ثورة 30 يونيو.. الإنجاز والخطر - أحمد يوسف أحمد - بوابة الشروق
الثلاثاء 28 مايو 2024 9:20 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثورة 30 يونيو.. الإنجاز والخطر

نشر فى : الخميس 4 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 4 يوليه 2013 - 8:00 ص

أخيرا فعلتها القوات المسلحة ووفت بعهدها وتدخلت فى الظرف الراهن بما يحفظ للوطن أمنه واستقراره. تصرفت القوات المسلحة فى هذا الصدد وفاء لتقاليدها العريقة فى حماية الشعب والذود عن مصالحه، وإذا تغاضينا عن دور القوات المسلحة فى ثورة يوليو 1952 التى أنقذت الشعب المصرى من الفساد والاستبداد وحكم الإقطاع وربقة الاحتلال، فإن الأمثلة على حماية القوات المسلحة للشعب ومصالحه عديدة، ويكفى أن نتذكر أحداث يناير1977 فيما عرف بانتفاضة الخبز. فى تلك الأحداث وصلت التطورات إلى درجة من الفوضى تهدد الاستقرار فى البلاد إلى الدرجة التى جعلت الرئيس أنور السادات يطلب من القوات المسلحة التدخل.

 

فى ذلك الوقت كان القائد العام للقوات المسلحة واحدا من أبرز رموز العسكرية المصرية الحديثة وهو المشير عبدالغنى الجمسى. وكان الجمسى يستطيع أن يستجيب لطلب السادات باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، لكن روح المسئولية التى تتحلى بها القوات جعلته يضع لتدخلها شروطا مؤداها ضرورة إلغاء القرارات التى تسببت فى كل هذه الاضطرابات، إذ لم يكن يريد للقوات المسلحة أن تصطدم بالشعب فى قضية تمس قوت يومه، وقبل السادات شروط الجمسى على مضض لأن قواعد الانضباط العسكرى تجعله يأمر فيطاع، ثم يأتى المثال الأبرز وهو تدخل القوات المسلحة لحسم عملية التغيير لصالح ثورة يناير بعد أن تأكدت من حقيقتها.

 

لم يكن تدخل القوات المسلحة إذن بالجديد على السياسة المصرية، ونذكر أن الشعب المصرى كان يلح على هذا التدخل عندما تأكد من سوءات مرسى ونظامه، وكانت القوات المسلحة تكتفى بإطلاق تصريحات على لسان قائدها العام خطها الأساس أنها لن تنحاز إلى فصيل دون غيره، وأنها ستكون دائما الحامى لمصالح الشعب. ثم تطور هذا الخط إلى أن القوات المسلحة لن تسمح بأن يتطور الموقف الراهن إلى ما يهدد تماسك المجتمع والسلم الأهلى فيه، ونذكر دون شك حركة التوكيلات الشعبية للقائد العام للقوات المسلحة كى يحكم البلاد بدلا من الرئيس الحالى. انتهت كل هذه التطورات إلى بيان القوات المسلحة يوم الاثنين الماضى وأكد البيان أن القوات المسلحة لن تكون «طرفا فى دائرة السياسة والحكم ولن ترضى أن تخرج عن دورها المرسوم لها فى الفكر الديمقراطى الأصيل»، ونبه البيان «أن الأمن القومى للدولة معرض لخطر شديد إزاء التطورات التى تشهدها البلاد»، وذكر البيان بمهلة الأسبوع التى سبق أن حددتها القوات المسلحة لجميع القوى السياسية بالبلاد للتوافق والخروج من الأزمة إلا أن الأسبوع مضى دون أن يتحقق المطلوب، ولن يؤدى ضياع مزيد من الوقت إلا إلى مزيد من الانقسام والتصارع، ولذلك عدل البيان زمن المهلة إلى 48 ساعة فقط، ولم يجعل الهدف منها هذه المرة الوصول إلى توافق وإنما الاستجابة لمطالب الشعب، فإن لم يحدث هذا سوف تعلن القوات المسلحة خريطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها بمشاركة جميع الأطياف والقوى الوطنية المخلصة بما فيها الشباب ودون إقصاء أو استبعاد لأحد، ويعنى هذا أن القوات المسلحة تملك رؤية للمستقبل تقوم على المشاركة لا الاحتكار.

 

●●●

 

من صنع ثورة 30 يونيو العظيمة؟ إنهم الشباب دون جدال، وشباب «تمرد» بصفة خاصة. كان الشباب هم القوة المفجرة لثورة يناير، لكنهم للأسف فقدوا وحدتهم بما سمح «للإخوان المسلمين» أصحاب المشاركة المحدودة فى الثورة بأن يتسيدوا الموقف وأن تكون لهم اليد الطولى فى الحكم، ومن الأمانة العلمية أن نقول إنهم كانوا مدعومين فى هذا بدرجة من التأييد الشعبى، غير أنهم بتصرفاتهم تسببوا فى تآكل هذا التأييد تدريجا: وعود لا تُنفذ واستئثار بالحكم وسوء فى الأداء الحكومى أثبت أنهم مجرد حقيقة تنظيمية ليست لها أدنى خبرة بالسياسة والحكم، وفى ظل هذه الظروف استعاد الشباب زمام المبادرة، وفى واحد من أكثر الأساليب النضالية إبداعا تكونت حركة «تمرد» بمبادرة من نفر من الشباب. لقد أثبت شباب مصر منذ ما قبل ثورة يناير قدرة الشعب المصرى على الإبداع فى أساليب النضال، ولعل هذا ناجم عن الاستبداد المطلق الذى أفضى إلى نضال حقيقى ضد النظام السابق وممارساته، وبعده التخطيط لثورة يناير العظيمة، غير أن اللافت أن الشباب الذى قام بهذا كله قد حظى بتأييد شعبى غلاب وصل فى حالة «تمرد» إلى 22 مليونا، ولا شك أن القوات المسلحة قد لعبت دورا حاميا لهذا كله بدءا بثورة يناير وصولا إلى الموقف الراهن، كذلك لعبت الفضائيات الخاصة بالتأكيد والتى كشفت سوءات النظام دورا بالغ الأهمية فيما حدث، ولذلك كان النظام فى حالة خوف منها، وفعل المستحيل كى يهددها حتى تعود عن دورها دون جدوى.

 

●●●

 

سوف تكون هناك دون شك مقاومة للتغيير الذى وقع من قبل أنصار الوضع الراهن والمستفيدين منه، وهم أقوياء وقادرون على تعويق هذا التغيير، وعلى الرغم من أن اللجوء إلى العنف بالنسبة لهم مغامرة غير محسوبة إلا أن الاحتمال وارد، وسيتسبب هذا فى درجة قد تكون عالية من درجات الفوضى والاضطراب، ولهذا فإن قوى الثورة عليها أن تتحسب لهذا الاحتمال بكل ما أوتيت من يقظة، كما أن القوات المسلحة مطالبة بأن تكون لديها خطة للمواجهة وكلها مهام لا يجب الاستخفاف بها وإلا أصبحت ثورة 30 يونيو فى مهب الريح، وهو احتمال لا يجب أن نسمح بحدوثه حرصا على المنجزات النضالية للشعب المصرى فى هذه المرحلة المهمة من تاريخه المعاصر.

 

 

 

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة

 

ومدير معهد البحوث والدراسات العربية

أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وعميد معهد الدراسات العربية