دولة المرشد ودولة المخابرات - وائل قنديل - بوابة الشروق
الثلاثاء 4 يونيو 2024 6:35 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دولة المرشد ودولة المخابرات

نشر فى : الخميس 5 أبريل 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 5 أبريل 2012 - 8:00 ص

مصر الآن فى المصيدة، فزاعتان محكمتان تحاصران الجميع، إما أن نرضى بالمر أو الأمر منه، هكذا نجح «العسكرى» فى صياغة ثنائية مفزعة، جعلت الناس يتخبطون رعبا من دولة المرشد من جانب، ودولة رجل المخابرات من جانب آخر.

 

وأكرر أن أخطر ما فى قرار ترشح خيرت الشاطر للرئاسة أنه حضر إلى الحلبة وفى يده عمر سليمان، خصوصا أن وصول نائب المرشد جاء متزامنا مع لحظة الرعب من الاستحواذ على الدستور القادم، وبينما كان الناس مهمومين وخائفين على بنية الدولة المصرية مما يتهددها فى ظل دستور يعتبر مدنية الدولة كلمة قبيحة، ويحذفها من القاموس الدستورى، أضيفت أسباب أخرى للفزع، بالإعلان عن مجىء نائب المرشد المدجج بالمال ورجل الأعمال إلى السباق على موقع الرئيس.

 

وفى المقابل اشتغلت الماكينة المعلوماتية على الإلحاح على اسم عمر سليمان، نائب مبارك ورمز دولة المخابرات الشرس كمعادل موضوعى لترشيح نائب مرشد الإخوان، تحت زعم الحفاظ على مدنية الدولة وتكوينها الحضارى والثقافى المتنوع.

 

وعلى الفور اندلعت ملصقات تنادى بدعم نائب المخلوع، وتعتبره الحل، وإذا كان هذا مبررا من الفلول وبقايا النظام السابق، وهتيفة العسكرى وميليشياته الإلكترونية، فإن المثير للأسى أن تجد شيئا من ذلك لدى بعض ممن يحسبون على القوى المدنية والنخبة.

 

ولكى لا ننسى فإن عداء عمر سليمان لملامح الدولة المدنية الحقيقية لا يقل شراسة عن تلمظ قوى الإسلام السياسى منها، فهو صاحب المقولة الشهيرة قبل ساعات من سقوط المخلوع أن الديمقراطية لا تصلح لمصر لأن الشعب غير مهيأ لممارسة الديمقراطية.

 

وهذا ما يعنى أن المصريين محشورون الآن فى ركن ضيق، للاختيار بين نوعين من الاستبداد، إما ديكتاتورية دينية، أو ديكتاتورية مخابراتية عسكرية، وكأن ثورة الحرية والكرامة الإنسانية قامت من أجل إعادة إنتاج عصر مبارك فى عبوة جديدة.. ولعلك تذكر أن مصر فى سنوات ما قبل 25 يناير كانت واقعة بين فزاعتين مماثلتين، ديكتاتورية فساد الحزب الوطنى من ناحية، والاستبداد الدينى من ناحية أخرى، وعلى هذا كان يعيش نظام مبارك ويتغذى، حتى أسقطه الشعب من حالق.

 

وأزعم أن مفردات الموقف الراهن لا تختلف كثيرا، فالمجلس العسكرى حل مكان مبارك، وفزاعتا دولة المخابرات، ودولة المرشد قائمتان، الأمر الذى يجعل قطاعا من الناس ينادون مستقبلا على دولة الجنرال لكى تحميهم من هذه الثنائية المخيفة.

 

وفى أجواء كهذه لن تكون مفاجأة على الإطلاق لو أطل على المسرح رجل عسكرى صريح يخوض السباق مدعوما باستثمار ضخم فى حالة الخوف والفزع المصنوعة بمهارة، لنكتشف بعدها أنهم كاذبون فى كل ما وعدوا به، حين تعهدوا بأنهم حريصون على دولة مدنية، لا دينية ولا عسكرية.. فالواقع الآن يقول إن المتاح أمام المصريين هو الاختيار بين دولة دينية أو حكم عسكرى.

 

ويبقى أن بديلا ثالثا مدنيا ديمقراطيا صار ضرورة وجودية قبل أن يبتلعنا الطوفان جميعا.

وائل قنديل كاتب صحفي