كيف نخاطب أمريكا والغرب؟ - علاء الحديدي - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 11:14 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف نخاطب أمريكا والغرب؟

نشر فى : الإثنين 3 أبريل 2017 - 9:10 م | آخر تحديث : الإثنين 3 أبريل 2017 - 9:10 م

تابعت مثل غيرى ما نشرته وسائل الإعلام المختلفة من أخبار عن زيارة وفد الدبلوماسية الشعبية إلى واشنطن هذا الأسبوع من أجل عقد لقاءات مع بعض رموز الجالية المصرية، وكذلك مع أعضاء بارزين من الحزب الجمهورى والكونجرس، وعدد من مسئولى الإدارة الأمريكية. وكما نعرف فإن هذه الزيارة جاءت قبل وبالتزامن مع زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لواشنطن هذا الأسبوع، وهو ما يثير مرة أخرى موضوع الوفود الشعبية، والأسلوب الأمثل للاستفادة من جهودها وكذلك التعلم من تجارب الآخرين.
بداية فإن فكرة الوفود الشعبية، أو لنقل الوفود غير الرسمية، ليست قاصرة على مصر، ولا تعبر بالضرورة عن توجهات الدولة أو سياساتها. وقد رأينا بعد ثورة ٢٥ يناير موجة من الوفود «الشعبية»، ثم موجة أخرى بعد ثورة ٣٠ يونيو، وأخيرا ما صاحب زيارات الرئيس إلى بعض الدول الأوروبية كألمانيا وبريطانيا. وللأسف، فإن هذه الوفود لم تخضع للتقييم والدراسة أو استخلاص للنتائج التى تمخضت عنها، وكأن المطلوب هو مجرد إثبات الحضور لدى صانع القرار فى مصر بغض النظر عن النتائج.
ولا شك أن الدعم السياسى لأى زيارة رسمية أمر مطلوب، ولاسيما إذا كانت من قبل المجتمع المدنى، وهو ما يضفى على الرسالة المراد توجيهها مزيدا من الحيادية والمصداقية. إلا أن توقيت زيارة «الوفد غير الرسمى» قبل زيارة «الوفد الرسمى» مباشرة وبالتواكب معها يعطى الانطباع بأنها جزء من الدعاية الرسمية للدولة، ويتم النظر إليها على أنها نوع من البروباجندا. الأمر الذى ينتقص منها بشدة ويفقدها الغرض منها.
هذا من حيث الشكل، فإذا أتينا إلى المضمون، فإن الهدف لا يتحقق بمجرد الحضور وتكرار نفس كلام المسئولين، وبما يعزز الانطباع أن هذا الوفد ما جاء إلا للتعبير عن وجهة النظر الرسمية. ولا شك أن اتفاق الرؤية أو الهدف مع الدولة أمر لا يعيب الوفد «الشعبى»، ولكن ما يعيبه هو افتقاده للخطاب السليم فى مخاطبة الغرب. فللدولة لغة وخطاب «رسمى» فى الغرف المغلقة يقوم على تبادل المصالح والمنفعة المشتركة، فى حين أن لغة الوفود غير الرسمية فى الجلسات المفتوحة تقوم على القيم المشتركة وجسر الهوة بين الثقافات والحضارات.
أشرت فى مقال سابق إلى نشاط حزب العدالة والتنمية التركى بين مراكز الأبحاث الأمريكية والأوروبية لتسويق النموذج التركى بقيادة أردوغان، وهو النشاط الذى كان يحرص على تأكيد انتماء تركيا الأوروبى، وبما يجذب المستمع أو المتلقى الغربى سواء أكان أوروبيا أم أمريكيا. فإذا انتقلنا إلى نموذج آخر، وهو النموذج الإسرائيلى وما تعارف على تسميته باللوبى اليهودى، فإن الرسالة التى يتم دائما التأكيد عليها هى «ديمقراطية» النظام الإسرائيلى، وقد شاهدت بنفسى كيف كان هذا اللوبى يعمل أثناء فترة عملى بسفارتنا فى واشنطن فى بداية التسعينيات. وعلى عكس ما يعتقده البعض، فإن اللوبى اليهودى لم يركن إلى ما يتمتع به من موارد مالية أو ما يستطيع حشده من أصوات فى بعض الدوائر، بل كان يعتمد بشكل أساسى على التواصل والتخاطب مع جميع وسائل الإعلام الأمريكية ومختلف مراكز الأبحاث، وكانت رسالته أو خطابه تدور حول الواجب الأخلاقى للدفاع عن إسرائيل باعتبارها دولة «ديمقراطية».
فإذا عدنا إلى مصر، فإن السؤال الذى يجب أن يطرح نفسه هو: ما هى الرسالة أو مجموعة القيم التى يجب علينا مخاطبة أمريكا والغرب بها؟ هل يكفى الحديث عن خطر الارهاب وأهمية مكافحة التنظيمات المتطرفة وضرورة القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية المعروف باسم داعش؟، أو أننا بصدد تجديد الخطاب الدينى وإعادة تقديم الإسلام الوسطى وشرح قيم الإسلام السمحة لمجتمع أغلبه «علمانى» النزعة؟. هل نكتفى بذلك؟ الإجابة ببساطة شديدة أن دوائر صنع القرار فى الغرب سواء فى أمريكا أو أوروبا تعرف ذلك ولا خلاف عليه، ولكن ما تريد أن تسمعه وتعرفه هو النموذج الذى نحن بصدد طرحه وما يحمله من قواسم مشتركة معهم.
وعليه، فإن على الوفود الشعبية مهمة أكبر وأهم من مجرد الحديث عن مكافحة الإرهاب مع بعض المسئولين أثناء زيارة رسمية، وكأنه بذلك تكون المهمة قد أنجزت، خاصة فى ظل وجود رؤى متباينة حول أنجع السبل للتعامل مع هذا الملف ووجود دول أخرى تتنافس معنا حول من يكون له الدور الرئيسى فى المنطقة فى التعامل مع هذا الملف. إذا نحن فى أشد الحاجة إلى تقديم رؤية مصرية للنموذج الذى نبغى طرحه لمعالجة مشاكل المنطقة، وأن يقوم بهذه المهمة وفود غير رسمية من الخبراء وأصحاب الرأى تعرف كيف تخاطب مختلف دوائر صنع القرار ومراكز الأبحاث ووسائل الإعلام فى أمريكا والغرب بشكل متواصل ومستمر وعلى مدى العام، وليس بشكل موسمى أو ارتباطا بزيارة معينة.

التعليقات