ليس هذا اسم بطل «تاجر السعادة» وحسب، بل هو وصف للمسلسل الذى يضىء، بقوة، مناطق داكنة الظلال، سواء فى الواقع أو بالنسبة للنماذج البشرية التى تتحايل على الحياة، بكل السبل. عاطف بشاى، الكاتب، يتعرض لأكثر من أسرة، ولأكثر من مستوى اجتماعى، وينتقل من الشقق الضيقة إلى الفيللات ذات الحدائق الواسعة، ومن المقهى إلى السجن، ومن الشارع إلى قسم الشرطة، ووسيلته فى تلك التنقلات بطله الكفيف، مصباح، الذى يؤدى دوره، بمزاج متفهم، ممثلنا الجميل، الموهوب، المستوعب لأسرار صنعته، خالد صالح.

مصباح، المتعدد الأبعاد، يجسد بقايا قيم أولاد البلد المنقرضة: الشهامة والكرامة والاستعداد للتضحية، والوقوف إلى جانب الآخرين، والميل إلى إنصاف المظلومين، فضلا عن نزاهة عفوية وكرامة وإدراك لحلو الحياة ومرها. إنه، ببصيرته، نتعرف على المألوف الذى لا نراه، وهو فى ذات الوقت، مندفع، لا يخلو من تهور يبلغ حد الرعونة، لا يقدر عواقب الأمور، والأخطر، أنه بعد ممانعة، يتواطأ على ارتكاب بعض الأفعال السيئة: يوافق على المشاركة فى بيع «موبايل» مسروق، مبررا تصرفه بأن نصيبه سيذهب لمحتاج، وفى موقف آخر ينخرط فى لعبة «التنويم المغناطيسى» القائمة على الخداع. مصباح، حسب رؤية عاطف بشاى الصحيحة، يؤثر فى محيطه كما يتأثر هو بأجواء الفساد المحيطة به، ولأن عرض المسلسل لم ينته بعد، فنحن لا نعرف ماذا سيصبح عليه؟.

«تاجر السعادة» يقدم بانوراما عريضة للنماذج البشرية، ومن بينها تنهض شخصية «كيرلس أفندى» ــ بأداء متميز من أحمد صيام ــ وهو مواطن قبطى، موجود فى الواقع، غائب عن الشاشة الصغيرة والكبيرة، فهنا تبدو الشخصية جزءا لا يتجزأ من نسيج الشارع، وهى من لحم ودم وانفعالات، قدمها المسلسل بصدق وشجاعة، فها هو، فى نوبة غضب عارم، يندفع نحو الكنيسة ليفسد زفاف مطلقته، ويلاحقه صديقه «مصباح»، المتعاطف معه، محاولا فض الاشتباك، قائلا «عيب يا إخوانا.. صلوا على النبى» إنه مشهد بالغ الرقة برغم عنفه الظاهر، يعبر حقيقة عن روح المواطنة العفوية، أخرجته شيرين عادل، صاحبة الإحساس المرهف، على نحو يدرك المفارقات الكوميدية فى الموقف، فجعلت هناك عدة مشاهد تكسب المسلسل قدرة على جذب المتابع، بطريقة قد لا تتوافر فى مسلسلات أخرى.