مصر وأمريكا.. وبينهما الإخوان - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 10:16 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر وأمريكا.. وبينهما الإخوان

نشر فى : الثلاثاء 4 أغسطس 2015 - 8:20 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 4 أغسطس 2015 - 8:20 ص

ما الذى سيتغير بعد جولة الحوار الاستراتيجى المصرى الأمريكى الذى انعقد فى وزارة الخارجية المصرية على كورنيش النيل يوم الأحد الماضى؟!.

يمكن القول طبقا للمعلومات المتوافرة ومتابعة مباحثات أمس الأول إن التوتر بين الحكومتين قد انخفض إلى حد ما، لكن الود الكامل لم يتحقق، والأكثر تأكيدا ان العلاقات بصورتها التى كانت موجودة يوم ٢٤ يناير ٢٠١١ أو ٢٩ يونيو ٢٠١٣ لن تعود مرة اخرى إلى الصيغ القديمة.
إحدى المشكلات الكبرى التى يقع الكثير من المصريين خصوصا الاعلاميين انهم ينظرون إلى علاقتنا مع بلدان العالم باللونين الأبيض والأسود فقط.

والمفارقة ان البعض الذى كان يتحدث عن وجود مؤامرة أمريكية مكتملة الأركان ضد مصر هو نفسه الذى يتحدث الآن عن التطابق فى وجهات النظر بشأن كل القضايا.

المنطقى والطبيعى ان علاقات البلدين، مثل أى علاقات بين دولة كبرى واخرى متوسطة أو صغرى، تخضع للشد والجذب والمصالح، والوضع فى المنطقة والعالم، والأهم الوضع فى الداخل المصرى. بعبارة واضحة، انه طالما كان المجتمع المصرى قويا ومؤسساته عفية، ومجتمعه المدنى مؤثرا، كلما قل تأثير أى عامل خارجى فيه والعكس صحيح تماما.

الواضح من قراءة مؤشر علاقات البلدان أنه يتحسن كثيرا مقارنة بما كان عليه بعد فض اعتصام رابعة العدوية يوم ١٤ أغسطس ٢٠١٣، وما أعقبه من إجراءات أمريكية عقابية تمثلت فى تجميد المساعدات ووقف تسليم الأسلحة، وفتح أبواب الكونجرس ووزارة الخارجية أمام بعض الوجوه الإخوانية، وحملة إعلامية وبحثية غير مسبوقة ضد الحكومة المصرية، خصوصا من صحيفتى واشنطن بوست ونيويورك تايمز.

واشنطن الان صارت أكثر واقعية فى التعامل مع الملف المصرى، منذ اجتماع أوباما والسيسى فى نيويورك فى سبتمبر الماضى، وما اعقبه من إجراءات عملية تمثلت فى وقف تجميد المساعدات ثم تسليم بعض الأسلحة مثل الاباتشى ولنشين بحريين والـ إف ١٦ قبل أيام.

لكن فى المقابل فإن نظرة واشنطن خصوصا البيت الأبيض ومجلس الأمن القومى و«الميديا» ومراكز الأبحاث ماتزال تعطى أولوية لملف الحريات وحقوق الإنسان، وإعادة احتواء جماعة الإخوان على حساب ملفات الارهاب والتعاون الاقتصادى والعسكرى.

المفارقة ان كيرى كان أقرب دائما هو ووزارة خارجيته إلى وجهة النظر المصرية الرسمية، لكن ولأنه يعبر عن سياسة رئيسه أوباما، فقد كان لافتا اجتماعه يوم الخميس الماضى وقبل ثلاثة أيام من وصوله إلى القاهرة مع محمد سلطان ابن القيادى الإخوانى صلاح سلطان. محمد كان مسجونا فى القاهرة، وتم الافراج عنه بعد تنازله عن الجنسية المصرية. بيان الخارجية الأمريكى وصف سلطان الذى صار أمريكيا فقط بأنه هو وشقيقته هناء «أعضاء مصريين فى المجتمع المدنى»، كما جاء فى مقال الزميل توماس جورجسيان فى صحيفة التحرير يوم الأحد الماضى.

فى السياسة لا توجد أشياء عفوية أو عشوائية، وبالتالى فهذا اللقاء هو رسالة أمريكية إلى القاهرة بأنها لن تتوقف عن اللقاء مع الإخوان.

مرة أخرى ويبدو أنها ليست أخيرة.. أمريكا تتعامل بطريقة براجماتية بحتة معنا ومع غيرنا طبقا لمصالحها وطبقا لرؤاها، ومن الواضح أنها قرأت الواقع جيدا، واقتربت أكثر من الحكومة المصرية، لكنها لن تترك ورقة الإخوان حتى تصل إلى قناعة كاملة بأنها ورقة محروقة.

على القاهرة الاصرار على إقناع واشنطن بصيغة صحية لعلاقات تقوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل بعيدا عن الجعجعة أو فرض الشروط. ولن يتحقق ذلك الا عندما يكون الداخل قويا ومستقرا.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي