أيامنا الحلوة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 2:17 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أيامنا الحلوة

نشر فى : الأربعاء 3 أكتوبر 2012 - 8:40 ص | آخر تحديث : الأربعاء 3 أكتوبر 2012 - 8:40 ص

عدم الامتثال للنواهى والمحظورات. الخروج عن السائد والمألوف. الوقوف فى وجه أصحاب القرار. الرغبة فى إثبات الذات. الاندفاع.. كلها، أوتار فى قلوب الشباب، من طبيعة الأشياء، وإلا لما غدا الشباب شبابا. وحين ظهر أحمد رمزى لأول مرة على الشاشة، فى «أيامنا الحلوة» 1955، كان شرخ الشباب «25» عاما، والأهم أن مخرجه الكبير.

 

حلمى حليم، بعينه المرهفة، وجد فيه ما يبحث عنه. لفت نظره المغمور، أحمد رمزى، الجالس على كرسى أسند ظهره للحائط، ومد ساقيه ليضع قدميه فوق منضدة أمامه. يرتدى قميصا أبيض، شمر كميه، ونزع أزراره العلوية، وبرغم وجهه الطفولى الصافى، فإن عينيه تنطقان باليقظة والتمرد.. فورا عرض عليه دور الولد الشقى، زميل الرومانسى: عبدالحليم حافظ، والعاقل، عمر الشريف.. وكلاهما، فى أدوارهما الأولى.

 

حيوية أحمد رمزى، وعفويته، وصدق أدائه مع بساطته البعيدة عن المغالاة، منحت الفيلم نكهة شبابية، انتقلت به من عمل لآخر، وكأنه يعزف على أوتار قلوب الشباب، خاصة أنه جاء فى فترة ما يمكن أن تسميها «تأميم السياسة»، فعقب ثورة 1952، وإلغاء الأحزاب، أصبح على الجميع الانخراط فى «الاتحاد والنظام والعمل»، الأمر الذى لا يتوافق مع طموح أجيال ترفض، على نحو أو آخر، الامتثال للهيمنة الأبوية.

 

على الشاشة، لم يكن بطلنا شريرا، وطبعا هذا لا يزيد أو يقلل من قيمته، ولكن الملاحظة هنا تهدف إلى تأكيد إرجاع تمرده إلى ما تنطوى عليه روح الشباب الفائرة من رغبة فى تجاوز الأسوار وتحطيم الأبواب المغلقة، وهنا يكمن، فى تقديرى، سبب جماهيريته، وتعلقنا به، إبان أيامنا الحلوة، فى سنوات الشباب.. جدير بالذكر، أن السينما المصرية، بنزعتها المحافظة، قدمت أحمد رمزى، فى الكثير من الأفلام، على أنه شديد الرعونة، يستجيب للغواية من دون حساب عواقب الأمور. فى «الأخ الكبير» لفطين عبدالوهاب 1958، يندفع إلى مصيدة هند رستم، التى تستدرجه إلى إدمان المخدرات، انتقاما من شقيقه فريد شوقى، الذى يحاول إنقاذه.. وفى «غرام الأسياد» لرمسيس نجيب 1961، تهيمن الرغبات على الشباب، فيندفع لإقامة علاقة مع ابنة حارس اسطبل الخيل، لكن أخاه الأكبر، أحمد مظهر، ينقذها من أهوائه.. هكذا، الكبير دائما، على حق.

 

 

عشرات الأفلام، ملأها أحمد رمزى بالبهجة والأمل، فهو غالبا، يقبل على الحياة، يعشقها، بل يهيم بها، سواء كان جنديا مع عبدالمنعم إبراهيم وإسماعيل ياسين فى الأسطول لفطين عبدالوهاب 1957، أو ممثلا لا يرضى عما يقدمه فى «ثرثرة فوق النيل» لحسين كمال 1971.

 

بقيادة صلاح أبوسيف، قدم واحدا من أجمل أدواره، وأكثرها تبلورا واكتمالا: «لا تطفئ الشمس» 1961، المأخوذ عن رواية لإحسان عبدالقدوس.. هنا، غيب الموت الأب، وتولى قيادة الأسرة الخال من ناحية، والأخ الكبير، شكرى سرحان، من ناحية أخرى. أحمد رمزى، أو «رمزى» حسب اسمه فى الفيلم، لا يريد أن يكون نفسه. أن يشارك صديقه الميكانيكى فى إقامة ورشة إصلاح سيارات.. فى نوبة غضب، إثر مشادات كلامية، يغادر «رمزى» البيت منطلقا بدراجته البخارية، ليلقى حتفه فى حادث تصادم.. يموت بطلنا، لكن أثره يتبدى واضحا فى شقيقه الذى يحذو حذوه فى التخلص من رابطة العنق الخانقة تعبيرا عن الرغبة فى الانعتاق، ويشمر أكمامه لينطلق فى الحياة وهو فى هذا، يبدو مثلنا، فى الأيام الخوالى، حين كنا نقلد نجمنا.. أحمد رمزى.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات