إغواء المنصب المراوغ - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 6:59 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إغواء المنصب المراوغ

نشر فى : الجمعة 5 يونيو 2009 - 7:57 م | آخر تحديث : الجمعة 5 يونيو 2009 - 7:57 م

 انطلقت الرصاصة ولم يعد من الممكن إعادتها أو إيقافها، حتى لو أراد من أطلقها ذلك.. هذا الكلام له علاقة بموقف إسرائيل من ترشيح فاروق حسنى لمنصب مدير عام اليونسكو. فى البداية عارضت إسرائيل ترشيح الوزير المصرى، وبعيدا عن أسباب الاعتراض ومدى مبرراته، جاء الموقف الإسرائيلى المتشدد كرصاصة موجهة ضد احتمال نجاح فاروق حسنى فى مسعاه..

 لاحقا، بصرف النظر عن أى صفقات معلنة أو مستترة، زعمت إسرائيل أنها ستوقف حملتها ولكنها لن تؤيد ترشيحه. هنا يتجلى أسلوب إسرائيل الخبيث المعتمد على المراوغة والابتزاز. إعلان العفو عن فاروق حسنى يأتى بعد إطلاق الرصاصة، فها هى الدوائر الصهيونية فى ألمانيا وفرنسا وأمريكا تواصل التعبئة ضد الوزير المصرى، أو على الأقل التشكيك فى أحقيته للمنصب، ومن ناحية أخرى أصبح لزاما على الوزير أن يرد، إما بثباته على موقفه المتحفظ من التطبيع والمعادى لغطرسة الفكر الصهيونى، وإما أن يلجأ لدرجات متفاوتة من المهادنة.


حاول الوزير الإمساك بالعصا من المنتصف، قال إنه ليس ضد السامية وما ذكره بالنسبة لحرقه الكتب الإسرائيلية، إن وجدت فى مكتبة الإسكندرية، لم يكن إلا زلة لسان، ومع مرور الأيام، توالت الابتزازات، مصحوبة بحرب أعصاب، فمع كل اسم جديد يضاف لقائمة المرشحين، يضطر الوزير إلى تقديم المزيد من الوعود.


إزاء هذا الموقف المعقد، كان يليق بتليفزيوننا المصرى أن يتعرض لهذه المسألة، ذات الأبعاد السياسية والثقافية والنفسية، لكن قنواتنا، وما أكثرها، تحاشت الخوض فى القضية، وجاءت المبادرة، كالعادة، من قناة الجزيرة التى استضافت فى أحد برامجها الساخنة كلا من صلاح عيسى، المتعاطف مع فاروق حسنى، الذى حاول التخفيف من تصريحات الوزير، وعبدالعاطى عطوان، المتشدد الذى لم ير أى فائدة فى المشروع كله، سواء خسر فاروق حسنى أو ربح. وبالطبع، انتهى الجدل دون الوصول إلى نتائج مفهومة.


دراما الوظيفة الدولية المرموقة تثير عشرات الموضوعات التى يليق بقنواتنا أن تهتم بها: لماذا يستجيب لإغوائها وزير ظل ما يقرب من الربع قرن، وما الثمن الذى يدفعه وسيدفعه من أجل الاقتران بها، والأهم، هل تستحق كل هذا العناء؟ وما شعور بطرس غالى حين قالت مادلين أولبرايت: نحن لم نطرده ولكن أشرنا له نحو باب الخروج فخرج، وهل للبرادعى أى درجة من الاستقلال عندما يكاد ينطق بكلمة حق فلا نسمع له حسا، بل محظور عليه التعرض لأسلحة إسرائيل النووية؟ فلننتظر ونسمع ونرى.


كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات