عن أخلاقيات الصحافة - قضايا إعلامية - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 4:24 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن أخلاقيات الصحافة

نشر فى : الإثنين 3 أبريل 2017 - 9:10 م | آخر تحديث : الإثنين 3 أبريل 2017 - 9:10 م

نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية موضوعا حول أخلاقيات مهنة الصحافة بالولايات المتحدة الأمريكية وذلك من خلال عرض محاضرة ألقاها «مارتن بارون» ــ الصحفى الأمريكى والمحرر بالصحيفة ــ لعدد من الطلاب بجامعة بنسلفانيا.
يبدأ الموضوع بالتطرق إلى مارتن والمحاضرة التى استهلها بتوجيه الشكر لمن قاموا بدعوته ليكون فى ذلك الصرح العلمى الكبير ــ جامعة بنسلفانيا ــ ليلقى محاضرته عن أخلاقيات الصحافة، مؤكدا أنه موضوع مهم للغاية لكنه يشعر بالارتباك بعض الشىء، فقد أخذ الكثير من الوقت ليحدد ما سيقوله وما سيتطرق إليه، والتأكد من أنه قام بتغطية جميع الجوانب لذلك الموضوع حتى يتمكن من الإجابة عن جميع التساؤلات التى تدور فى ذهن الحضور من الطلاب وغيرهم.
يقول «بارون» إن هناك الكثير من الأمور تحتاج إلى إعادة النظر ومن ثم القلق والارتباك بشأنها؛ كالأخطاء التى ارتكبها الصحفيون ومن ثم اكتشفوا بعدها أنها تتعارض مع ما يتبنوه من مبادئ، أو الأشياء التى حدثت فى وقت سابق وكان من المفترض أن تكون أفضل مما صارت عليه.
يضيف الصحفى الأمريكى أنه فيما يتعلق بالصحافة وأخلاقياتها فقد كان الصحفيون فى وقت سابق أكثر تمسكا بالمبادئ وأكثر صرامة فى ممارستهم لمهنتهم. وقد عبر عن ذلك ليس فقط اليمين، بل أيضا اليسار، وبخاصة أولئك الذين كانوا أعضاء فاعلين بهذه المهنة.
فى السياق ذاته تظهر استطلاعات الرأى بشكل واضح أن الثقة بوسائل الإعلام الأمريكية قد أصبحت منخفضة للغاية بل وقابلة للانهيار تماما وخاصة بين الجمهوريين أكثر من الديمقراطيين.
من جهة أخرى فقد تلقت وسائل الإعلام عددا من النصائح من خلال البيت الأبيض وذلك فى الأسبوع الأول من تولى الإدارة الجديدة للبلاد بقيادة الجمهورى دونالد ترامب. وخلال مقابلة لكبير استراتيجيى البيت الأبيض مع صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أواخر يناير الماضى، فقد ألقى ببعض التصريحات المهاجمة لوسائل الإعلام الأمريكية وبخاصة الصحافة؛ حيث قال إن الصحافة يجب أن تكون ذليلة وأن تغلق فمها وتستمع فقط لفترة، حيث إن وسائل الإعلام أشبه بالحزب المعارض. واستطرد قائلا «إن وسائل الإعلام الأمريكية لا تفهم بلدها، وأكبر دليل على ذلك أنها لم تدرك كيف أصبح ترامب رئيسا للبلاد! وقد دفع كل ذلك «بارون» للحديث عن هذه المهنة وأخلاقياتها والمعايير التى يجب أن تتوافر بها.
يشير «بارون» إلى تساؤلات خطيرة ينبغى أن تؤخذ على محمل الجد، فيتساءل عما إذا كان هذا هو الوقت المناسب ليخرس الإعلام؟، هل يجب فعلا أن تستمع وسائل الإعلام فقط دون إبداء أى ملاحظات أو آراء؟ وهل بالفعل أصبح الإعلام حزبا معارضا؟
ثم يبدأ بالرد على تلك التساؤلات؛ فيقول «فيما يتعلق برغبة البعض فى إسكات الإعلام، فالإجابة لا، لا يجب إسكاته، و«لا» هنا هى الجواب الأخلاقى الوحيد والممكن». ويضيف «بالطبع لابد أن نستمع وننصت لما يحدث، ولكن ذلك لا يعنى إسكاتنا، ولا أن يأتى ذلك بأوامر من البيت الأبيض، وبخاصة مع قدوم إدارة جديدة تعمل بشكل متسارع من أجل إعادة تشكيل الحكومة والسياسة الخارجية وحتى السياسة المحلية، وكل ذلك خلال الأسبوع الأول فقط من توليها».
يجب على الصحافة ليس فقط الحديث عن أثر السياسات التى تتخذها الإدارة الأمريكية بل وكيف يتم اتخاذ هذه السياسات وكيف ستتأثر حياة الأفراد بها عقب تنفيذها.
***
لم يكن مؤسسو الدولة الأمريكية يعتقدون أنه سيأتى الوقت الذى سيتم فيه قمع وتضييق الخناق على الصحافة الحرة، فقد تخيلوا العكس تماما، فالصحافة هى التى يجب أن تتحدث، والتحدث ليس للصحافة فقط، بل للكافة؛ فالتعديل الأول للدستور الأمريكى قد وفر حرية التعبير للجميع، ونص على الحق فى التجمع وكذلك الحق فى الالتماس للحكومة للحصول على تعويضات فى حال تعرض أحدهم للظلم.
وبالفعل ذهبت ثقافة هذه البلاد إلى الاعتقاد بهذه الحريات، وليس أدل على ذلك من لوحة «حرية التعبير» للرسام الأمريكى نورمان روكويل ــ أحد أكثر الرسامين بالبلاد شهرة وشعبية ــ والتى تعتبر أهم رموز الدولة الأمريكية، وهى اللوحة الزيتية الأولى من الحريات الأربع التى رسمها وترتكز على الأهداف المعروفة باسم الحريات الأربع ــ وهم حرية التعبير، حرية العبادة، التحرر من الخوف، التحرر من الحاجة ــ التى أعلنها الرئيس فرانكلين روزفلت، الرئيس 32 للولايات المتحدة، فى خطابه 6 يناير 1941.
فيما يتعلق برغبة كبير محللى البيت الأبيض بأن تستمع الصحافة ولو لفترة أكثر مما تتكلم، يقول «بارون»: أن ذلك يعنى أن الصحافة لم تستمع أبدا، وذلك ليس صحيحا، ويعتقد «بارون» أن الموضوع أكبر من ذلك، فالمعضلة الحقيقية أن الصحافة تستمع ولكن ليس بشكل جيد؛ فالصحافة تحتاج إلى أن تستمع على نحو أفضل مما هى عليه الآن، ويقول فى السياق ذاته إن الإعلام عامة يتحدث كثيرا إلى حد الصراخ أكثر مما ينبغى، سواء الإذاعة أو التلفزيون أو بعض المواقع الإلكترونية». وإجمالا فمهمة الصحافة هى أن تستمع لكل الأصوات وأن تساعد على أن يطلع الشعب الأمريكى على رؤى بعضه البعض، وأن تعمل وسائل الإعلام على الوصول إلى جميع الأشخاص والمناطق وأن يقوموا بتمثيل كل شبر فى البلاد، وذلك للأسف لم يتحقق على النحو المأمول إلى الآن.
***
من جهة أخرى ينبغى أن تتمتع الصحافة بالاستقلال، وألا ينظر إلى ذلك الاستقلال بأنه فى غير مصلحة البلاد، بل إنه التزام أخلاقى ينبغى أن يحظوا به، فما يثير الدهشة والقلق أن يتم اعتبار ذلك الاستقلال بأنه معارضة فى غير صالح البلاد وأن يوصف الصحفيون بأنهم أعداء للشعب الأمريكى، فى حين أن ذلك يحدث من أجل تيسير مهمة الصحافة والتى لا تريد سوى الصالح العام.
ختاما.. يقول «بارون» بأنه يأمل بوجود علاقة مهنية تقف على أرض صلبة وموضوعية فيما بين الصحفيين والرئيس الجديد وإدارته، وفى الواقع يمتلك العديد من الصحفيين والمراسلين علاقات جيدة مع عدد من الشخصيات المهمة بإدارة الرئيس الجديد، وذلك بالطبع فى صالح الجميع، سواء الصحفيين أو الإدارة أو المجتمع الأمريكى ككل. وإجمالا فهدف أى مؤسسة صحفية مهنية أن تتحلى بالمهنية والأمانة والشرف والدقة والعدل، ولا شك الاستقلال لتتمكن من أداء مهامها على النحو المأمول.

النص الأصلى https://goo.gl/wMqTy0

التعليقات