عبارات.. ليست عابرة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 8:58 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عبارات.. ليست عابرة

نشر فى : الأربعاء 3 يونيو 2009 - 10:01 ص | آخر تحديث : الأربعاء 3 يونيو 2009 - 10:01 ص

 ريتا هيوارث، نجمة هوليوود الفاتنة، صورتها الخلابة تحتل النصف الأيسر من أفيش «جيلدا» لتشارلز فيدور 1946: جسمها الفارع يبعث عندها الثقة بالنفس، تتقدم بقدمها اليمنى خطوة راسخة للأمام.

ترفع ذراعها وقد أمسكت بسيجارة بين أصابعها، دخانها الأبيض يتصاعد ليبدو خطا معرجا من اللون الأسود الذى يسيطر على الأفيش، ترتدى فستانا طويلا دون أكمام، نصفه العلوى أقرب للأخضر السماوى، يوحى بالرقة والرحمة والوعود.

نصفه السفلى يغلب عليه البنفسجى الداكن، يعبر عن الغريزة، الإغواء والرغبة، بعيدة وقريبة فى آن، طيبة وشريرة معا، ومكتوب على الأفيش «مستحيل أن تكون هناك امرأة مثل جيلدا».


العبارات المكتوبة، أحيانا، على أفيشات الأفلام، تتطلب إبداعا خاصا، فلابد أن تكون مكثفة، سلسة، جميلة، أقرب لروح الشعر، قادرة على جذب المشاهد وإثارة اهتمامه، تتوافق مع تصميم الأفيش، تأخذ منه وتضيف له، تعبر إما عن روح الفيلم واتجاهه، أو تلخص إحساس أحد أبطاله، أو تشير إلى قضيته.

وفى هوليوود يعاد كتابة تلك الجمل عدة مرات قبل أن تصل إلى صيغتها الأخيرة، وهذه المهمة يشارك فيها، إلى جانب السيناريست المخرج، المنتج، الموزع، شركة الدعاية، وأحيانا.. النجوم، أبطال الفيلم، لذا فإن الكثير من هذه العبارات لا تزال محتفظة برونقها.

مع صورة همغرى بوجارت متجهما، ممسكا بمسدس فى «الصقر المالطى» مكتوب على الأفيش «إنه قاتل حين يكره». الكلمات الأربع تجذب جمهور أفلام الجريمة.
بالنسبة لعشاق أفلام الغرام الدامى فإن العبارات المكتوبة على الأفيشات تتنوع فى اتجاهاتها تنوعا بالغ الثراء. مارلين ديتريش، بجمالها الوحشى، تطالعنا على أفيش «الشيطان امرأة» لسترنبرج 1932، وهى مستكينة فى حضن ليونال أتول.

وفيما يشبه استفزاز المشاهد مكتوب «قبلنى وحتما سأهشم قلبك». أما فى تراجيديا «ساعى البريد يدق الباب مرتين» لتاى جارنت 1935 فثمة لاناتيرنر، قلقة حائرة، مع جون جيرفيلد، وفوقها كلمات مثيرة لحب الاستطلاع «كان حبهما لهيبا مدمرا».

دافيد لين وكاتب السيناريو روبرت بولت، صاحبا «لورانس العرب» 1962، لم يجدا أفضل من كلمات ونستون تشرشل عن بطلهما «اسمه سيذكر فى التاريخ، وسيبقى فى سجلات الحروب، وحتما سيعيش فى الأساطير العربية».

وفيما يشبه المرثية مكتوب على أفيش «الإمبراطور الأخير» لبرتولتشى 1987 كلمات أقرب للشعر، تقول فى نهايتها «ولد ليحكم عالما من التقاليد القديمة، لم يتم إعداده لعالمنا المتغير..»، هذه وغيرها، عبارات تستحق التأمل.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات