الآجل والعاجل فى الحوار الوطنى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 1:35 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الآجل والعاجل فى الحوار الوطنى

نشر فى : الأحد 5 يونيو 2022 - 8:25 م | آخر تحديث : الأحد 5 يونيو 2022 - 8:25 م

ما هو العاجل وما هو الآجل فى الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى ويفترض أن يبدأ قريبا؟

من الخطأ الشديد اعتقاد البعض أن مثل هذا الحوار يفترض أن يناقش كل مشاكل مصر، وأن يحلها بصورة فورية، وكأن هناك زرا يمكن أن يتم الضغط عليه، فتنحل كل المشاكل.
استمعت وشاهدت وقرأت للبعض وهم يقترحون مناقشة كل مشاكل مصر مرة واحدة فى هذا الحوار.

البعض بحسن نية يقول إن هذا الحوار ينبغى أن يناقش ليس فقط قضيتى التعليم والصحة. بل أن يجد لهما الحلول الفورية.
والبعض الآخر يقول إن الحوار الوطنى يفترض أن يجد حلا لمشكلة ارتفاع الأسعار، وعدم وجود فرص عمل كافية للجميع.

فى ظنى أن القضية العاجلة والأساسية هى ضرورة تحقيق أكبر قدر ممكن من التوافق الوطنى العام، بين النظام وبين بقية مكونات المجتمع من أحزاب وقوى سياسية ونقابات ومؤسسات وجمعيات وهيئات ومجتمع مدنى عام.
لو أننا توصلنا لهذه الصيغة فى نهاية هذا الحوار فى جولته الأولى، فربما نستطيع أن نبدأ بعده فى مناقشة تفصيلية للعديد من القضايا الأساسية التى تهم المجتمع.

مرة أخرى من حق الجميع أن يتحدثوا فى كل القضايا، ومن حقهم أن يقترحوا ما يعن لهم من أفكار. فالمجتمع فى حاجة إلى الحديث مع بعضه البعض، ومن حق الجميع أن يرسل كل ما يشاء من أفكار ومقترحات وآراء وحلول وتصورات ورؤى، لكن وحتى لا يتحول الأمر إلى «سوق عكاظ» أو «مكلمة» لا ينتج إلا الحكى والرغى فى كل شىء فينبغى أن ندرك أهمية وجود خريطة طريق واضحة لهذا الحوار تفضى إلى نتائج ملموسة على الأرض.
بالطبع هناك قضايا كثيرة مهمة مثل التعليم والصحة ودعم الصناعة والزراعة ومحاربة الإرهاب والتطرف وانتشار المخدرات بأنواعها وانهيار القيم على أكثر من صعيد، وتحسين الخدمات وقوانين اشتراطات البناء، ووقف التعدى على الأراضى الزراعية، وتسجيل الوحدات السكنية والمبانى، وتوفير فرص العمل وخفض الأسعار. لكن أظن أن معظم هذه القضايا موجودة معنا فى المجتمع منذ عقود طويلة، والمؤكد أنها مستمرة معنا بصورة أو بأخرى لسنوات، وبالتالى فلن تحل بين يوم وليلة، لكن الأهم أن نجد خريطة الطريق التى تساعدنا فى حل هذه القضية بعد انعقاد الحوار، وأتمنى أن يتحول الحوار إلى مؤسسة قائمة ومستمرة، وأن تنعقد جلساته بصفة دورية ولتكن مرة أو مرتين سنويا بحيث يتحول إلى مؤسسة قومية هدفها بحث معمق لكل المشاكل والأزمات واقتراح الحلول لها. لكن الأساس الآن هو أن تصل إلى صيغة نسمع بها بعضنا البعض، ونضع قواعد واحدة لهذا الحوار.

كان جيدا أن نعرف أنه سيتم تشكيل لجنة محايدة تدير هذا الحوار، وهى نقطة تحسب للقائمين على أمر الحوار والأكاديمية، حتى يطمئن الجميع إلى وجود الجدية والموضوعية، وكذلك التوصل لتوصيات قابلة للتحقيق.
أتمنى أيضا أن يتسع صدر القائمين على الحوار والمشاركين فيه لكل الآراء والعقبات والعراقيل التى سيحاول البعض فى الداخل والخارج أن يخترعها أو يروج لها، حتى يفشل الحوار.

حينما تنطلق عجلة الحوار الوطنى ونتوافق سياسيا أظن أنه سيكون منطقيا وقتها تشكيل لجان متخصصة لمناقشة كل قطاع على حدة من القضايا الآجلة والتى تحتاج لتصورات محددة، ووعى عميق بالبيانات والأرقام والموارد المتاحة والسياق العام لكل قضية، حتى لا يكون نقاشنا بلا فائدة.

كان جيدا أيضا من النظام أن يسجل بادرة حسن نية بالإفراج عن بعض المحبوسين وآخرهم يحيى حسين عبدالهادى قبل أيام قليلة، وأتمنى أن تستمر هذه الآلية، حتى يتم نزع أكبر قدر من الاحتقان، ويفرج عن الكثيرين طالما أن أيديهم لم تتلطخ بالدماء. مرة أخرى مشاكلنا كثيرة ولن تحل بين يوم وليلة، وسوف تحتاج وقتا، لكن المهم أن تكون هناك إرادة جادة من الجميع لإنجاح هذا الحوار الذى يمثل فرصة مهمة لتحصين صحة المجتمع وتقوية مناعته حتى يكون قادرا على التصدى لكل الفيروسات والميكروبات والأمراض والتهديدات المتنوعة التى تهاجم الجسد المصرى.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي