صلاح أبوسيف.. والنقاد - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 3:52 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صلاح أبوسيف.. والنقاد

نشر فى : الأربعاء 4 فبراير 2015 - 8:20 ص | آخر تحديث : الأربعاء 4 فبراير 2015 - 8:20 ص

فى هذا العام نحتفل بعيد ميلاده المئوى 1915 ــ 1996.. ترك لنا ثروة هائلة، ليست سينمائية وحسب بل نقدية أيضا، فأفلامه التى يتلألأ بها عالم الأطياف المصرى، دفعت، إلى جانب النقاد، بأدباء وسياسيين، نحو الاقتراب منها، والكتابة عنها، من عشرات الزوايا المختلفة، تجد بعض حصادها فى كتاب ثمين، ضخم، مكون من 620 صفحة من القطع الكبير، يتضمن أكثر من 150 مقالة فضلا عن ثلاث دراسات مطولة.

صحيح صدر عن مخرجنا الكبير أكثر من خمسة كتب لكن هذا المرجع الثمين يكتسب قيمة خاصة، أخلاقية وفكرية. ذلك أنه طبع على نفقة صلاح أبوسيف وتم توزيعه بالمجان، لذا لا يتوافر فى أى مكتبة والمقالات المثبتة فيه، من حافظة أبوسيف المهتم بكل ما مكتب عن أفلامه سواء بالسلب أو الإيجاب وجدير بالذكر أن الناقد المرهف، المتفانى فى عمله أحمد يوسف، بحماس، استجاب لدعوة أبوسيف كى يعود الكتاب ويصنف مادته ويراجعه.

المقالات تتعرض لمجمل أفلام صلاح أبوسيف منذ «دايما فى قلبى» 1945 حتى «المواطن مصرى» 1991 مرورا بـ38 فيلما.. مقالات تلخص بإيجاز تطور النقد السينمائى فى بلادنا حين كان النقد الذى لايزال وليدا يعتمد على تلخيص الحكاية وانطباعات عفوية، سريعة على مستوى الفيلم إجمالا.. إلى أن غدا مبنيا على الخبرة والدراسة، يتعرض بالتفصيل لعناصر اللغة السينمائية، من سيناريو إلى تصوير إلى تمثيل إلى مونتاج، والإخراج طبعا.. الفارق واسع بين ضياء الدين بيبرس وعبدالشافى القشاش وعثمان العنتبلى من ناحية وسمير فريد وسامى السلامونى ثم طارق الشناوى وخيرية البشلاوى من ناحية أخرى وهذا على سبيل المثال لا الحصر.

جدية أفلام صلاح أبوسيف وارتفاع مستواها جذبت نقاد الأدب والأدباء والسياسيين إلى الكتابة عنها.. هذه المقالات تعد من الروافد المهمة للنقد السينمائى ذلك أن الملاحظات الثاقبة الأدبية والسياسية أصبحت من المعايير التى يستفيد منها النقاد السينمائيون الجدد.. الدكتور محمد مندور المهتم بالشعر والمسرح، كتب بمنهجه الاجتماعى، الأيديولجى عن «هذا هو الحب» واضعا أبطاله فى خانة الطبقة المتوسطة ويحلل قيم وعادات هذه الطبقة ويقارنها بما جاء فى الفيلم مبينا الغيرة والروح المحافظة من سمائها التى غالى فى تجسيدها الفيلم لدرجة أن الشكوك تعصف بالبطل لأنه رأى عروسته تصافح صديق شقيقها فى لقاء عابر.

عدة مقالات كتبها الناقد الأدبى رجاء النقاش تأتى فى ثناياها ملاحظات جديرة بالالتفات.

يقول فى معرض حديثه عن «القاهرة 30» إن فضيلة صلاح أبوسيف الأساسية بقيت كما هى.. إنه ينقلك بسرعة وبساطة إلى جو الفيلم الذى يقدمه. إنه يستطيع أن ينتزعك من نفسك لتعيش فى العالم الذى يصنعه لك على الشاشة وهذه فضيلة فنية رائعة.. فهناك مخرجون متخصصون فى تهريب المشاهدين.. لكن صلاح أبوسيف فى فنه جذاب شديد اللباقة والبساطة والسحر.

الى جانب الشاعر صلاح عبدالصبور الذى كتب مقالا رقيقا عن «لا أنام»، ثمة الكاتب المسرحى ألفريد فرج الذى يباغتنا بمقال مختلف شديد الأهمية عن شباب امرأة حيث يدافع بقوة وبصيرة عن شفاعات ــ تحية كاريوكا ــ التى تجنى عليها أبوسيف فهى عند ألفريد المرأة العصامية العاملة المتطلعة للمساواة فى المسئولية والتبعية/ مع الرجال بينما أظهرها أبوسيف ذات نزوات داعرة وقسوة ووحشية وحس بليد.. وجهة نظر، فى تقديرى صحيحة، وكان من النزاهة والشجاعة أن يضع صلاح هذا المقال فى الكتاب.

لطفى الخولى، أنور عبدالملك، احمد حمروش، سامى داود، من كتاب السياسة الذين جذبهم عالم أبوسيف الرحب وعندما حقق «المواطن مصرى» وجد محمد عودة فيه ومن خلاله ما يردد قوله فى التغيرات الكارثية التى اعقبت حرب 73 وسبقتها فكتب مقالة ساخنة بعنوان فيلم لكل المواطنين يشيد بالفيلم والرواية التى كتبها يوسف القعيد الفلاح الذى تعلم الكتابة ونذر نفسه لرد اعتبار أهله.

صلاح أبوسيف من أهم ملامحنا الفكرية والوجدانية خلال ثلاثة أرباع قرن من الزمان وهذا الكتاب يستكمل الكثير من ملامحنا الثقافية أتمنى إعادة نشرة مع المزيد من المقالات اللاحقة والمفقودة التى لم يتضمنها الكتاب إنه دور الدكتور أحمد مجاهد فى هيئة الكتاب أو مسئولية الدكتور محمد عفيفى فى المجلس الاعلى للثقافة وربما تحظى به هيئة قصور الثقافة ــ لا اعرف رئيسها ــ وقبلهم وبعدهم الدكتور جابر عصفور.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات