1980 وانت طالع - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 3:12 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

1980 وانت طالع

نشر فى : السبت 2 مايو 2015 - 9:05 ص | آخر تحديث : السبت 2 مايو 2015 - 9:05 ص

المقصود بالعنوان هو مواليد ما بعد هذا التاريخ، الشباب الذين بلغوا، الآن، العشرين والثلاثين عاما، يعبرون عن أشواقهم وعنائهم فى عرض مسرحى يعتمد على البطولة الجماعية، مبتعدا عن التقاليد المعهودة للدراما، وإن جاءت بعض عناصره متشابهة مع تجارب «الكباريه السياسى»، حيث عدم التقيد بالحكاية، ذات البداية والوسط والنهاية، واستبدالها بلوحات أو اسكتشات متوالية، لا تخلو من غناء واستعراضات، تشكل فيما بينهما لوحة عريضة لمجتمع ينقسم إلى عواجيز راسخين، يتحكمون فى مسار الأمور، يتشبثون بمواقعهم، وجيل جديد، يشكو، يحتج، يقف ضد النواهى والممنوعات، يثور، يحاول أن يعمل على صنع مصيره.

ينتمى العرض، المتقد بروح الشباب، إلى «المسرح الفقير»، البعيد تماما عن بذخ الديكورات، وإبهار الإضاءة، وتدفقات الموسيقى التصويرية والمؤثرات الصوتية، فهنا، بإصرار، يأتى الرهان على العنصر البشرى، فضلا عن نفاذ رؤيته للواقع، بملابساته المتغيرة، التى يرصدها العرض، ليلة بعد أخرى، ويترك مساحة لإبداع الممثلين فى ارتجاليات محسوبة بدقة.

محمود جمال، كاتب المسرحية النابه، اتجه بها نحو الكوميديا، معبرا عن مزاج مصرى خالص. المصريون، عادة، يواجهون متاعبهم بالنكتة، والتعليق الساخر، ويغلفون انتقاداتهم بالبسمة، والضحكة.. كاتبنا الجديد، يعرف فضيلة الاختزال والتكثيف والايجار، يتمكن، فى دقائق قليلة، من تقديم أبطاله، بلسان كل منهم، محددا، تاريخ ميلادهم، ووضعهم الاجتماعى، والنفسى. إنهم، من أبناء الطبقة الوسطى، القلب النابض لضمير الوطن.. سريعا، على نحو كاريكاتورى، يعبر الشباب عن علاقاتهم المتوترة بحيل الآباء، الذين يريدون اخضاع الأبناء لسلسلة من النواهى والممنوعات.. وها هم الأولاد، والبنات، بلمسات مرحة، ساخرة، من دون تجريح أو تهكم، يقلدون تأنيب الأمهات، وتحذيرات الآباء.

مخرج العرض، محمد جبر، المدرك تماما لكافة الكتيبة البشرية للفرقة، ينتقل بسلاسة من لوحات المجاميع المتسقة إلى المشاهد الثنائية والفردية، فلا تكاد تحس بالنقلات، ذلك ان العرض ينساب بنعومة، فضلا عن تلك الحيوية الدافئة، سواء على المستوى الفردى أو الجماعى.

تطرح المسرحية، باسلوب كوميديا المواقف، المآزق الخاصة والنوعية والعامة، التى يتعرض لها، هذا الجيل.. الخطيبان، المتحابان، يؤجلان الارتباط، المرة تلو المرة، بسبب عدم توافر الشقة التى سيعيشان فيها.. المفارقة تتبلور خلال ابتسامة الشاب المتكررة، هو يعلن لحبيبته عن تأجيل الاقتران، عامين آخرين، حتى توفير شقة عسيرة المنال.

لا يفوت العرض انتقاد قيم المجتمع الذكورى، المعادى للمرأة، التى يريد الجميع قمعها، وتحريكها كما لو انها عروسة ماريونيت.

من الخاص، والنوعى، تتجه المسرحية نحو العام، وبذكاء، من الكاتب والمخرج، تجرى أمامنا مكالمات تليفونية، مع وزارة الداخلية، للسماح بمظاهرة سلمية، احتجاجية، فى ميدان التحرير، وتأتى الإجابة المهذبة: الميدان محجوز من قبل، فثمة مظاهرات مؤيدة.

تصل «1980....» إلى آفاق بعيدة، وهى تعبر عن مخاوفها، أو قلقها، تجاه المستقبل، فى لوحة تدور فى العام «2015» وتتضمن تحذيرا من تغول آفة الوراثة، فالسندوتشات، من مطاعم «مؤمن»، والنجم الأثير هو حفيد أحمد حلمى، والشاعر الملهم ليس سوى حفيد عبدالرحمن الأبنودى.

«البارودى»، فى الكوميديا، هى المحاكاة الساخرة لأعمال جادة، وهى هنا، تأتى، فى «اسكتش» بالغ الجرأة، يحاكى أعمالا كوميدية أصلا، فالفرقة كلها، تتحول إلى أبطال أوبريت «الليلة الكبيرة»، ثم تحاك طرفا من طرائف ثلاثى أضواء المسرح، وقد ارتدت المجموعة كلها جلابيب المجانين.. انه أمر يدفع للتفكير، أكثر من مرة.

فى واحد من الاسكتشات المهمة، المعبرة عن شىء من الحيرة، يتردد شابان إزاء مواصلة الرحلة، لأن الأجواء ملبدة بالغيوم والضباب والغموض، يفكران فى التراجع، لكن زملاءهما يلحقون بهما.. يختاران المضى قدما.. فهيا.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات