بهلوانات من أجل التغيير - وائل قنديل - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 2:13 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بهلوانات من أجل التغيير

نشر فى : السبت 4 أبريل 2009 - 4:33 م | آخر تحديث : السبت 4 أبريل 2009 - 4:33 م

 يحسب للحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية» منذ انطلاقها فى عام 2004 أنها أنزلت حلم التغيير من السماء إلى الأرض، تماما كما فعل أرسطو حين تحولت الفلسفة معه من أبحاث ميتافيزيقية معلقة فى فضاء الأفكار الكبرى إلى بحث فى شئون الناس والمجتمعات.

ولأول مرة تنتقل مفردات مثل «التوريث» و«تداول السلطة» من صالونات المثقفين وأعمدة الكتاب إلى البيوت والمصانع، على نحو وضع قضية التغيير بجانب طبق الفول على موائد طعام البسطاء، واستدعاها إلى طاولات المقاهى الشعبية.

ومنذ ذلك التاريخ أصبحت «من أجل التغيير» شعارا وهتافا شعبيا بعد انشطار الحركة الأم على طريقة القنابل العنقودية فازدانت منتديات الإنترنت والفيس بوك بمئات من التجمعات، بدءا من العوانس والحموات، إلى التجمعات العمالية والطلابية والثقافية كلها تحمل ختم «من أجل التغيير».

واستمر صعود حلم التغيير فى فضاء الحياة السياسية المصرية التى كانت قد بلغت من التكلس والصدأ والجمود والتجمد حدا صنع لكلمات من قبيل «التغيير» و«كفاية» رونقا وسحرا كبيرين جعلا الاستجابة لدعوات من هذا النوع أوسع وأسرع، وأربك حسابات أولئك الذين اعتقدوا أن الشعب، الذى جرجروه من أمعائه خلف الرغيف وكسوة المدرسة والحد الأدنى من متطلبات البقاء على قيد الحياة، لن يلتفت أو يتفاعل مع دعوات من هذا النوع.

ثم استمر تصاعد دراما الحلم بالتغيير فى مصر حتى بلغ ذروته فى أبريل من العام الماضى باندلاع أحداث المحلة الكبرى وانبلاج فجر حركة شباب 6 أبريل التى دشنت فعليا «ربيع الغضب» الشعبى مختطفة الشعلة من أحزاب ماتت وتحللت فى مقارها واستسلامها لقواعد اللعبة كما رسمتها لها الحكومة.

وبالتوازى أوجدت الحركة سوقا رائجة لفريقين: الأول حاول ركوب موجتها لتحقيق أجندة خاصة به، والثانى يمكن أن تسميه ــ دون أن يؤلمك ضميرك ــ فريق البهلوانات الذين كانوا صاخبين على نحو مريب فى تقاطعهم الحاد ومعارضتهم الساخنة لكل ما تطرحه الحكومة.. من هؤلاء بهلوان صغير شكل حزبا ضئيلا للشباب يخطب به ود الحكومة ويدفع مهرها فى صورة بيانات بلهاء تدعو للضرب بيد من حديد للمشاركين فى تيار 6 أبريل.. ومنهم أيضا من كان يعتبر نفسه جنديا مخلصا فى جيش قوى النظام الشابة الصاعدة الواعدة المتوعدة، ثم اكتشف أن الثمن أقل مما كان يرتجيه، فقرر أن يشتغل لحسابه.

وأكثر ما يخشى منه أن تفقد «6 أبريل» عفويتها وتدفقها التلقائى كفعل شعبى بـ«امتياز»، وتتحول على يد البهلوانات من هنا وهناك إلى مهرجان شعارات «ضعيف جدا».

وائل قنديل كاتب صحفي