القناعات لا تتغير بسهولة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 6:43 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

القناعات لا تتغير بسهولة

نشر فى : الأربعاء 1 أكتوبر 2014 - 8:05 ص | آخر تحديث : الأربعاء 1 أكتوبر 2014 - 8:05 ص

الصحفية حنان جاد كانت زميلة فاضلة فى جريدة العربى الناصرى منذ تأسيسها فى عام ١٩٩٣. قبل أيام وجهت لى حنان عتابا رقيقا عبر فيسبوك خلاصته كيف أتأفف وأفكر فى تغيير قناعاتى لمجرد أن مجموعة أقل من عشرة أفراد تعدت علىّ وزملائى الصحفيين بالسب والقذف والتحرش فى نيويورك.

سبب الالتباس عند حنان جاد ــ وهى بالمناسبة ليست لها صلة من قريب أو بعيد بالإخوان ــ هو ما جاء فى نهاية مقالى يوم الخميس الماضى 25 سبتمبر بعنوان «١٥دقيقة مع الإخوان فى كوينز». حينما ختمت المقال بسؤال استنكارى وجهه لى الزميل ياسر رزق خلاصته: لسه هتدافع كمان عن المصالحة بعد ما حدث؟!».

ملخص وجهة نظر حنان جاد ــ كما فهمته ــ أنه لا يحق لى الشكوى لأن من هاجمونى ربما لهم أقارب قتلوا أو سجنوا فى الصراع، الذى يشهده المجتمع منذ ٣٠ يونيو قبل الماضى.

أقسم بالله بأننى لم أتعامل مع الأمر باعتباره يمس شخصى. أؤمن أن أى شخص يعمل بالعمل العام عليه أن يتحمل الضريبة. وإذا كان يتلقى المديح أحيانا فالمؤكد أنه قد يتعرض للانتقاد حينا آخر.

أؤمن أيضا أن أمامنا وقتا طويلا حتى نتعلم كيف نتحاور ونتناقش بهدوء وكيف نتعود على سماع بعضنا البعض. وهذه المشكلة ليست مقصورة على الإخوان وانصارهم، ولكنها مرض أصاب كل فئات المجتمع.

المشكلة أنها عند الإخوان أكثر رسوخا بحكم مناهج التربية والتعليم الداخلية، التى يتلقونها منذ تجنيدهم صغارا ما يحولها إلى ما يشبه الكلام المقدس.

ما يشغلنى أن المعتدين ــ وبعيدا عن آرائهم وشتائمهم وعدوانيتهم ــ يرتكبون نفس الخطأ الذى ينتقدون خصومهم عليه، وهو أنهم يريدون إجبار الجميع على تبنى وجهة نظرهم وإلا صاروا خونة وعملاء للنظام!

عندما سألت أحدهم هل تعرف من أنا وماذا أفعل، وماذا أكتب حتى تسبنى بأبى وأمى. فقال: «لا.. هم أخبرونى بأنك بتاع الحكومة!».

أعود لجوهر الموضوع واطمئن الزميلة حنان جاد وغيرها أنه ليس من المنطقى أن يغير المرء قناعاته لمجرد أنه تعرض إلى انتقاد أو سب أو شتم أو حتى ضرب من مجموعة صغيرة كانت أم كبيرة من معارضيه أو مخالفيه فى الرأى. القناعات لا تتغير بين يوم وليلة أو بسبب خناقة عابرة.

مرة أخرى من حق الإخوان وأنصارهم معارضة السيسى وانتقاده بكل الطرق التى يسمح بها القانون. لكن الذى ليس من حقهم أن يجبروا الآخرين على تبنى أفكارهم وأهدافهم أو تفجير المجتمع وهدم الدولة طالما أنهم اختاروا طريقا آخر غير طريق الإخوان.

ما زلت أؤمن أنه طال الزمن أو قصر فإن المصالحة قادمة لا محالة. وهى ستحدث فقط عندما تتوفر شروطها الموضوعية، وأولها أن يدرك الإخوان أنهم أساءوا لكل المجتمع، وضللوا أنصارهم، وتعاملوا مع بقية الناس باعتبارهم قطيعا ينبغى أن يسير فى الطريق الذى يحدده مكتب الإرشاد ثم بعدها يعتذرون للجميع ويتوقفون إلى الأبد عن خلط السياسة بالدين.

لا أحمل أى ضغينة لأحد حتى أولئك الذين سبونى، ودليل ذلك أننى ناقشتهم لمدة ١٥ دقيقة، ولم يمتلكوا الشجاعة لوضع ذلك على يوتيوب وفيسبوك وتويتر. هم أرادوا فقط إظهار أنهم أهانوا الصحفيين ولا يعرفون أنهم فشلوا فى ذلك. يعلم الله أننى أشعر بالشفقة تجاههم أكثر من الغضب منهم.

لا يوجد مجتمع سوى يعيش حالة استقطاب طول الوقت. سيأتى يوم وتعود الأمور إلى طبيعتها. وحتى يحدث ذلك، فعلى الإخوان ومن يناصرهم الإيمان بأن هناك ملايين المصريين لا يؤمنون بفكرهم ولا تحب أن تعيش فى دولة يحكمونها بأفكارهم. ومن سوء حظهم أن العالم أجمع صار يعرف الآن عواقب الحكم باسم الدين أو المتاجرة به.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي