، قام طاقم الفيلم بعقد مؤتمرات صحفية، وتقديم شكوى إلى «مجلس الشورى». لكن الأهم أن هذا المنع أدى إلى انتشار «بيروت بالليل»، خلال أقراص «الديفيهات» على نحو واسع ومكثف. ثمن القرص، الذى يباع علنا، ألف ليرة، أى أقل من عشرة جنيهات، أو ربع ثمن تذكرة السينما فى لبنان. «بيروت بالليل» شارك فى العديد من مهرجانات السينما، وعرضته كاملا قناة «أرتيه» الفرنسية.

 

دانيال عربيد، مخرجة الفيلم حققت من قبل «معارك حب» 2004، و«رجل ضائع» 2007، وكلاهما له علاقة بالحرب الأهلية، بينما «بيروت بالليل» يدور فى الحاضر. بطلته «زاهية» واسم شهرتها «زاهى»، تغنى فى ملهى ليلى، تتمتع بوجه بالغ الجمال، وجسد فائر فاتن، تؤدى دورها بمهارة تمثيلية واضحة، دارين حمزة، ذات الصوت المتحشرج، المشروخ، حيث يبدو ضعفه واضحا فى الأغانى الصعبة التى تنشز بها «أهواك» لعبدالحليم حافظ، «يا حبيبى تعالى قوام الحقنى» لأسمهان، «يا زهرة فى خيالى» لفريد الأطرش، لكن ذكاء دانيال، اللبنانى المتقد، جعلها، مع مصورها الفرنسى، تختار أجمل الزوايا لبطلتها، فمن جانب خلاب لجزء من كتفها، إلى لقطة كبيرة لشفتيها الكرمزيتين، إلى لقطة عامة لها، بفستان أزرق، بينما كل شىء غارق فى الظلام، «زاهى»، تشنف آذاننا بوجهها وجسمها.

 

«زاهى»، تريد الطلاق من زوجها الشرس، المنفصلة عنه، تلتقى منذ البداية، بماثيو، المحامى الفرنسى، حسب زعمه، يؤدى دوره ممثل فرنسى، من الدرجة الثالثة فيما يبدو، بارد، ثقيل الظل، جامد الملامح، لا تعرف ما الذى دفع «زاهى» إلى عشقه، والهيام به، بل خلع ملابسها فورا، كلما انفردت بسماجته ــ هكذا، الناس حظوظ! ــ وتسرف عربيد فى تعقب تفاصيل تلك اللقاءات، المرة تلو المرة، على نحو يعطى ذريعة لانزعاج السلطات الرقابية، التى أرجعت منعها للفيلم إلى أسباب سياسية قبل أن تكون أخلاقية.

 

ماثيو، العشيق، بأداء «شارل برلينج»، فى مستوى الشبهات. يتفق مع محام لبنانى على شراء معلومات حول اغتيال رفيق الحريرى، وبينما يذيع التليفزيون اللبنانى أخبارا عن أحداث دامية، يستدعى مسئول المخابرات بطلتنا، يسألها عن حقيقة «ماثيو»، ومكالماته التليفونية أمامها، وعما إذا كانت سمعت كلمة «إسرائيل» منه.. عقب خروج «زاهى» من جلسة التحقيق منهكة، يتألق الفيلم للحظات، فعيون الرجال، فى الشارع، تبدو لها كما لو أنها تراقبها.. وهو ذات الإحساس الذى ينتاب «ماثيو»، بعد استجوابه من قبل نفس رجل المخابرات الهادئ، القوى، الذى يؤدى دوره ممثل متميز، اسمه بول مطر، طبعا، من الصعب تخمين السبب السياسى الذى أدى لمنع الفيلم، لا يمكن أن يكمن السبب فى تقديم الفرنسى على أنه «جاسوس»، خاصة أن فرنسا مساهمة فى الإنتاج. كذلك من المستبعد أن يرجع الدافع إلى ظهور لبنانى يعرض تقديم معلومات عن مصرع الحريرى فى مقابل قبول فرنسا له كلاجئ سياسى.

 

أغلب الظن أن الرقابة انزعجت، حين قال رجل المخابرات مايفيد باختراق بعض أجنحة مؤسسته، وتقوم الأجنحة الأخرى بكشفها.. أيا كان الأمر، فإن «بيروت بالليل»، الضعيف، المتهافت إجمالا، أسعده الحظ بتلك الرقابة التى منعته.. فأهدته.. قبلة الحياة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات